تواجه بنوك إسرائيل مخاطر متصاعدة جراء الحرب على غزة، وما تفرزه من زيادة مخاطر جيوسياسية وأمنية ومالية على الاقتصاد الإسرائيلي، مع زيادة حالة الغموض واللايقين بسبب تضرر الأنشطة المختلفة بما فيها الأنشطة المصرفية.
ويرى محللون أن القطاع المصرفي من المتوقع أن يواجه أزمات عدة في الفترة المقبلة منها أزمة القروض العقارية، أو قروض الإسكان في حال تمددت الحرب أو طالت مدتها حتى العام المقبل 2024.
وتعد قروض الإسكان صداعا رئيسيا وسط هروب عدد كبير من حملة الجنسيات المزدوجة من إسرائيل منذ بداية الحرب. كما سيواجه أزمة تتعلق بامتناع آلاف المقترضين عن سداد مديونيات عن قروض استهلاكية وقروض بطاقات ائتمان.
ووفق أرقام بنك إسرائيل المركزي هناك 117 ألف قرض مصرفي طلبوا تأجيل سداد ديون مستحقة للبنوك تبلغ قيمتها نحو 36 مليار شيكل، أي ما يعادل 13.3 مليار دولار خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وعلى الرغم من التحسن الذي طرأ على القطاع المصرفي الإسرائيلي في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلا إنه لا يزال يواجه عدم اليقين بشأن الحرب على غزة، متى ستنتهي وهل تتوسع، وكيف يكون وضع البلاد ما بعد الحرب؟
ويرى مصرفيون أن هذه العوامل المجهولة تلقي بظلالها على النشاط المصرفي في إسرائيل الذي يعد الأهم والأكبر بعد قطاع التقنية من بين مكونات الاقتصاد الإسرائيلي الذي يقدر حجمه بنحو 521 مليار دولار حسب بيانات صندوق النقد الدولي.
في هذا الصدد، ترى الخبيرة المصرفية الإسرائيلية التي شغلت في السابق منصب محافظ البنك المركزي الإسرائيلي، كارنيت فلوغ، في تحليل بموقع "سنترال بانكنغ"، نشر أمس الخميس، أن مستوى عدم اليقين لا يزال ضخماً في إسرائيل، لأن الكثير من المستقبل سيعتمد على ما إذا كانت الحرب سيتم احتواؤها ضمن جبهة واحدة في غزة، أو ما إذا كانت الأحداث في منطقة الحدود الشمالية يمكن أن تلتهب. وتقول إن بنك إسرائيل يواجه تحديات كبيرة خلال الفترة المقبلة.
ويمكن القول إن المخصصات الضخمة التي رصدتها المصارف الإسرائيلية لتغطية القروض المتعثرة والمشكوك في تحصيلها خلال الربع الجاري، أكبر دليل على عدم اليقين حول مستقبل تداعيات الحرب على قطاع المصارف وعودة الاستقرار السياسي في الكيان.
وكانت أسهم المصارف الإسرائيلية قد خسرت نحو 20% من قيمتها السوقية منذ عملية "طوفان الأقصى" وحتى الخامس والعشرين من أكتوبر، ولكنها تحسنت في شهر نوفمبر.
ولكن رغم التحسن، يلاحظ أن مؤشر البنوك الخمسة الكبرى خسر نحو 1.67 نقطة في تعاملات منتصف نهار أمس الخميس في بورصة تل أبيب حسب بيانات البورصة الإسرائيلية.
ومع إعلان المصارف الكبرى في إسرائيل عن أرباحها في الربع الثالث من العام الجاري، تبين أن بعضها حقق ارباحاً كبيرة، ولكن حسب بورصة تل أبيب، تراجعت أسهم المصارف الخمسة الكبرى أمس الخميس.
والبنوك الخمسة الكبرى في إسرائيل هي، بنك هبوعليم، ولئومي، وديسكونت والبنك الدولي الأول لإسرائيل ومزراحي تفحوط.
ويلخص محللون تحديات المصارف الإسرائيلية خلال ما تبقى من العام في أربعة نقاط رئيسية، وهي أولا: انخفاض الأرباح بسبب النفقات الكبيرة لخسائر الائتمان، خاصة الخسائر في قطاع قروض الإسكان الذي يعد من أكثر القطاعات تأثراً بتداعيات الحرب السالبة.
أما العامل الثاني فهو هروب المستثمرين الأجانب من أسهم البنوك الإسرائيلية وصفقاتها المالية.
في هذا الصدد يقول نائب رئيس الأبحاث في شركة "ليدر كابيتال ماركتس" ألون غليزر، لنشرة "غلوبس" العبرية، إن انخفاض قيمة الأسهم هو نتيجة لأمرين: الزيادة المتوقعة في المخاطر، وهذا العامل يدفع المستثمرين الأجانب لبيع أسهم البنوك.
ويضيف غليزر أن "هناك عاملا آخر يؤثر على القطاع المصرفي الإسرائيلي، وهو أن البنوك هي واحدة من القطاعات الوحيدة التي يوجد فيها استثمارات أجنبية كبيرة".
أما رئيس قسم أبحاث الأسهم في شركة بساجوت للأوراق المالية، ميكا غولدبرغ فيقول لنفس النشرة الاقتصادية، إن البنوك من بين القطاعات الأكثر انفتاحاً على المستثمرين الأجانب.
ومع ذلك، فهو يعزو أيضاً الانخفاضات الحادة إلى حقيقة أن أسهم البنوك هي من بين أكثر الأسهم سيولة في بورصة تل أبيب.
ويوضح قائلاً إن "النظام المالي هو الصناعة الأساسية والأكثر أهمية في تل أبيب من حيث التداول، كما أن المؤشر المصرفي هو أيضاً المؤشر الأسهل للدخول والخروج بالنسبة للمستثمرين".
في ذات الصدد، يقول كبير مسؤولي الاستثمار في شركة سيجما للاستثمار، عيدان أزولاي، إن البنوك هي نوع من المقياس للاقتصاد الإسرائيلي، "لذلك من المحتمل أن يكون هناك اعتدال كبير في نشاطهم في الفترة الحالية".
ومن بين البنوك التي أعلنت عن نتائجها أخيراً البنك الدولي الأول لإسرائيل، حيث بلغ صافي ربح البنك 455 مليون شيكل، بانخفاض 2.6% من 467 مليون شيكل في الربع المقابل من العام الماضي وبنسبة 22.5% عن الربع الثاني من عام 2023. وبلغ العائد على حقوق المساهمين 16%، وذلك حسب البيانات التي نقلتها نشرة "غلوبس" أمس الخميس.
ويرى البنك أن السبب الرئيسي لانخفاض الأرباح هو النفقات الكبيرة لخسائر الائتمان التي بلغت 165 مليون شيكل، أي أربعة أضعاف المبلغ الذي تم تخصيصه في الربع المقابل من العام الماضي والبالغ 43 مليون شيكل. وقال إن المبلغ الكبير المخصص لخسائر الائتمان يرجع إلى الحرب.