أكد تقرير اقتصادي صدر اليوم السبت، أن البيئة الحالية للاقتصاد الكلي العالمي مليئة بالتحديات، ومصحوبة بنظرة تشاؤمية مفرطة للفترة المقبلة، لكن "رغم التوقعات التشاؤمية، التي تغفل قوة القطاع الخاص الأميركي، ومرونة منطقة اليورو، وإعادة إحياء النمو في الصين؛ فإن تحقيق الهبوط السلس للتضخم ومعاودة النمو للارتفاع على المستوى العالمي لا يزال مطروحاً".
وأضاف التقرير الصادر عن بنك قطر الوطني "QNB"، أن عام 2022 كان مجهداً للمشاركين في السوق، حيث أصبحت الحقائق الصعبة بشأن ضعف النشاط، وارتفاع التضخم، والاستقطاب الجيوسياسي أكثر وضوحاً، وأدى ذلك إلى توقعات اقتصادية أكثر تشاؤماً، وحركات سلبية في أسعار الأصول.
وأشار التقرير الذي نشرته وكالة الأنباء القطرية "قنا" إلى تشاؤم معظم المحللين والمستثمرين من وضع الاقتصاد الكلي خلال الفترة المقبلة، ولا سيما بعد الخفض المتكرر للتوقعات، حيث توقعت وكالة "بلومبيرغ" تحقيق الاقتصاد العالمي نمواً ضعيفاً، نسبته 2.1% في 2023، وهو ما يمكن أن يوصف بأنه فعلياً في مرحلة "ركود"، إذا ما استخدمت عتبة صندوق النقد الدولي البالغة 2.5% لتعريف الركود العالمي.
ولفت التقرير إلى أن سلسلة الخفض السابقة أدت إلى تشاؤم مبالغ فيه بشأن مدى انخفاض توقعات النمو، ومع ذلك يتوقع تقرير البنك نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.6% في 2023، مع توسع الاقتصادات الكبرى بوتيرة أسرع مما يتوقعه المحللون، لأن الأحداث السلبية جرى استيعابها مع دخولنا في العام الجديد.
وذكر التقرير أن هناك 3 عوامل رئيسية تدعم موقفه بشأن أداء الاقتصاد العالمي في 2023، وتشمل هذه العوامل الولايات المتحدة، ومنطقة اليورو، والصين.
ففي الولايات المتحدة الأميركية، التي تعتبر أكبر اقتصاد عالمي، من المقرر أن يتراجع النمو لـ0.9% في 2023، من 1.5% في 2022، إلا أن الأداء لا يزال أقوى مما يتوقعه معظم المحللين.
ورغم استمرار تشديد السياسة النقدية، الذي من شأنه أن يرفع سعر الفائدة لدى البنك الاحتياطي الفيدرالي إلى 5.25 - 5.5% في الربع الأول من 2023، يتوقع أن يحافظ الاقتصاد الأميركي على مرونته، إذ يعتبر الاستهلاك جيداً، ويشكل 70% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، حيث تتمتع الأسر بمدخرات عالية، تقدر بنحو 15.8 تريليون دولار.
ويتوقع أن يستمر ذلك الاستهلاك في دعم المستويات الجيدة لإنفاق الأسر على الخدمات، وقوة أسواق العمل، وبالتالي سيدعم الاستثمارات المستمرة في القطاع الخاص، ما يضع حداً أدنى لمجمل نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وبالنسبة إلى منطقة اليورو، من شأن التباطؤ أن يتسارع أكثر ويتحول إلى ركود على مستوى المنطقة في النصف الأول من 2023، لكن يرجح أن يكون التباطؤ أقل شدة مما كان متوقعاً في السابق، خصوصاً أن أزمة الطاقة أقل حدة، بعد شتاء أكثر اعتدالاً حتى الآن، وآليات أكثر فعالية في توفير الطاقة، ومخزونات الغاز المرتفعة من الصيف الماضي.
وتوقع التقرير أن تعود الصين للواجهة كمحرك عالمي، بعد عام من ضعف النشاط، قدم فيه الاقتصاد الصيني أداءً ضعيفاً في الأرباع الأخيرة، بسبب السحب المبكر لسياسات التحفيز، وتصفير كوفيد، وتضييق الخناق على الأنشطة العقارية، وتشديد اللوائح التنظيمية للعديد من الصناعات، وزيادة الاستقطاب الجيوسياسي ضد أميركا.
وبيّن أن الصين تتأثر حالياً بـ5 محاور، هي سياسات مالية ونقدية أكثر دعماً، والتخلي التدريجي عن سياسة صفر كوفيد، ودعم القطاع العقاري المتعثر، وزيادة الوضوح التنظيمي عبر الصناعات، وعودة التقارب مع الولايات المتحدة، ومن شأن هذه المحاور أن تعيد إحياء النشاط الاقتصادي في البلاد، لذلك فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين سيرتفع إلى 5.5% في 2023.