يلقي بعض أكبر المستثمرين في العالم نظرة جديدة على سوق السندات التركية بعدما ابتعدوا عنها لفترة، لدرجة أنها يمكن أن تكون أكبر نقطة مضيئة العام المقبل في عالم الديون المحلية للدول الناشئة البالغة قيمته 8 تريليونات دولار.
ومع ذلك، فإن قليلين هم من يخاطرون حتى الآن رغم العائدات المرتفعة القياسية المعروضة، وفقاً لما أوردت شبكة "بلومبيرغ" الأميركية.
وبعد نحو نصف عام من إعادة صوغ السياسات الاقتصادية في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، يطالب مديرو الأموال، بمن فيهم شركة "أموندي" Amundi SA التي تدير تريليونَي دولار، تركيا باتخاذ خطوة أخرى على سلم أسعار الفائدة وربما السماح بعملة أضعف، لجعل سندات الليرة قابلة للاستثمار مجدداً.
وحتى بعد 5 زيادات متتالية، لا تزال تكاليف الاقتراض الرسمية أقل من معدل التضخم الذي يتوقعه البنك المركزي التركي بنهاية العام المقبل. وقد أشار صنّاع السياسات إلى احتمال حدوث المزيد من الزيادات في أسعار الفائدة لاحقاً.
ومن المحتمل أن تكون تدفقات السندات بمليارات الدولارات على المحك لخامس أكبر اقتصاد نام في العالم خارج آسيا.
ومع ارتفاع سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي بالفعل أكثر من 4 أضعاف إلى 35% منذ يونيو/حزيران الماضي، تتطلع شركة "أموندي" وشركات من أمثال "إيتاو أسيت مانجمنت" Itau Asset Management إلى زيادة أخرى تتراوح بين 5 إلى 10 نقاط مئوية، وهو مستوى يتوقع بعض الاقتصاديين أن يصل إليه فعلاً في هذا الربع.
في هذا الصدد، يقول رئيس قسم السياسة النقدية في البنك المركزي الأوروبي سكوت غريمبيرغ إنه "إذا تمكن صناع السياسات من الحفاظ على سعر فائدة عند نسبة 40% أو أعلى، وظلت الليرة مستقرة على نطاق واسع بضعة أشهر، وكانت هناك استمرارية للسياسة حتى عام 2024، فسوف تصبح سندات الليرة جذابة للغاية للمستثمرين الأجانب".
وتابع أنه "في ظل هذه الظروف، يمكن أن يصبح الدين المحلي لتركيا تجارة العام 2024 بالنسبة لمستثمري ديون الأسواق الناشئة".
تجدر الإشارة إلى أنه جرى تداول السندات الحكومية التركية لأجل 10 سنوات بفائدة نسبتها 28.4% حتى الساعة 11:46 صباحاً في إسطنبول اليوم الاثنين، بينما جرى تداول السندات لمدة عامين بفائدة 38.3%.
ولا يزال أمام الرئيس رجب طيب أردوغان الكثير من الأمور التي يتعين عليه القيام بها، بعد فترة طويلة من إلقاء اللوم على ما كان يسميه "لوبي أسعار الفائدة" في رفع تكلفة الاقتراض وتنظيم هجمات المضاربة ضد الليرة، وفقاً لـ"بلومبيرغ".
وكانت السندات الحكومية بالعملة المحلية هي الأسوأ أداء في الأسواق الناشئة منذ نهاية مايو/أيار. وبصرف النظر عن الارتفاع القصير في سبتمبر/أيلول والذي يُعزى إلى فروع المصارف التركية في الخارج، فإن التدفقات الداخلة إلى السوق كانت ضئيلة.
ويبقى أن انعكاس معنويات المستثمرين تجاه تركيا مشروط بزيادة سعر الفائدة إلى ما لا يقل عن هامش بين 40 و45%، إلى جانب ضعف الليرة، إلى سعر صرف هامشه بين 30 و33 ليرة مقابل الدولار، وفقاً للرئيس المشارك لديون الأسواق الناشئة في "أموندي" سيرجي ستريغو، الذي أشار إلى أن استقرار التضخم الذي يقترب الآن من 62% يعد أمراً بالغ الأهمية أيضاً قبل أن يقدم المستثمرون التزامات كبيرة.