"بلومبيرغ": الركود الأميركي يقترب رغم تجنب الإغلاق الحكومي

02 أكتوبر 2023
هل فشل البنك الفيدرالي في تحقيق الهبوط الآمن؟ (فرانس برس)
+ الخط -

في اللحظات الأخيرة، وقع الرئيس الأميركي جو بايدن قانون الإنفاق الذي اتفق عليه الحزبان الجمهوري والديمقراطي، وأقره الكونغرس بمجلسيه، لتتجنب الحكومة الأميركية إغلاقاً جديداً، إلا أن ذلك لم يفلح في إزالة سحب الركود، التي واصلت تراكمها في سماء الاقتصاد الأكبر في العالم، والتي زادت كثافتها بصورة ملحوظة خلال الأسابيع الأخيرة.

وفي تقرير تحليلي حديث، أشارت وكالة بلومبيرغ، إلى انتعاش الآمال خلال الصيف الماضي في تحقيق هبوط آمن للاقتصاد، حيث اتجه معدل ارتفاع الأسعار إلى الانخفاض، وظلت الوظائف وفيرة، وواصل المستهلكون إنفاقهم القوي. وقتها، عززت الثقة، على الأقل في بنك الاحتياط الفيدرالي، احتمالات القضاء على التضخم، دون الدخول في ركود.

ورغم ذلك، أشارت الوكالة إلى أن التوصل إلى اتفاق لتجنب إغلاق الحكومة، على النحو الذي تم يوم السبت الماضي، يمكن أن يؤدي إلى خطر مباشر أبعد قليلاً في المستقبل.

وأوضحت "بلومبيرغ" أن الإضراب الكبير في قطاع صناعة السيارات، واستئناف سداد القروض الطلابية، والإغلاق الذي قد يعود بعد انقضاء اتفاق الإنفاق المؤقت، من الممكن أن تؤدي جميعها بسهولة إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي بمقدار نقطة مئوية في الربع الرابع الذي بدأ عملياً اليوم الإثنين.

أضف هذه الصدمات إلى القوى الأخرى التي تؤثر على الاقتصاد، من تضاؤل المدخرات في فترة ما بعد الوباء، إلى ارتفاع أسعار الفائدة، كما أسعار النفط مؤخراً، فقد يكون التأثير المتوقع كافياً لدفع الولايات المتحدة إلى الانكماش، قبل نهاية العام الحالي، كما تقول الوكالة.

ويعاود ملايين الأميركيين هذا الشهر سدادهم لأقساط القروض الطلابية، بعد انتهاء فترة التجميد المرتبطة بوباء كوفيد 19، والتي استمرت لثلاث سنوات ونصف. ومن الممكن أن يؤدي استئناف المدفوعات إلى خفض 0.2% إلى 0.3% أخرى من النمو السنوي في الربع الرابع، وفقاً لتقديرات محللي "بلومبيرغ".

ويعد الارتفاع المفاجئ في أسعار النفط الخام، والذي يصل أثره لجيب كل أسرة أميركية، أحد المؤشرات القليلة الموثوق بها التي تشير إلى أن الانكماش قادم، حيث ارتفعت أسعار النفط بنحو 25 دولارًا من أدنى مستوياتها خلال الصيف، لتتجاوز 95 دولارًا للبرميل من خام برنت.

وأدت عمليات البيع في شهر سبتمبر إلى دفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى له منذ 16 عامًا، متجاوزاً معدل 4.6%، كما أدت تكاليف الاقتراض المرتفعة، التي استمرت بالفعل لفترات تجاوزت ما كان متوقعتاً لها عند بداية العام، إلى دفع أسواق الأسهم إلى التراجع بصورة واضحة. وتُعرض معدلات الفائدة المرتفعة تعافي قطاع الإسكان للخطر، كما تزيد من صعوبة اتخاذ قرار الإنفاق الاستثماري لدى الشركات. 

ويرى محللو "بلومبيرغ" أن هناك احتمالية لتسبب أزمات الاقتصادات الأخرى في إعاقة النمو الاقتصادي الأميركي، في وقتٍ يغرق فيه الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، في أزمة ديون شركات التطوير العقاري، وينكمش فيه الإقراض في أوروبا بوتيرة سريعة، في علامة على استمرار تباطؤ معدلات النمو في البلاد.

وأدى الاتفاق الأخير في الكونغرس لإبقاء الحكومة مفتوحة، ولكنها قريبة من منطقة الخطر، حتى السابع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني. ولو استمرت الخلافات، فقد يلحق المزيد من الضرر بأرقام الناتج المحلي الإجمالي للربع الحالي.

وتقدر "بلومبيرغ إيكونومكس" أن كل أسبوع من الإغلاق يستهلك حوالي 0.2 نقطة مئوية من نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي، مع صعوبة استرداد كل ما يتم فقده عند إعادة التشغيل.

وعلاوة على ذلك، فإن المدخرات الإضافية التي جمعها الأميركيون في ظل الوباء، بفضل شيكات التحفيز، قد بدأت تنفد. وهناك جدل كبير حول هذه النقطة، لكن البنك الفيدرالي في سان فرانسيسكو قدر زوالها تماماً بحلول آخر سبتمبر/أيلول، الذي انتهى قبل يومين. وتظهر حسابات "بلومبيرغ" أن 80% من السكان لديهم أموال نقدية حالياً تقل عما كان لديهم قبل كوفيد.

وبينما يمثل هذا التحليل أسباباً وجيهة للحذر، يظل الهبوط الآمن ممكناً، ولكن اعتبرت "بلومبيرغ" أن الاحتمال الأكثر ترجيحاً هو أن يتسبب التأثير المشترك لرفع أسعار الفائدة من قبل البنك الفيدرالي، وإضرابات صناعة السيارات، واستئناف سداد قروض الطلاب، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النفط، والتباطؤ العالمي، في دخول الاقتصاد الأميركي في ركود، في وقتٍ قريب.

المساهمون