بعد نجاح الموز.. مزروعات جديدة تدخل شمال غربي سورية

01 مارس 2024
محاولات زراعية مستمرة لتنويع المحاصيل بعد نجاح تجربة الموز (عمر حاج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

نجح مزارعون ومهندسون زراعيون، شمال غربي سورية، في إدخال مزروعات جديدة بهدف تنويع المحاصيل والوصول إلى اكتفاء ذاتي في بعض المنتجات، وبهدف عدم إغراق الأسواق بالمنتجات التقليدية، وذلك في ظل إغلاق الأسواق الخارجية أمام تصدير منتجاتهم المحلية.

وتصاعد هذا التوجه بعد الحد من تصدير القمح والزيت وغيرهما من المحاصيل التي تشتهر بها المنطقة. فبعد نجاحهم في زراعة الموز، نجحوا في إدخال مزروعات أخرى، مثل البروكلي والكيوي ورأس التنين غيرها.

في هذا الصدد، يقول المزارع من مدينة دركوش نعمان قريش، لـ"العربي الجديد"، أنه "بعد إدخال زراعة الموز ونجاحها، نقوم الآن بإدخال مزروعات جديدة وتجربتها في أراضي مدينة إدلب وريفها، بعد تهيئة التربة وإدخال بعض أنواع الشتل لمزروعات لم يسبق أن زرعت في المنطقة، مثل ثمرة الكيوي ورأس التنين والبروكلي وغيرها".

وقال المزارع ذاته: "أجرينا عليها عدة تجارب ودراسات، ووجدنا أن الأرض والتربة والمناخ مناسبة لزراعة العديد من الأصناف الجديدة. فقمت بزراعة الكيوي حالياً، لأن نبات الكيوي يحتاج إلى جو شبه ساحلي صيفي معتدل الرطوبة، وشتاء معتدل لا يوجد فيه برد أو صقيع، فهذه النبتة تتحمل إلى درجة حرارة 7 درجات مئوية، وحتى الصفر، ولكنها تتأثر بالصقيع، والرياح القوية تؤثر على الشجرة وتكسر أغصانها. ومناخ مدينة دركوش تتوفر فيه كل هذه الشروط، بالإضافة للتربة الخصبة".

وتابع: "هذه النبتة مثل غالبية النباتات، قد تتعرض لأمراض تصيب الجذور والأزهار والثمار، ويعتبر من أخطر هذه الأمراض الفطر Armillaria root rot. فوجوده في التربة يؤدي إلى موت النباتات بشكل كامل، حيث يتعذر بعدها الزراعة في التربة المصابة إلا بعد تعقيمها".

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وعن مصدر نبتة الكيوي، يقول المزارع أنه "تُستورد نبتة الكيوي من دولة الجوار تركيا. أما بالنسبة لتصريف المحصول فهو كمرحلة بدائية في مرحلة التجربة وقيد التطوير، وإن نجحت تماماً فسوف نقوم بزراعتها في بيوت بلاستيكية ونطور هذا المشروع لمشروع أكبر ليصبح لدينا اكتفاء ذاتي وغير مستورد من الخارج، سواء بالنسبة للثمار أو بالنسبة للغراس".

وتابع قريش أن "هناك إقبالا كبيرا على زراعتها بعد التجارب التي حصلت في منطقتنا، فأي زراعة جديدة تأخذ وقتها ريثما يجرى تحليل التربة والمواد العضوية ودراسة احتياجاتها وأمراضها، وأي أمر يساعد على زراعتها".

وعن الصعوبات التي يواجهها المزارعون، قال إن "استيراد نبتة الكيوي مكلف باعتبارها تأتينا عن طريق التجار، لذلك تزيد من كلفتها لتصل إلى المستهلك، إضافةً إلى تلاعب التجار بالأسعار، فقد بلغت تكلفة الشتلة (النصبة) الواحدة 10 دولارات، وكل نصبة تأتي ثنائية مذكر ومؤنث، كما نعاني في بعض الأحيان من أنهم لا يرسلون لنا الاثنتين معا، بل الشتلة المؤنثة فقط، لذلك لا تنتج النبتة، كما أنها تأتينا من نوع ثان أو ثالث ليس إكسترا، وليس نوعاً أول".

البيوت البلاستيكية تساهم في إنجاح مزروعات جديدة في سورية

وتابع: "نحن نمتلك تربة خصبة، ولدينا أيد عاملة، ومناخ مناسب، وهمة عالية، نحتاج من الجهات المعنية فقط أن تكون هناك رقابة على استيراد وإدخال النصب والأسمدة وإيصالها بأسعار مناسبة لنزرعها في أراضينا ونكتفي ذاتياً، وننمي المنتجات في المحرر. كما أن ضعف الإمكانيات المادية يجعلنا نقصر في تأمين البيوت البلاستيكية للمزروعات وعدم استيراد شتل لإدخال أصناف جديدة".

وأضاف قريش أن "الكيوي فاكهة غالية الثمن بالنسبة للمستهلك، ولا يستطيع شراءها، في ظل التدهور الاقتصادي الحالي وارتفاع الأسعار وقلة فرص العمل، إذ إن المستهلك لا يتمكن من شراء سوى الخبز والخضراوات الضرورية من أجل المعيشة، إذ يتراوح سعر الكيلو الواحد بين 20 و30 ليرة تركية".

وأشار إلى نية إكثارها وتشتيلها محلياً، مع الاستغناء عن استيراد الغراس من خارج سورية، متابعاً: "نحن قريباً سوف ندخل زراعة الدراغون فروت (رأس التنين)، التي نجري عليها تجاربنا حالياً، وهذه النبتة تعتبر من الشوكيات الرهيفة، لأنها حساسة للفطريات، وهناك منها الأصفر والأحمر والأبيض، لكن هذه النبتة تحتاج إلى بيوت بلاستيكية لتنتج أفضل وتحميها من الصقيع وهي مكلفة ماديا. هذا ما يؤخر زراعتها حالياً".

بدوره، أكد مسؤول مكتب الزراعة في دركوش المهندس الزراعي عبد القادر حميدي، لـ"العربي الجديد"، أن "الكيوي شجيرة متسلقة مثل العنب ثنائية المسكن، تحتاج إلى وجود شجيرات أنثوية وأخرى ذكرية، وأن المناخ المناسب لزراعة الكيوي هو المناخ الحار والرطب، بالنسبة للتربة، تحتاج إلى تربة خصبة جيدة الصرف والتربة في المنطقة بشكل عام مناسبة لها، ويمكن أن تنجح في حال كانت الأصناف ملائمة لمثل مناخنا في ريف إدلب".

وعن أهم الصعوبات التي تعترض هذا التوجه، قال حميدي إن "هذه الزراعة جديدة، ونحن لا نعرف ما إذا كانت الأصناف المستوردة جيدة أم لا. ومن الصعوبات أيضاً، قلة الخبرة المتوفرة في خدمة هذه الزراعات والأمراض ومتطلبات البيئة والخدمات الأساسية".

البروكلي.. غذاء "مجهول" أمل للمزارعين السوريين

على صعيد آخر، قال وليد حاج حمدان، المزارع من مدينة بنش، لـ"العربي الجديد": "أدخلنا زراعة البروكلي هذه السنة إلى مناطق سيطرة المعارضة، وهي نبتة لها فوائد عظيمة، لكنها مجهولة بالنسبة لغالبية الشعب، لذلك تنطوي زراعتها على مجازفة، لأنها مجهولة النتائج، سواء بالنسبة للزراعة أو بالنسبة للتصريف".

وأضاف أن "البروكلي نبتة شتوية تزرع في الشهر التاسع وتحتاج إلى مناخ بارد، لأنها تتأثر بأشعة الشمس فتكبر أكثر من اللازم، ويفتح زهرها فتصبح غير مرغوبة، وتسمى هذه المرحلة شيخوخة النبات. البروكلي نبات متجدد، ليس مثل القنبيط، فهو يعطي باستمرار كل ما قطفت الثمار تطرح ثماراً جديدة".

وتُستورد نبتة البروكلي بسعر 4 أو 5 دولارات للنبتة الواحدة، فيما يُباع الكيلو بسعر بين نصف دولار ودولار ونصف، ريثما يعتاد عليها المستهلك.

وعن المخاطر، قال حاج حمدان: "تعد تجربة زراعة البروكلي أول مرة صعبة وخطيرة، وتعتبر مجازفة لأنها مجهولة. كنا سنزرع فقط في مساحة 100 متر، لكن عندما قمنا بتشتيل النبتة في مشاتل ونبتت كل البذور بنسبة نجاح من 90 إلى 95% تقريباً، عملنا على توسيع المساحة وزراعة 8 دونمات".

المساهمون