بعد أداء قياسي في 2021... نمو اقتصاد بريطانيا يهدده الغلاء والحرب

11 مارس 2022
قد يتراجع النمو إلى 3.3% هذا العام و0.8% العام المقبل (Getty)
+ الخط -

بعد انتعاش قياسي عام 2021 ونمو الناتج المحلي الإجمالي البريطاني 0.8% في يناير/ كانون الثاني المنصرم، أصبح الاقتصاد ومستويات المعيشة بين الأُسر مهددة بسبب الحرب في أوكرانيا التي تغذي التضخم المتصاعد، مع تعرّض وزير المال ريشي سوناك لضغوط لكي يتحرّك.

ومع أن الانتعاش القياسي العام الماضي تخلله انخفاض بنسبة 0.2% في ديسمبر/ كانون الأول بسبب تفشي المتحورة أوميكرون والقيود الصحية، حسب ما أفاد به الجمعة مكتب الإحصاءات الوطني، فقد أدت عودة الزبائن إلى المتاجر والمطاعم إلى إنعاش العجلة الاقتصادية عموما. لكن رغم الأداء الأفضل من المتوقع، برأي الاقتصاديين ستشهد البلاد تباطؤًا في النمو بسبب ارتفاع الأسعار الذي سيُلقي بثقله على الطلب.

وقال سوناك في بيان: "نعلم أن غزو أوكرانيا من قبل روسيا يؤدي إلى عدم استقرار اقتصادي مهمّ، وسنستمرّ بمراقبة تأثيره على المملكة المتحدة". لكنه شدّد على أنه "من الضروري أن نكون إلى جانب الشعب الأوكراني للدفاع عن قيمنا المشتركة للحرية والديمقراطية".

وكان سوناك قد أعلن، في مطلع فبراير/ شباط، عن مساعدات بقيمة 9 مليارات جنيه إسترليني لمساعدة الأكثر حاجة لدفع فواتير الطاقة المستمرّة بالارتفاع، لكن قد يبدو ذلك غير كافٍ.

ويتّفق المحللون على أن التضخم سيتجاوز بسهولة أحدث تقديرات بنك إنكلترا المركزي الذي توقّع ذروة 7.25% في إبريل/ نيسان، فيما قد يصل مستوى التضخم إلى 8.7%، حسب ما يفيد به مركز البحوث الاقتصادية والأعمال "سي ايه بي آر"، ما قد يُخفض مستوى معيشة البريطانيين بشكل كبير هذا العام بمعدّل 2553 جنيها إسترلينيا (أكثر من 3000 يورو) للأسرة الواحدة.

وبحسب معهد الدراسات المالية (آي اف اس)، يواجه وزير المال الذي يدعو إلى التقليدية في الموازنة بعد الإنفاق الكبير الذي تسببت به الأزمة الصحية، معضلة بين إنفاق واقتراض مليارات إضافية أو ترك الأُسر تواجه صدمة على دخلها هي ربما الأكبر منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي.

وسيُلقي سوناك في 23 مارس/ آذار "خطاب الربيع" وهو نوع من العرض الصغير لموازنة الدولة أمام البرلمان، فيما يعتبر كبير الاقتصاديين في "كابيتال إيكونوميكس" بول ديلز أن الحكومة قادرة على تحمّل المزيد من الاقتراض لتخفيف الضربة على القوة الشرائية للأسر، مشيرًا إلى أن المملكة المتحدة التي تُنتج الهيدروكربونات أقل اعتمادًا على منتجات الطاقة من روسيا مقارنةً بباقي دول أوروبا.

لكنه يرى أن الأُسر ستشعر فورًا، بعد خطوة مماثلة، بـ"الضرر الذي يلحق بالدخل الحقيقي المتوفّر للأسر" بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والزيادات الضريبية المقرر حصولها في إبريل/ نيسان.

وتعتبر الخبيرة الاقتصادية في شركة "كي بي أم جي" يائيل سلفين أن "دينامية النمو سيُعرقلها ربما النزاع في أوكرانيا، مع أسعار مواد أولية مرتفعة أكثر ومتقلّبة أكثر وشحّ في المواد الأساسية التي تؤثّر على الإنتاج والتي تؤدّي إلى ازدياد التضخم".

وقد يتراجع النمو إلى 3.3% هذا العام و0.8% العام المقبل بحسب قولها، ما يشكّل ضربة للاقتصاد البريطاني الذي وصل النمو فيه إلى 7.5% في العام 2021 (أقوى زيادة مسجّلة بين اقتصادات دول مجموعة السبع) بعد انكماش تاريخي بلغت نسبته 9.4% قبل عام بسبب جائحة كورونا، وهو أقوى تراجع مسجّل بين اقتصادات دول مجموعة السبع.

لكن مركز البحوث الاقتصادية والأعمال "سي ايه بي آر" متشائم أكثر، إذ اعتبر أن "ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع الاستهلاك والتصدير بسبب العقوبات على روسيا" قد يؤدّيان إلى تراجع النمو إلى 1.9% هذا العام وإلى صفر في العام المقبل. ورفع مصرف إنكلترا أسعار الفائدة مرتين منذ نهاية العام 2021 في محاولة لتهدئة التضخم، ويتوقع الاقتصاديون رؤيته يتحرّك مرة أخرى الأسبوع المقبل.

(فرانس برس)

المساهمون