انطلقت أعمال بعثة البنك الدولي التي تزور مصر حالياً بعقد عدد من اللقاءات مع الجهات الحكومية، لبحث محاور التعاون الفني مع الحكومة بشأن تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة، والاستفادة من أفضل الممارسات الدولية في إدارة الأصول المملوكة لها، وتمكين القطاع الخاص وتعزيز دوره في تحقيق التنمية الشاملة.
وقال مجلس الوزراء، اليوم الأربعاء، إن مصر إحدى الدول المؤسسة للبنك الدولي، وثالث أكبر مساهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مضيفاً أن البنك هو أحد أهم شركاء التنمية للدولة المصرية، حيث يعود تاريخ التعاون بينهما إلى عام 1959.
وتأتي زيارة بعثة البنك لمصر في وقتٍ يلتقي وزير ماليتها محمد معيط ووزيرة التعاون الدولي رانية المشاط، ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين في العاصمة الأميركية واشنطن.
وفي وقت متأخر من يوم الثلاثاء، عبرت الوزيرة الأميركية عن دعم الولايات المتحدة لجهود تعزيز الاقتصاد المصري وإصلاحاته.
وتعاني مصر من ارتفاع مستويات الديون الخارجية، وتضررت بشدة من الحرب في قطاع غزة التي تهدد بتعطيل حجوزات السياحة وواردات الغاز الطبيعي، ومن الهجمات الأخيرة على السفن العابرة للبحر الأحمر.
وتعثر برنامج قرض قيمته ثلاثة مليارات دولار كانت مصر اتفقت عليه مع صندوق النقد في ديسمبر/ كانون الأول 2022 بعد عدم سماحها بتعويم عملتها بحرية أو إحراز تقدم في بيع أصول الدولة.
وأرجأ الصندوق صرف نحو 700 مليون دولار كانت متوقعة في 2023، لكنه قال في ديسمبر/ كانون الأول إنه يجري محادثات لتوسيع البرنامج نظرا للمخاطر الاقتصادية الناجمة عن الحرب بين إسرائيل وغزة.
ولم توضح المؤسسة المالية الدولية ما إذا كانت السلطات المصرية ستجتمع أيضا مع مسؤوليها خلال زيارتهم لواشنطن.
وتستمر أعمال بعثة البنك الدولي في مصر حتى نهاية الأسبوع الجاري، واستهلت أعمالها بعقد ورشة عمل في وزارة التعاون الدولي لمناقشة وبحث أهم الملامح العامة لتعزيز الجهود المشتركة بين مصر والبنك الدولي، بما يعظم الاستفادة من أصول الدولة، في ضوء جهود الدعم الفني المقدم من البنك، بالإضافة إلى مناقشة رؤية الحكومة بشأن تنفيذ وثيقة سياسة الملكية، وتعزيز دور القطاع الخاص.
وتطرقت الورشة إلى أفضل الأدوات والبرامج التمويلية المقدمة من البنك الدولي إلى مصر، في حضور المدير الإقليمي لمصر وجيبوتي واليمن بالبنك ستيفان جمبرت، وكبير الاقتصاديين بالمكتب القطري للبنك في مصر مارك أهيرن، ومستشار رئيس الوزراء المصري لشؤون الطروحات محمود السقا، وممثلي عدد من الوزارات والجهات المصرية المعنية.
كما عقدت بعثة البنك ورشة عمل في وزارة المالية حول سياسة توزيع الأرباح للمؤسسات المملوكة للدولة، وأهميتها في تنفيذ الوثيقة، واستعراض أهم المؤشرات الاقتصادية للاقتصاد المصري، والإيرادات غير الضريبية من الشركات المملوكة للدولة، وكذلك إحدى التجارب الدولية في تطبيق سياسة توزيع الأرباح، وتحقيق عوائد في العديد من قطاعات الدولة.
وشهدت الورشة استعراضاً حول كيفية تعظيم الإيرادات غير الضريبية من الشركات المملوكة للدولة، ودور وزارة المالية في كيفية إعادة استثمار الأرباح لتلك الشركات، تمهيداً لعقد بعثة البنك عدداً آخر من اللقاءات الفنية وورش العمل مع الجهات الحكومية المصرية، من بينها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء.
وحسب بيان للحكومة، يتكامل البرنامج الجاري بحثه مع البنك الدولي مع دور مؤسسة التمويل الدولية، التي تعمل مستشاراً لبرنامج الطروحات الحكومية المصرية، الهادف إلى تحفيز جهود جذب الاستثمارات وتعزيز التعاون الفني والمعرفة لإدارة الأصول المملوكة للدولة، وتوسيع قاعدة مشاركة القطاع الخاص في التنمية، ورفع معدلات النمو الاقتصادي، وتوفير فرص متنوعة لوجود القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية.
وأشار البيان إلى تمويل البنك الدولي 175 مشروعاً تنموياً لمصر على مدى 65 عاماً، بقيمة إجمالية بلغت 26 مليار دولار تقريباً في العديد من القطاعات الهامة، من بينها البنية التحتية، ورأس المال البشري، وإصلاحات القطاع العام، وتقديم الخدمات، وتنمية القطاع الخاص.
ورجح البنك الدولي أن يؤدي الصراع المندلع ﻓﻲ الشرق الأوسط (عملية طوفان الأقصى) إلى تفاقم مشكلة التضخم في مصر، وتقييد نشاط القطاع الخاص، وزيادة الضغوط على حساب المعاملات الخارجية، بسبب تراجع عائدات السياحة وتحويلات المصريين في الخارج.
وتشير تقديرات البنك إلى تباطؤ النمو في مصر خلال السنة المالية المنقضية (من يوليو/ تموز 2022 إلى يونيو/ حزيران 2023)، بسبب القيود التي فرضتها السلطات على الواردات، وتراجع القوة الشرائية للأسر، وتباطؤ نشاط الشركات وأنشطة الأعمال.
ويدرس البنك الدولي تمويل 7 مشروعات في مصر بنحو 1.5 مليار دولار، خلال العام المالي الجاري (2023-2024)، علماً بأن البلاد تعاني من أزمة شح دولار متفاقمة منذ عامين، دفعتها إلى تخفيض عملتها ثلاث مرات في الفترة من مارس/ آذار 2022 إلى يناير/ كانون الثاني 2023، ما أدى إلى تراجع قيمة الجنيه الفعلية من 15.70 إلى 53.50 جنيهاً للدولار في السوق الموازية، مقابل نحو 30.95 في السوق الرسمية.
وسرعت الحكومة المصرية عملية بيع الأصول، في مسعى منها لمواجهة أزمة النقد الأجنبي، وتنفيذ أحد شروط برنامج الإصلاح الاقتصادي للحصول على قرض صندوق النقد الدولي، البالغ ثلاثة مليارات دولار (قابلة للزيادة).
ومصر مطالبة بسداد 42.3 مليار دولار، من أقساط الدين الخارجي والفوائد المستحقة في العام 2024 وحده، وفقاً لأحدث تقارير البنك المركزي المصري.
يُذكر أن الدين الخارجي المصري ارتفع إلى 165.4 مليار دولار في نهاية الربع الثالث من السنة المالية 2022-2023، أواخر مارس/ آذار الماضي، مقابل 162.9 مليار دولار بنهاية الربع الثاني من السنة ذاتها، في ديسمبر/ كانون الأول 2022، و145.5 مليار دولار بنهاية العام 2021.