حينما تفشى فيروس كورونا في الولايات المتحدة قبل أكثر من عام، أدرك الموظفون أنهم سيقسمون إلى فئتين، قسم سيعمل من المنزل وآخر سيضطر للحضور إلى مركز العمل رغم مخاطر التعرض للإصابة بوباء كوفيد-19.
وكان مات فالنتين من العاملين في الخطوط الأمامية، في الأشهر التي أعقبت تفشي الوباء، تحول مقهى ستارباكس الذي كان يعمل فيه في مونرو بولاية ميشيغن فجأة من مكان مزدحم إلى مكان موحش.
ويقول مات (21 عاماً) "تحولت وظيفتي من تلقي الطلبات وإعدادها في أسرع وقت ممكن إلى القيام بكل هذا دون نقل الفيروس القاتل إلى المنزل ليصاب به أحد الأفراد الضعفاء في عائلتي".
وفي الذكرى السنوية الأولى لظهور الوباء في الولايات المتحدة الذي أحدث تحولاً جذرياً في أنشطة كل فرد، يقول الأميركيون الذين استمروا في التوجه إلى أماكن عملهم إنهم مروا بسنة من المخاوف والشكوك، تلاها بصيص أمل.
وتقول جولي مان القابلة في مستشفى خارج بوسطن: "لم تكن لدينا معدات حماية شخصية ولا حتى فحوص لكشف الإصابة. لم نكن نعرف من كان مصاباً بالفيروس ومن لم يكن".
يد عاملة منقسمة
وفقد ملايين الأشخاص وظائفهم بعد إغلاق المؤسسات مع اشتداد تفشي الوباء في منتصف مارس/ آذار 2020.
وبين الأفراد الذين حافظوا على وظيفتهم كان الانقسام واضحاً بين من استطاع العمل من المنزل ومن كان من المستحيل عليه القيام بذلك، ما مثّل أول شرخ سببه الوباء الذي ساهم أيضاً في تعميق التفاوت في الولايات المتحدة.
وأظهرت دراسة أجرتها جامعة سان فرانسيسكو أن معدل وفيات البالغين في سن العمل ارتفع بنسبة 22% خلال تفشي الوباء في كاليفورنيا، مع معدلات أعلى في صفوف العاملين في "الخطوط الأولى" مثل قطاعات الغذاء والزراعة والنقل والخدمات اللوجستية.
واضطر أكثر من نصف العاملين السود والإسبان والأميركيين الأصليين إلى الحضور إلى مراكز عملهم أثناء الجائحة، مقارنة بـ41% فقط من العاملين البيض، وفقاً لدراسة أجراها معهد "اربان انستيتيوت" للأبحاث.
وتقول ليزا دوباي الخبيرة في هذا المعهد "يعكس ذلك نماذج متأصلة في مجتمعنا لناحية تقدير الأفراد والرواتب التي ندفعها للأشخاص ومن لا يتلقى راتباً".
لا تواصل
في مستشفى امونت اوبرن في كامبريدج (ماستشوسيتس) واجهت الطواقم الطبية أسبوعين مرعبين عندما اضطر الأطباء بسبب نقص في معدات الوقاية إلى اتخاذ قرار بإعادة استخدامها.
وتقول جولي مان إنّ تهديد الفيروس ساهم أيضاً في تعقيد عمل القابلات، فكيف تتواصل مع مريض عندما ترتدي كمامة ونظارات وملابس تشبه "بدلة الفضاء". وأسفت لأن يكون الوباء حرمها من التواصل مع مرضاها.
فضلاً عن ذلك، أُثيرت علامات استفهام بشأن كيفية التعامل مع ولادة رضيع والدته مصابة بفيروس كورونا وعليها البقاء في الحجر الصحي، لأنه "إذا كنت تريد تجنب أي خطر عليك عزل نفسك كلياً عن الطفل. لا أعرف والدة قبلت القيام بذلك".
ومقهى ستاربكس الذي كان يعمل فيه مات فالنتين فرض على الزبائن ارتداء الكمامات، وهو من القيود التي لم تطبّق في المنطقة المحافظة التي يقيم فيها.
وقدم المقهى كمامات مجانية لكن البعض وضعها بطريقة خاطئة ثم انتزعها فور الخروج منه، فيما لم تكلف عائلات بأكملها نفسها عناء وضعها.
ويخشى الطالب من أن يضطر للانتظار لأسابيع قبل أن يأتي دوره لتلقي اللقاح.
ويختتم مات قائلاً "أشعر بإحباط شديد لأن وظيفتي التي كانت يوماً تعد من الوظائف الأساسية باتت الآن ثانوية" في حملة التطعيم.
(فرانس برس)