بريق الذهب ينطفئ

05 اغسطس 2015
محل للذهب في السعودية (أرشيف/Getty)
+ الخط -

لم يعد السؤال الأبرز حالياً عن إفلاس اليونان أو عدمه، ولا عن أزمة استمرار تهاوي أسعار النفط، أو حتى عن تقشف الخليج وتأثيرات ذلك على العمالة العربية داخل هذه الدول، بل بات عن اتجاهات أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة.

ومع هذا السؤال تتفرع أسئلة فرعية قد لا تقل أهمية عن السؤال الرئيسي منها: هل تتراجع أسعار الذهب خلال الشهور القادمة؟ ومتى؟ وما هو الوقت المناسب للتخلص من الذهب الذي بحوزتنا؟ وهل نسارع بالبيع حتى لا نتعرض لخسائر كما جرى قبل سنوات، أم ننتظر ربما تتحسن الأسعار ويصبح التراجع الحالي مؤقتاً؟ وهل نتوقف عن الشراء في الوقت الحالي؟

الأسئلة لها مناسبتها، إذ شهدت أسعار الذهب تراجعاً خلال الفترة الماضية، وتحديداً في الشهر الأخير، فيوم 31 يوليو/تموز الماضي على سبيل المثال تراجع السعر إلى أدنى مستوياته في خمس سنوات ونصف، كما شهد السعر أطول موجة هبوط من نوعها منذ عام 1999.

ويوم الثلاثاء، تراجعت أسعار الذهب من أعلى مستوياتها خلال التعاملات مع صعود الدولار وتأكيد عضو مجلس ادارة بمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) بأنه يميل إلى تأييد رفع أسعار الفائدة الأميركية الشهر القادم.

كما أن هناك توقعات قوية باستمرار تراجع أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة مع قرب رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي" سعر الفائدة على الدولار، ووجود مؤشرات على تحسن الاقتصاد الأميركي، وربما يصاحب هذه الخطوة توجه بنوك مركزية عالمية كبرى نحو بيع جزء من احتياطياتها من الذهب لشراء عملات رئيسية منها الدولار، أو شراء أدوات دين ذات أسعار فائدة عالية ومضمونة من حكومات الدول الثمانية الكبرى، ومن أبرز هذه الأدوات السندات التي ستتأثر برفع الفائدة على العملة الأميركية.

هذه التطورات وغيرها تمثل قلقاً لحائزي المعدن الأصفر، بخاصة أن الذهب بات يمثل سلعة مهمة للجميع، سواء للدول وبنوكها المركزية، حيث يتم استخدامه في تكوين احتياطيات النقد الأجنبي، بل، ويعد أحد أبرز الأدوات الاستثمارية إلى جانب الدولار، ومهم للمستثمرين الذين يضاربون عليه لتحقيق أرباح رأسمالية أو ضمان الحفاظ على قيمة استثماراتهم وعدم تعرضها لخسائر.

كذلك يمثل الذهب أهمية قصوى للفرد العادي، حتى وإن كان فقيرا، حيث يعتبره كثيرون مخزناً للقيمة وأماناً لهم من غدر الزمان وتآكل المدخرات وتقلبات أسعار العملات وتدني أسعار الفائدة سواء على عملتهم المحلية أو حتى العملات الرئيسية التي يدخرون أموالهم بها، إضافة الى كونه زينة وتفاخراً اجتماعياً تزداد الحاجة له في أوقات الخطوبة والزواج ويتم بيعه وقت الحاجة.

بل إن العديد من الأسر العربية باتت تخزن الذهب في شكل سبائك، أو قطع نقدية، كوسيلة للتحوط ضد ارتفاع الأسعار والتضخم، أو تفادياً لانخفاض قيمة العملات المحلية وتآكلها، وكذا ضد الاضطرابات الاقتصادية الأخرى، حيث إنه كلما زادت مخاطر أسواق المال والبورصات والصرف والفائدة مثلاً كلما احتمى المستثمرون والأفراد بالذهب، وكلما زادت المخاطر الجيوسياسية كلما احتمت البنوك المركزية والمؤسسات المالية وصناديق الاستثمار الدولية بالمعدن الأصفر.

ويبقى السؤال: هل ستتراجع أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة، وبالتالي نتخلص مما في حوزتنا من معدن ثمين حتى لا نتعرض لخسائر، أو نحقق بالشراء أرباحاً كنا ننتظرها لأننا اشترينا الذهب في وقت انخفاض الأسعار؟

من الصعب الإجابة عن هذا السؤال، لأن اتجاهات أسعار الذهب تخضع لأمور كثيرة منها تحركات أسعار الدولار والنفط والبورصات والسندات وأذون الخزانة وغيرها، لكن المؤشرات الحالية تشير إلى أن أسعار الذهب قد تكون مرشحة لمزيد من التراجع الذي بدأته في الفترة الماضية، وذلك في حال رفع سعر الفائدة على العملات الرئيسية وفي مقدمتها الدولار، لأن الرفع سيزيد من إقبال المستثمرين على هذه العملات ويقلص من الطلب على الذهب، لكن تظل هذه التوقعات رهناً بعدة أمور منها الإعلان عن موعد رفع سعر الفائدة على الدولار، واتجاهات التضخم في دول العالم، ومستوى معدلات النمو، ودرجة المخاطر الجيوسياسية، وسعر النفط وغيرها.


اقرأ أيضاً: الذهب يستعيد بريقه في السعودية

المساهمون