بريطانيا تتوقّع رفعاً كبيراً لسعر الفائدة في نوفمبر المقبل وسط دعوات لتعديل سياستها النقدية
من المرجح أن يعلن بنك إنكلترا عن ارتفاع "كبير" في سعر الفائدة في اجتماعه المقبل في نوفمبر/تشرين الثاني، بعد أن أطلقت خطة وزير المالية كواسي كوارتنغ لخفض الضرائب العنان للاضطرابات في الأسواق المالية، حسبما قال كبير الاقتصاديين في البنك هوو بيل اليوم الثلاثاء.
وبعد أن لامس الجنيه الإسترليني أدنى مستوى له على الإطلاق عند 1.0327 دولار أمس الاثنين، حذر كبار الاقتصاديين والمستثمرين والمسؤولين التنفيذيين في وقت سابق من أن ثقة المستثمرين المتدنية جداً في الأصول البريطانية لن تتعافى إلا إذا ألغى كوارتنغ الخطة الاقتصادية التي أوضحها يوم الجمعة.
وبيعت سندات الحكومة البريطانية بوتيرة كبيرة للغاية منذ أن أثارت الخطط المالية أزمة ثقة في تعامل رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس مع الاقتصاد.
وقال بيل لمنتدى باركليز للسياسة النقدية، الذي ينظمه مركز أبحاث السياسات الاقتصادية "من الصعب عدم الوصول إلى نتيجة مفادها أن هذا سيتطلب استجابة سياسية نقدية كبيرة".
ومع استمرار تكهّن المحللين بشأن الاتجاه المالي المستقبلي لبريطانيا، وتقلب الأسواق، أوقف عدد متزايد من متعهدي الرهن العقاري، غير القادرين على تسعير القروض، المبيعات.
وقال الخبير الاقتصادي الأميركي لاري سمرز، ووزير الخزانة الأميركي الأسبق، إن تزايد أسعار الفائدة على الديون البريطانية الطويلة الأجل يشير إلى فقدان المصداقية، مضيفاً أن قدرة لندن على البقاء كمركز مالي عالمي في خطر.
وقال بعد أن أشار كوارتنغ إلى أنه يريد المزيد من التخفيضات الضريبية: "أعتقد أن الجنيه سيجد طريقه إلى ما دون التكافؤ مع كل من الدولار واليورو.. الخطوة الأولى في استعادة المصداقية هي عدم التفوه بما لا يُصدق".
وحث رئيس شركة طيران "فيرجن أتلانتيك" شاي ويس، الحكومة على تحقيق الاستقرار في الشؤون الاقتصادية للبلاد، وتفهم أن التحرك لتمويل التخفيضات الضريبية الضخمة من خلال الاقتراض الحكومي الواسع النطاق قد ترك بريطانيا في موقف أضعف.
وقال في مؤتمر صحافي للإعلان عن الانضمام لتحالف "سكاي تيم" العالمي للطيران: "يجب أن يكون كل منا في هذه الغرفة متواضعاً بما يكفي للقول إنه إذا قلت شيئاً لم يؤت ثماره، فربما يجب أن أغير المسار، فهذا ليس بالأمر السيء".
واختيرت تراس رئيسة للحكومة هذا الشهر في تصويت لأعضاء حزب المحافظين -وليس الناخبون الأوسع نطاقاً- بناء على تعهد بإخراج الاقتصاد من ركود النمو المستمر منذ سنوات عبر التخفيضات الضريبية الكبيرة وتيسير اللوائح.
لكن خطة كوارتنغ الاقتصادية، التي تتطلب إصدار سندات حكومية إضافية بقيمة 72 مليار جنيه إسترليني في هذا العام المالي وحده، صدمت المستثمرين، مما أدى إلى ارتفاع أكبر لتكاليف هذا النوع من الاقتراض.
وفي حين أن العديد من نواب البرلمان رحبوا بالعودة إلى مناهج اتبعتها رئيسة الوزراء السابقة مارغريت ثاتشر وسياسات اقتصادية للرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريجان في الثمانينيات، بدأ البعض في التعبير عن قلقهم إزاء تأثير ذلك على الشؤون المالية للحكومة والشركات والأسر.
ومع بقاء عامين على موعد الانتخابات العامة، أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة "يوغوف" بتكليف من صحيفة التايمز تقدم "حزب العمال" المعارض بفارق 17 نقطة على حزب تراس "المحافظين"، وهو مستوى لم نشهده منذ أكثر من عقدين.
اقتصاد بريطانيا في وضع صعب
النائب المحافظ ورئيس لجنة الخزانة في البرلمان، ميل سترايد، قال لراديو هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي): "أعتقد أننا في وضع صعب للغاية".
وأضاف: "هناك الكثير من الحديث، لأسباب مفهومة، عن مكانة الجنيه، لكنني أعتقد بأن القلق الأكبر هو أسواق السندات، وأن العوائد قد ارتفعت الآن إلى هذا الحد"، متابعاً أن "البلد في وضع صعب للغاية".
ومن ناحيته قال هيو مريمان، وهو نائب من حزب المحافظين، أيد منافس تراس وزير المالية السابق ريشي سوناك في السباق لمنصب رئيس الوزراء، مثلما فعل سترايد، إن الفائزة في السباق بدت وكأنها "تخسر ناخبينا بسياسات حذّرنا منها".
وأصدر بنك إنكلترا ووزارة المالية بيانات بعد ظهر أمس الاثنين، على أمل طمأنة المستثمرين، إذ قال البنك المركزي إنه لن يتردد في رفع أسعار الفائدة إذا لزم الأمر.
ومع ذلك، أدى هذا على الفور إلى انخفاض جديد للإسترليني، إذ راهن بعض المستثمرين على رفع أسعار الفائدة بشكل طارئ. وتعافت العملة قليلاً اليوم الثلاثاء وارتفعت 0.5 بالمئة إلى 1.074 دولار بحلول الساعة 14 تقريباً بتوقيت غرينتش.
وقال نائب محافظ بنك إنكلترا السابق تشارلز بين إنه كان سيؤيد أي خطوة طارئة من البنك المركزي.
وقال لراديو "بي.بي.سي": "أعتقد أن هذه واحدة من تلك الأوقات التي قد يكون من المنطقي فيها (الدعوة لاجتماع).. تحرك كبير وسريع"، إذ إن الاستراتيجية ستكون أفضل نهج.
وتعهد كوارتنغ، أمس الاثنين، بوضع خطط متوسطة الأجل لخفض الديون في 23 نوفمبر/تشرين الثاني، إلى جانب توقعات من "مكتب مسؤولية الميزانية" المستقل التي تظهر الحجم الكامل للاقتراض الحكومي.
واجتمع مع كبار المصرفيين وشركات التأمين ومديري الأصول اليوم الثلاثاء، وقال إنه "واثق" من أن استراتيجيته الاقتصادية ستنجح عندما تقترن بإصلاحات في جانب العرض.
لكن الكثيرين ما زالوا غير مقتنعين. وقال الخبير الاقتصادي آلان مونكس، من "جي.بي مورغان"، أكبر بنك أميركي، إن بيانات بنك إنكلترا ووزارة الخزانة كانت "محسوبة".
وقال مونكس: "لكن لا توجد حتى الآن إشارة واضحة على أن مصدر المشكلة -الاستراتيجية المالية للحكومة- قد غُيرت أو أعيد النظر فيها"، مضيفاً: "يجب أن يحدث هذا قبل نوفمبر/ تشرين الثاني لتجنب نتائج أسوأ بكثير للاقتصاد".
(رويترز)