أدرِجت منصة تبادل العملات الافتراضية "كوينباس COINBASE"، الأربعاء الماضي، في البورصة، إذ تمكن مؤسسها بريان أرمسترونغ من اقتحام بورصة وول ستريت، وهو الذي أضحى من أفضل المستثمرين في تلك العملات.
راهنت الأسواق على نجاح عملية دخول منصة بيع وشراء العملات الافتراضية "كوينباس" لبورصة وول ستريت الأميركية، وتوقع الخبراء أن تفضي إلى جذب مستثمرين جدد نحو العملات الافتراضية وتبديد التردد والشكوك التي تحوم حول بيتكوين.
استطاعت تلك المنصة أن تصبح الأكثر تقييماً بـ86 مليار دولار، وهو رقم لم تبلغه شركة أميركية أدرجت في البورصة، فقد تجاوزت "فيسبوك" التي كانت وصلت عند إدراجها في 2012 إلى 81 مليار دولار.
ولد بريان أرمسترونغ، مؤسس "كوينباس"، قرب مدينة سان خوسيه، عاصمة سيلكون فالي، من أبوين مهندسين. درس المعلومات بجامعة "رايس" في تكساس، وعمل متدرباً لدى شركة "آي بي إم IBM" والتحق بشركة "إير بي إن بي Airbnb" كمطور للبرمجيات.
دخل عالم بيتكوين عام 2010، عندما كان يعمل لدى "إير بي إن بي" واستثمر 1000 دولار في شراء تلك العملة، عندما كان سعرها في حدود تسعة دولارات.
طور بريان أرمسترونغ في 2012 منصة "كوينباس" التي قدمها كمنصة لشراء العملات الافتراضية. يذهب فريب إيهرسام، الذي أسس بمعية أرمسترونغ شركة "كوينباس"، إلى أنّ البدايات لم تكن سهلة، حين تقاسمت الشركة شقة من غرفتين مع شركة أخرى، غير أنّها أضحت أكثر مردودية في السنوات التالية.
يحوز أرمسترونع البالغ من العمر ثمانية وثلاثين عاماً على 20 في المائة من حصص المنصة ويشغل منصب الرئيس التنفيذي فيها، وينتظر أن يصبح ضمن لائحة "فوربس" المخصصة للمائة الأكثر ثراء، بحسب "وول ستريت جورنال".
نشط أرمسترونغ بشكل كبير على "تويتر" بأكثر من نصف مليون متابع، ونادراً ما يدلي بأحاديث حول شركته، التي إذا ما تطورت كما خطط لها، ستعطي شرعية أكبر للتعامل بالعملات الافتراضية التي تحظى باهتمام حذر من قبل المؤسسات المالية الدولية والمصارف المركزية عبر العالم.
وبعدما كان يحصل على أجر شهري في حدود مليون يورو (1.2 مليون دولار) في 2020، توقع مراقبون قبل الإدراج أن يجني أجراً في العشرة أعوام المقبلة يصل إلى ثلاثة مليارات دولار، أي حوالي مليون دولار في اليوم الواحد، وفقاً لـ"بلومبيرغ". غير أنّ مراقبين يرون أنّ ثروة أرمسترونغ ستكون أكثر أهمية إذا ما واصل سهم شركته التحليق عالياً.
مع ذلك، فإنّ مستقبل أرمسترونغ ضمن أثرياء العالم يبقي رهن تبديد الشكوك حول العملات الافتراضية، والتي أجّجها تضاعف قيمة بيتكوين ست مرات بين مارس/ آذار 2020 ومارس 2021، ما ساهم، بحسب "سي بي إس"، في خلق 100 ألف مليونير بتلك العملة، مقابل 15 ألفاً فقط قبل عام.
وفق الاقتصادي الأميركي، نورييل روبيني، الذي سبق له توقع الأزمة المالية التي انفجرت بين 2008 و2009، فإنّ قيمة بيتكوين أقل من الصفر، فهي ليست من فئة الأصول، مؤكداً أنّ هناك تلاعباً.
وذهب رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) جيروم بويل إلى أنّ العملات الافتراضية هي أحد عوامل المضاربة، هذا في الوقت الذي اتهمت فيه السلطة الأميركية المشرفة على الأسواق المالية والمنتجات المشتقة، الشركات بتوفير بيانات خاطئة أو غير دقيقة حول العملات الافتراضية والتلاعب في السوق بين 2015 و2018.
يرى مراقبون أنّه يجب انتظار ثلاثة أشهر من أجل معرفة ما إذا كان سهم شركة "كوينباس" سيواكب تقلبات سعر العملات الافتراضية، في سياق متسم بشكوك تراود الهيئات الرقابية حول توظيف تلك العملات في أنشطة غير مشروعة.
ذلك تحدٍّ يدركه أرمسترونغ الذي صرح لقناة "سي إن بي سي" أنّ إدراج شركته في البورصة سيجعل الرقابة أكثر حرصاً على معرفة ما الذي تقوم به الشركة.
كان أرمسترونغ في سبتمبر/ أيلول الماضي في قلب سجال، عندما طالب العاملين لديه بعدم الخوض في القضايا السياسية أثناء العمل، في وقت بلغت المطالب بالعدالة ضد التمييز العنصري ذروتها. وقام عاملون سود في الشركة بالكشف لـ"نيويورك تايمز" عن ممارسات غير عادلة وتمييزية داخل "كوينباس". لكنّ ذلك لم يلحق ضرراً ملحوظاً بنمو الشركة، وإن بقي كلّ شيء رهن مدى تكريس العملات الافتراضية في التعاملات التجارية والمالية في المستقبل.