برلمان العراق يستعد للتصويت على موازنة 2021... ومخاوف من المقايضات السياسية

09 مارس 2021
خلال جلسة للبرلمان العراقي (الأناضول)
+ الخط -

حدد البرلمان العراقي يوم الاثنين المقبل موعدا للتصويت على موازنة 2021، بعد أكثر من 3 أشهر على خلافات حادة بشأن بنود الموازنة، التي يتوقع أن تصل نسبة العجز الكلي فيها إلى قرابة 20 مليار دولار، وبمجموع كلي يبلغ 88 مليار دولار.

وتم احتساب سعر برميل النفط في الموازنة عند 45 دولاراً، وسط توقعات برفعه في اللحظات الأخيرة إلى 46 دولاراً بسبب الانتعاش الحالي في سوق النفط العالمي.

وتبدي قوى سياسية عراقية مختلفة مخاوفها مما تصفها بـ"المماطلات السياسية" من بعض الأطراف لتعطيل تمرير الموازنة مرة أخرى، عبر ربطها بقوانين ضمن ظاهرة المقايضة الجارية في البرلمان بين الكتل والقوى السياسية المختلفة.

وعلى مدى الأشهر الماضية، أسفرت النقاشات حول الموازنة عن تخفيض حاد في النفقات التي ضمنتها الحكومة داخلها، بشكل أدى إلى حدوث تغييرات كبيرة في بعض البنود.

تبدي قوى مختلفة مخاوفها من "المماطلات السياسية" من بعض الأطراف لتعطيل تمرير الموازنة، عبر ربطها بقوانين ضمن ظاهرة المقايضة الجارية بالبرلمان

 وقد تم تخفيض النفقات التشغيلية وحذف عدد من البنود الخاصة، مثل المؤتمرات والضيافة ونفقات الرئاسات الثلاث (البرلمان والجمهورية والحكومة)، ونفقات الهيئات والمؤسسات المستقلة والحكومية، وكذلك الهبات والمنح، ووقف مخصصات عدة وزارات ودوائر حكومية اعتبرت "زائدة أو غير ضرورية".

كذلك، تم تضمين بعض الموارد الداخلية داخل الموازنة العامة، مثل جباية أجور الماء والكهرباء والاتصالات والضرائب، واستثمار أملاك الدولة العامة بيعا أو تأجيرا للقطاع الخاص، وطرح سندات خزينة للدولة بمبلغ يصل إلى مليار ونصف المليار دولار، وهو ما أدى إلى تقليل العجز المفترض من 50 مليار دولار إلى قرابة 18 مليار دولار. 

ويتوقع أن يكون حجم موازنة العام 2021 عند عتبة 127 ترليون دينار، بدلا من 164 ترليون دينار (انخفضت من 113 مليار دولار إلى نحو 88 مليار دولار)، ويصل سعر الدولار الواحد إلى 1450 ديناراً.

وبحسب التفاهمات الأخيرة بين حكومة إقليم كردستان والحكومة المركزية في بغداد، فقد تم الاتفاق على أن تكون حصة الإقليم 12.67 بالمائة من مجموع الموازنة، ويسلم الإقليم 250 ألف برميل نفط يوميا من حقوله إلى وزارة النفط الاتحادية ببغداد، كما يلتزم بتسليم نصف عائدات المنافذ الحدودية للإقليم مع تركيا وإيران.

وخلال جلسة عقدت مساء أمس، الاثنين، وجّه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بإدراج قانون الموازنة على التصويت خلال جلسة الاثنين المقبل.

وسبق أن ربطت القوى السياسية بين مشروع الموازنة وتمرير قانون المحكمة الاتحادية.

وقال النائب عن "تحالف عراقيون" جاسم البخاتي، لـ"العربي الجديد"، إنه "في حال تم تمرير قانون المحكمة الاتحادية في جلسة السبت، فإنه سيتم تمرير قانون الموازنة"، مشددا على أنه "ستكون جلسة السبت حاسمة في هذا الاتجاه".

خلال جلسة عقدت مساء أمس، الاثنين، وجّه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بإدراج قانون الموازنة على التصويت خلال جلسة الاثنين المقبل

وتريد القوى التي ربطت بين التصويت على موازنة العام الحالي وقانون المحكمة الاتحادية، تمرير الفقرات التي وضعتها في القانون الأخير، والتي تضمنت وجود فقهاء الشريعة الإسلامية، الأمر الذي اعتبر "خطوة جديدة لأسلمة الدولة والابتعاد على النهج المدني الذي نص عليه الدستور، وتسييس القضاء".

القوى الكردية لم تخف مخاوفها من هذا التوجه، ولا سيما أن القوى التي تبنته تريد تحقيق شروطها في قانون المحكمة الاتحادية، ما يعني أن قانون الموازنة أصبح مرهونا بشروط تلك القوى بتمرير قانون المحكمة.

النائبة عن الاتحاد الوطني الكردستاني آلا طالباني، قالت لـ"العربي الجديد": "نحن في الاتحاد الوطني نرفض أن يربط قانون الموازنة المرتبط بقوت الناس، بأي قوانين جدلية قد لا تصل القوى إلى اتفاق بشأنها"، مبينة أن "هناك نصا ورد من الحكومة عن المادة المتعلقة بحصة الإقليم، وأن حكومة الإقليم وافقت عليه، لكن هناك اعتراضا من بعض القوى في بغداد على النص، لكنها لم ترسل نصا بديلا عنه".

وأكدت طالباني أن "هناك مماطلة ومراوغة من بعض القوى، إذ لحد الآن لم نحصل على نص بديل"، مبينة أنه "نحن طالبنا ككتل كردستانية بإرسال نص بديل لكي ندرسه ونذهب نحو خيار تمرير الموازنة".

عضو اللجنة المالية، النائب عن القوى الكردية جمال كوجر، أكد أن الموازنة أصبحت ورقة سياسية لتحقيق بعض الأجندات، مضيفا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "جهات ربطت بين قانون الموازنة والمحكمة الاتحادية وقوانين أخرى، ما تسبب في تأجيل كل المناقشات بشأن الموازنة خلال الفترة السابقة".

وذكر كوجر أن "الموازنة أصبحت ورقة سياسية، ولا سيما أنه لا يوجد أي داع للربط بينها وبين أي قانون آخر، ولم يحصل هذا في أي دورة برلمانية سابقة".

وشدد على أن "الخلاف بشأن الموازنة ليس خلافا بين حكومتي بغداد وأربيل، لأنه من بداية المناقشات تم استغلال الورقة تحت حجة الخلافات بين الإقليم والمركز"، معتبرا أن "هناك صراع إرادات، وهذا هو الذي أثر على الموازنة وحال دون تمريرها خلال الفترة السابقة".

وأضاف النائب: "نحن ننظر إلى الموازنة على أساس أنها قوت المواطن، وأن ربطها بأي ملف آخر هو استهداف لقوت المواطن وخطأ كبير، والمتضرر الأول والأخير هو المواطن".

المساهمون