بايدن يعتزم إحداث انقلاب ضريبي ومواصلة التحفيز إذا فاز بالرئاسة الأميركية

16 أكتوبر 2020
وول ستريت تعد نفسها لاستقبال جو بايدن
+ الخط -

بعد الأداء العصبي للرئيس الأميركي دونالد ترامب في المناظرة الأولى، وتعامله غير المسؤول فيما يخص ظروف إصابته بفيروس كورونا، ثم رفضه الدخول في مناظرة جديدة من خلال تقنية "فيديو كونفرانس"، بدأت الأسواق ومراكز الأبحاث النظر بجدية في ما قد يمثله فوز نائب الرئيس السابق جو بايدن، ونائبته المرشحة كاميلا هاريس، بالنسبة للأسواق، بل والاقتصاد الأميركي برمته.

ولم يخف المرشح الديمقراطي، خلال المناظرة الأولى، نيته إلغاء التعديلات الضريبية التي أدخلها الكونغرس، وأقرها ترامب، مطلع عام 2018، والتي قال إنها لم تفد المواطن المتوسط، وإنما صبت في مصلحة كبار رجال الأعمال ومستثمري الأسهم والسندات من الأثرياء، قبل أن تأتي هاريس وتؤكد خلال مناظرتها مع نائب الرئيس الحالي مايك بنس أن خطة بايدن الضريبية لن ترفع الضرائب على من تقل دخولهم عن 400 ألف دولار سنوياً. وقال ترامب إن قضية تعديل النظام الضريبي تمثل بالنسبة له "مسألة أخلاقية"، للحد من التفاوت الواضح في دخول الأميركيين.
وفي دراسة صدرت الشهر الماضي عن جامعة بنسلفانيا، توقع "نموذج وارتن للموازنة"، غير التابع لأي من الحزبين، أن تتحمل فئة الـ1% الأعلى دخلاً ما يصل إلى نسبة 80% من الأعباء الضريبية تحت خطط بايدن المعلنة لتعديل النظام الضريبي. وقالت الدراسة إن إجمالي ما ستوفره خطط بايدن الضريبية يصل إلى 3.375 تريليونات دولار من الإيرادات الإضافية وزيادة الإنفاق بما يتجاوز 5.37 تريليونات دولار خلال 10 سنوات.

لكن الدراسة توقعت أن يرفع بايدن الضرائب على أرباح الشركات من 21% حالياً إلى 28%، وأن يتم إعادة معدل الضريبة العليا على دخول الأفراد، والمقدر بـ 39.6%، مقابل 37% الحالية، التي أقرها ترامب قبل أكثر من عامين ونصف، بالإضافة إلى تجريد بعض الملاذات الضريبية من امتيازاتها. 
ورغم ما يقال عن الريبة التي تنظر بها البورصات والبنوك والمؤسسات المالية، التي كانت من أكبر المستفيدين من إعفاءات ترامب الضريبية، للثنائي بايدن- هاريس، بسبب توقعات فرض المزيد من الضرائب، أظهرت الأيام الأخيرة حرص هذه الكيانات على الحفاظ على علاقات طيبة مع أي مرشح يقترب من البيت الأبيض، خاصة مع وجود علاقات قوية لها مع الثنائي بسبب شغلهما للعديد من الوظائف العامة خلال السنوات الماضية.
ورغم التأثير السلبي المتوقع لرفع الضرائب على أرباح المؤسسات المالية، وبالتالي على أسعار أسهمها في البورصة، سارعت بعض تلك المؤسسات بتقديم التبرعات لحملة بايدن، معتبرة أن السياسات الضريبية التي سيطبقها ستكون أقل كثيراً مما يتم الترويج له حالياً في الحملة الانتخابية. 
وبدا واضحاً خلال الأيام الأخيرة أن "وول ستريت" تتوقع أن يحرص بايدن على مواصلة الاقتصاد للانتعاش الذي ظهرت بوادره خلال الشهور الأخيرة، وأن تكون سياساته مساعِدة على خروج الاقتصاد من الركود ودعم أسواق الأسهم. ونقلت شبكة "فوكس نيوز" عن أحد الرؤساء التنفيذيين، الذي تواصل مع قيادات الشركات الكبرى ممن تبرعوا مؤخراً لحملة بايدن، توقعه أن تكون سياسات المرشح الرئاسي المعلن عنها حالياً هي فقط لإرضاء التقدميين الذين أيدوا بيرني ساندرس المرشح المحتمل في انتخابات الحزب الديمقراطي التمهيدية، وأنها لن تعدو أن تكون مجرد دعاية انتخابية.
ويروج مؤيدو الحزب الديمقراطي من العاملين والمرتبطين بـ"وول ستريت" لفكرة كون بايدن يمثل اختياراً أفضل للأسواق مقارنة بترامب، حيث يوفر الأول نوعا من الاستقرار في البيت الأبيض، بعد أربع سنوات من "أسلوب الإدارة التخريبي، والهجمات السخيفة على المعارضين، إضافةً إلى عادة التغريد عن الأمور الشخصية". 
ومع مرور الوقت، ورغم الانخفاض البسيط الذي شهدته أسواق الأسهم يوم الثلاثاء، مازالت المؤشرات الرئيسية للأسهم الأميركية قريبة من أعلى مستوياتها على الإطلاق، وهو ما يظهر بوضوح تراجع فكرة أن فوز بايدن في الانتخابات ربما يكون خبراً سيئاً للأسواق.

وعلى حسابه على تويتر، غرد لويد بلانكفين، الرئيس التنفيذي السابق لبنك الاستثمار غولدمان ساكس، قائلاً "حتى الآن لا يبدو أن احتمال فوز بايدن يزعج الأسواق، رغم سياسات ترامب الأكثر دعماً لها، إذ ربما يرى البعض أن أموال التأمينات التي يتم استثمارها في سوق الأسهم ستكون في حالٍ أفضل مع الضرائب المرتفعة والتنظيمات الأكثر تشدداً، مقارنة بحالها مع القبح وسياسات الأرض المحروقة".
ولا يقتصر تأييد الشركات الأميركية لبايدن على المؤسسات المالية، إذ امتد لمطوري العقارات والعاملين في القطاع، رغم اهتمام ترامب المبالغ فيه. أما شركات التكنولوجيا الكبرى، والتي هاجمها ترامب في العديد من المناسبات السابقة، ورغم الميول الاشتراكية الواضحة على الثنائي بايدن- هاريس، إلا أن ولاية كاليفورنيا، التي يقع فيها المقر الرئيسي لأغلب تلك الشركات، تعد مضمونة لمرشح الحزب الديمقراطي.

المساهمون