أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم الأحد، أنه يدرس احتمال اللجوء إلى آلية دستورية لتجنب تخلف الولايات المتحدة عن السداد مع تعثر المحادثات مع الجمهوريين حول رفع سقف الدين.
وقال بايدن، خلال مؤتمر صحافي في قمة مجموعة السبع في هيروشيما: "لا يمكنني أن أضمن عدم افتعالهم تخلفا عن السداد عبر القيام بأمر شائن"، مؤكدا: "أدرس المادة 14 (في الدستور الأميركي) لأرى إن كنا نملك صلاحية قانونية لتجاوز الكونغرس".
وتنص المادة 14، التي أضيفت إلى الدستور الأميركي في 1868 بعد حرب الانفصال، على أن "صلاحية الدين العام للولايات المتحدة المسموح به بموجب القانون يجب ألا تكون موضع شك"، أي أن النفقات التي أقرت بالتصويت يجب أن تحترم، ومن بينها معاشات التقاعد. وأتى سقف الدين ليضاف في العام 1917 إلى هذا النص.
وبموجب المادة، لا يحتاج جو بايدن لتدابير معينة. فقد أوضح روبرت هاكيت، أستاذ القانون في جامعة كورنيل، لوكالة "فرانس برس"، في وقت سابق، أن عليه أن "يطلب من وزيرة الخزانة الاستمرار ببساطة بإصدار هذا الدين إذا لزم الأمر لدفع فواتير الأمة"، أي بكلام آخر أن يتصرف وكأن سقف الدين غير موجود أساسا، وهي قضية مثار جدل قانوني وسياسي.
وشدد بايدن على أنه لن يوافق على اتفاق مع الجمهوريين في الكونغرس بشأن رفع سقف الدين الاتحادي وخفض الميزانية، "وفقاً لشروطهم فقط".
وأكد أنه سيتحدث مع رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي خلال رحلة العودة إلى بلاده بشأن المفاوضات، لكنه أكد أن تخلف الولايات المتحدة عن السداد "ليس خياراً مطروحاً".
وقال بايدن: "حان الوقت ليقبل الجمهوريون بأنه لن يكون هناك اتفاق بين الحزبين بناء فقط على شروطهم".
وفي وقت سابق، قال مسؤول في البيت الأبيض إن بايدن طلب من فريقه تحديد موعد في وقت لاحق اليوم الأحد، للتحدث هاتفيا مع مكارثي، بشأن أزمة سقف الدين.
وسعى بايدن إلى اتخاذ هذه الخطوة بعد أن أطلعه فريقه في اليابان، حيث يشارك في قمة مجموعة السبع، على آخر تطورات محادثات سقف الدين بين البيت الأبيض والجمهوريين في الكونغرس.
تبادل الاتهامات
وتبادلت إدارة بايدن والجمهوريون في الكونغرس انتقادات لاذعة، أمس السبت، بشأن رفع سقف الدين الاتحادي البالغ 31.4 تريليون دولار، حيث وصف كل جانب مقترحات الطرف الآخر بأنها مبالغ فيها.
ولم يجتمع المسؤولون، أمس السبت، بعد انتهاء اجتماعين يوم الجمعة من دون الإعلان عن إحراز أي تقدم. وقال المفاوضون إنهم غير واثقين من الموعد الذي يمكن أن تعقد فيه جولة جديدة من المحادثات بين الجانبين.
ولم يتبق سوى أقل من أسبوعين على موعد الأول من يونيو/ حزيران، الذي حذرت وزارة الخزانة الأميركية من أن الحكومة الاتحادية قد تكون غير قادرة بحلوله على سداد جميع ديونها. وقد يؤدي ذلك إلى تخلف عن سداد الدين من شأنه أن يتسبب في حدوث فوضى في الأسواق المالية وارتفاع أسعار الفائدة.
وأشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، في بيان، إلى أن بايدن ورئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي اتفقا على أن أي اتفاق بشأن الميزانية يجب أن يحظى بموافقة الحزبين، واتهمت الجمهوريين بتقديم مقترحات لا يمكن إقرارها في الكونغرس.
وقالت: "لنكن جادين بشأن ما يمكن أن يقره الحزبان، ويصل إلى مكتب الرئيس ويقلل العجز".
وجاء في بيان، مساء السبت، أن فريق بايدن "مستعد للاجتماع في أي وقت". ويقول بايدن إنه "لا يزال يعتقد أنه يمكن تجنب التخلف عن السداد".
في وقت سابق أمس السبت، قال مكارثي للصحافيين في الكونغرس إنه "لا يعتقد أن المحادثات يمكن أن تمضي قدما قبل عودة بايدن إلى البلاد من اجتماع مجموعة السبع في اليابان"، متهما "الديمقراطيين باتخاذ موقف متطرف للغاية تجاه اليسار". وقال: "للأسف، اتخذ البيت الأبيض خطوات إلى الوراء"، مضيفا أن "الجناح الاشتراكي للحزب الديمقراطي هو الذي يمسك بزمام الأمور على ما يبدو".
خفض الإنفاق الحكومي
كان مجلس النواب الذي يرأسه الجمهوري مكارثي قد أقر، الشهر الماضي، تشريعا من شأنه أن يخفض جزءا كبيرا من الإنفاق الحكومي بنسبة 8% العام المقبل.
ويقول الديمقراطيون إن ذلك سيفرض تخفيضات بنسبة 22% على الأقل في المتوسط في برامج مثل التعليم وإنفاذ القانون، وهو رقم لم يشكك فيه كبار الجمهوريين.
ويشغل الجمهوريون أغلبية ضئيلة من المقاعد في مجلس النواب، في حين يتمتع الديمقراطيون الذين ينتمي إليهم بايدن بسيطرة محدودة على مجلس الشيوخ، لذلك لا يمكن إقرار أي اتفاق من دون دعم من الحزبين.
وقال مصدر مطلع على المفاوضات، لوكالة "رويترز"، إن الجمهوريين اقترحوا زيادة الإنفاق الدفاعي مع خفض الإنفاق العام.
وقال المصدر أيضا إن الجمهوريين في مجلس النواب يريدون تمديد التخفيضات الضريبية التي أقرها الرئيس السابق دونالد ترامب، والتي ستضيف 3.5 تريليونات دولار إلى الدين الاتحادي.
وقال المصدر إن إدارة بايدن اقترحت الإبقاء على الإنفاق التقديري غير الدفاعي ثابتا للعام المقبل، وهو ما من شأنه خفض الإنفاق عند إجراء تعديلات للتضخم.
وقال النائب الأميركي باتريك ماكهنري، وهو مفاوض جمهوري، إن قادة الجمهوريين "سيجتمعون كفريق واحد ويجرون تقييما" للمدى الذي وصلت إليه الأمور. ولم يعلق على ما إذا كانت ستجرى محادثات اليوم الأحد.
ويضغط الجمهوريون من أجل إجراء تخفيضات حادة في الإنفاق في العديد من البرامج المحلية، مقابل زيادة حد الاقتراض الذي تفرضه الحكومة على نفسها، وهو أمر مطلوب بانتظام لتغطية تكاليف الإنفاق والتخفيضات الضريبية التي وافق عليها المشرعون سابقا.
ووافق الجمهوريون في الكونغرس على رفع سقف الديون ثلاث مرات، مع عدم وجود شروط مسبقة لخفض الميزانية، عندما كان الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في البيت الأبيض.
(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)