بالأرقام.. هذه خسائر لبنان من وقف صادراته إلى السعودية

30 أكتوبر 2021

+ الخط -

أثارت تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي بشأن التدخل العسكري بقيادة السعودية في اليمن أزمة بين بيروت وغالبية الدول الخليجية، استدعت حتى اللحظة وقف العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وكل من الكويت والسعودية والبحرين والإمارات. إلا أن الرياض اتخدت خطوة ثانية تمثلت بوقف كافة الصادرات اللبنانية إلى المملكة، ما سيلحق بالبلد المتوسطي خسائر بملايين الدولارات، في حين يواجه أزمته الاقتصادية التي صنفها البنك الدولي أنها من بين 3 أسوأ أزمات اقتصادية في العالم.

ويهدد الإجراء السعودي تدفق الدولارات إلى لبنان، فيما يعاني من أزمة نقدية واسعة النطاق أدت إلى خسارة الليرة أكثر من 90% من قيمتها خلال السنتين الماضيتين حتى اليوم، كما استُنفدت احتياطيات لبنان من العملات الأجنبية.

وارتفعت الصادرات اللبنانية، وفق بيانات "مركز التجارة الدولية"، إلى المملكة، من حوالي 286 مليون دولار إلى حوالي 289 مليون دولار بين 2018 و2019، لتصل إلى 247 مليون دولار في 2020. وتصدرت الفواكه والخضار لائحة الصادرات في العام 2020 بحوالي 36 مليون دولار.
فيما كان مجموع الصادرات الإجمالية في العام الماضي 3.8 مليارات دولار وفق المصدر ذاته.
أما واردات لبنان من السعودية، فقد تراجعت دراماتيكياً خلال 2018 و2019 و2020، من 506 ملايين دولار إلى 344 مليوناً وصولاً إلى 183 مليوناً على التوالي. وكانت البلاستيكات على رأس لائحة الواردات بقيمة 62 مليون دولار.

حظر زراعي سابق

ويشرح المرصد الدولي للعلاقات الاقتصادية أن صادرات المملكة العربية السعودية إلى لبنان خلال الـ24 عامًا الماضية زادت بمعدل سنوي قدره 5.99%، انطلاقاً من 65 مليون دولار في عام 1995. فيما زادت صادرات لبنان إلى المملكة العربية السعودية بمعدل سنوي 4.92%، من 89 مليون دولار في 1995.

إلا أن الإجراء السعودي لم يكن استثنائياً، إذ أعلنت المملكة في إبريل/ نيسان الماضي حظراً على استيراد المنتجات الزراعية اللبنانية، بسبب "تهريب المخدرات"، ما أدى إلى إغلاق سوق كبيرة للمزارعين اللبنانيين. وتصدير الخضار والفواكه اللبنانية إلى دول الخليج، وخاصة إلى المملكة، أحد الأبواب القليلة التي كانت لا تزال مفتوحة لجلب الدولارات إلى البلاد. 

وقد تفاقم انهياره الاقتصادي بسبب الجمود السياسي، حيث لم يتمكن السياسيون من تشكيل حكومة لإطلاق المساعدات الخارجية التي تشتد الحاجة إليها.

وترفض دول الخليج بما في ذلك المملكة العربية السعودية، حتى الآن، تقديم المساعدة لتخفيف المشاكل الاقتصادية في بيروت، وابتعدت عنه بعضها بينما تشعر بالقلق من تنامي نفوذ حزب الله ، وهو جماعة قوية يدعمها خصمهم اللدود إيران.

يمر لبنان بالفعل بأزمة مالية عميقة تشكل أكبر تهديد لاستقراره منذ الحرب الأهلية 1975-1990. وقالت وزارة الزراعة حينها إن هذه الخطوة كانت "خسارة كبيرة"، وإن التجارة تبلغ قيمتها 24 مليون دولار في السنة.

توتر مع مجلس التعاون

ويتخوف اللبنانيون من امتداد الحظر الاقتصادي إلى دول خليجية أخرى. ويعتبر الميزان التجاري خاسراً دائماً بين الطرفين لصالح دول مجلس التعاون منذ سنوات طويلة. 

وتشير دراسة لغرفة التجارة والصناعة والزراعة في لبنان، رصدها "العربي الجديد"، إلى أن حجم الصادرات اللبنانية إلى مجلس التعاون وصل إلى 891 مليون دولار في العام 2012، وشهد تقلبات بسيطة خلال السنوات اللاحقة ليصل في العام 2020 إلى 931 مليون دولار، فيما سجل منذ مطلع العام 2021 حتى فبراير/ شباط الماضي 140 مليون دولار.

بموازاة ذلك، سجلت واردات لبنان من دول مجلس التعاون 1.5 مليار دولار في العام 2012، لتصل العام الماضي إلى مليار دولار، فيما سجلت منذ مطلع 2021 حتى فبراير الماضي 211 مليون دولار. 

وقال الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان لوكالة "الأناضول"، اليوم السبت، إن "تداعيات القرار السعودي ستلقي بثقلها على الصناعة اللبنانية والمنتجات الغذائية والزراعية".

وتابع أن "هذه التداعيات ستؤثر على إيرادات القطاع الخاص، وتسبب انحساراً لدخول النقد الأجنبي إلى لبنان، ما يشكل انتكاسة إضافية للاقتصاد في البلاد".
وتخوف الخبير الاقتصادي من أن يتبع القرار السعودي قرارات أخرى مشابهة من دول الخليج الأخرى، لأن دول مجلس التعاون الخليجي عادة تتضامن بعضها مع بعضها في مثل تلك القضايا، بحسب المتحدث.
وبحسب الخبير الاقتصادي باتريك مارديني، فإن الكلفة الاقتصادية والمالية على لبنان ستكون باهظة الثمن بسبب قطع العلاقات التجارية من جهة، وتراجع الاستثمارات السعودية في لبنان من جهة أخرى.
ولفت مارديني، للأناضول، إلى أن أكثر بلدين يستوردان البضائع من لبنان هما الإمارات والسعودية، تليهما سورية وجنوب إفريقيا والعراق. وبحسب مارديني فإن "وقف الصادرات من لبنان إلى السعودية يشكل ضربة اقتصادية قاسية للقطاعات الإنتاجية في البلاد، لا سيما الزراعية والصناعية".

أما عن الاستثمارات السعودية في لبنان، فلفت مارديني إلى أن "العديد من رجال الأعمال السعوديين يستثمرون في لبنان، خصوصاً في قطاعات السياحة والفنادق ووسائل الإعلام وغيرها".
وبيّن أن "هذه الاستثمارات لطالما شكلت ضخاً للأموال الأجنبية إلى لبنان، والتي تشكل جزءا من الناتج المحلي، وبالتالي، فإن توقفها يعني خسارة تلك الأموال، ما يسبب تراجعاً إضافياً في وفرة النقد الأجنبي".

400 ألف عامل لبناني في دول الخليج

ولا تتوقف الآثار الاقتصادية عند التجارة والاستثمار، إذ يوجد ما يقدر بنحو 15 مليون لبناني يقيمون في الخارج، وتمثل التحويلات ما يقرب من 16 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبنان. ومع ما يقدر بنحو 400 ألف عامل، تعد دول مجلس التعاون الخليجي مصدرًا رئيسيًا للتحويلات اللبنانية، وفقاً لدراسة أعدها معهد واشنطن للأبحاث في العام 2017، والذي قدر أن ما يقرب من ثلثي هذا الدخل يأتي من دول مجلس التعاون، ومعظمها من السعودية. 

وقبل المقاطعة السياحية الخليجية الأولى للبنان عام 2012، كان السياح السعوديون يشكلون ربع إجمالي زوار الدولة. وأدى الانخفاض في أعداد السياح الخليجيين الأثرياء إلى إلحاق الضرر بقطاع الفنادق، ما أدى إلى انخفاض معدلات الإشغال وارتفاع معدلات البطالة في قطاع الضيافة.

كذلك، ساهمت الأزمات الدبلوماسية والسياسية والأمنية في لبنان في خروج العديد من المستثمرين الخليجيين، وخاصة السعوديين، من لبنان، ما ألحق أضراراً واسعة في العديد من القطاعات الاقتصادية، خاصة التشغيلية منها.

المساهمون