باكستان: زيادات ضريبية تنذر بانفلات التضخم والفقر

16 فبراير 2023
الحكومة اقترحت رفع ضريبة المبيعات إلى 18% (فرانس برس)
+ الخط -

قدمت وزارة المالية الباكستانية مشروع قانون للبرلمان يقضي بفرض زيادات ضريبية لجمع 170 مليار روبية (حوالى 641 مليون دولار) خلال العام المالي الجاري الذي ينقضي بنهاية يونيو/ حزيران، وذلك في إطار الاستجابة لشروط صندوق النقد الدولي، من أجل الإفراج عن قرض متعثر للدولة التي تعاني أزمة مالية حادة.

ووفق مشروع القانون، ينتظر أن تجمع الحكومة 60 مليار روبية من خلال زيادة ضريبة السجائر المصنعة محلياً، و55 مليار روبية من خلال زيادة نسبة ضريبة المبيعات العامة إلى 18%، و55 مليار روبية من زيادة ضريبة تذاكر الطيران والمشروبات السكرية، فضلاً عن رفع معدلات ضرائب الدخل.

وقال وزير المال إسحاق دار، في كلمة أمام مجلس النواب، اليوم الأربعاء، إن "الاقتصاد يعاني من قضيتين رئيسيتين: العجز المالي وعجز الحساب الجاري. نحن ملتزمون السيطرة على هذه العجوزات وتقليلها".

وأضاف دار: "من خلال برنامج صندوق النقد الدولي، ستزيد احتياطياتنا من العملات الأجنبية وستستقر الروبية، كذلك ستتحسن صادراتنا وتحويلاتنا المالية، وستتوقف أيضاً القضايا المتعلقة بفتح خطابات الاعتماد المصرفية (اللازمة للاستيراد)".

وتابع قائلاً إن مبلغ الـ170 مليار روبية الذي سيُحصَّل بموجب الإجراءات التي أُدخِلَت في قانون المالية سيقلل من العجز المالي للبلاد، معرباً عن أمله في تمرير هذه التعديلات التي تحتاج إلى "أجندة اقتصادية وطنية".

وقال: "في عام 2013 كانت البلاد على وشك التخلف عن سداد التزاماتها، لكن اجتمع جميع السياسيين لتغيير الاتجاه الذي كانت تسير نحوه باكستان. وهذا مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى"، وفق ما نقلت صحيفة داون الباكستانية.

وأجرت الحكومة محادثات مكثفة على مدى عشرة أيام مع وفد من صندوق النقد الدولي في إسلام أباد في الفترة من 31 يناير/كانون الثاني الماضي إلى 9 فبراير/ شباط الجاري، دون التوصل إلى اتفاق بشأن الإفراج عن قرض متفق عليه العام الماضي.

وأبدت الحكومة رغبتها في قبول جميع الشروط الرئيسية للصندوق. وتشمل شروط صندوق النقد إلغاء دعم الكهرباء، ورفع أسعار الغاز لتتماشى مع الأسعار العالمية، وتحرير سعر الصرف، ورفع القيود الحكومية على الاستيراد وزيادة الضرائب.

وبالفعل، أقدمت الحكومة قبل أيام على زيادة أسعار الغاز، ورفعت في نهاية يناير/ كانون الثاني أسعار البنزين والديزل، وألغت سقف سعر الدولار الذي كانت قد وضعته في السابق، ما سمح بهبوط سعر الروبية بما يقارب 17% منذ منتصف الشهر الماضي إلى نحو 266 روبية.

وطلبت الحكومة الحصول على 3 مليارات دولار من القرض المتفق عليه مع الصندوق العام الماضي، والبالغ إجماليه 6 مليارات دولار.

وصرف الصندوق دفعة بقيمة 1.1 مليار دولار في أغسطس/ آب الماضي، لكن المحادثات بين الطرفين تذبذبت منذ ذلك الحين، بسبب إحجام باكستان عن تنفيذ اشتراطات تنذر باحتجاجات شعبية واسعة.

وتحتاج باكستان إلى ما بين 8 و9 مليارات دولار خلال الأشهر الباقية من السنة المالية الحالية (تنقضي بنهاية يونيو/ حزيران المقبل)، للوفاء بالالتزامات الدولية، فيما تبلغ الاحتياطيات التي يحتفظ بها البنك المركزي حالياً نحو 2.9 مليار دولار، وهو ما يعتقد الخبراء أنه يكفي فقط 16 أو 17 يوماً من الواردات.

ويتخوف اقتصاديون من قفزات في الأسعار وضغوطاً معيشية أكبر مع الاستجابة لشروط صندوق النقد. وقالت كاترينا إيل، كبيرة الاقتصاديين في وكالة موديز، إن التضخم في باكستان قد يصل إلى 33% في المتوسط خلال النصف الأول من العام الجاري، مضيفة أن "من غير المرجح أن تعيد خطة الإنقاذ من صندوق النقد الدولي وحدها الاقتصاد إلى مساره الصحيح".

وارتفع مؤشر أسعار المستهلك (التضخم) على أساس سنوي إلى 27.5% في يناير/ كانون الثاني الماضي، وهو أعلى مستوى له منذ ما يقرب من نصف قرن.

وقالت إيل: "على الرغم من أن الاقتصاد يمر بركود عميق، إلا أن التضخم مرتفع بشكل لا يصدق (نتيجة) جزء من شروط الإنقاذ الأخيرة".

وأضافت: "لذا، إن ما نتوقعه هو أنه خلال النصف الأول من هذا العام، سيبلغ متوسط التضخم حوالى 33%، ثم قد يتجه إلى الانخفاض قليلاً بعد ذلك".

ويمكن أن تظل الأسر ذات الدخل المنخفض تحت ضغط شديد نتيجة لارتفاع التضخم. وأكدت إيل أن "أسعار المواد الغذائية مرتفعة، ولا يمكنهم تجنب دفع ثمن ذلك، لذلك سنشهد ارتفاع معدلات الفقر".

المساهمون