باعة تونس الجائلون... أزمة بلا حل

15 فبراير 2024
الحكومة تتهم الباعة الجائلين بإحداث فوضى في الشوارع (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

يجدد الباعة الجائلون في تونس احتجاجاتهم على التضييق على العمل، بعد أن منعتهم السلطات من وضع بسطاتهم في أماكن رئيسية بالعاصمة التي كانوا يعرضون فيها سلعهم لسنوات بحثاً عن فرص للكسب الموسمي، ما سبّب فوضى السير على الطرقات.

وأدى الإقبال الكبير على بضائع البسطات على امتداد سنوات إلى توسّع هذه التجارة التي يمثل فيها الباعة الجائلون الواجهة والحلقة الأضعف للسوق الموازية.
ومنذ أشهر شنّت السلطات حملة واسعة النطاق على تجار البسطات ومنعتهم من العمل في إطار خطة لاستعادة الأرصفة المشغولة وتنظيم المشهد العام في العاصمة التي تضررت من فوضى التجار الجائلين. كذلك وعدت السلطات بإيجاد حلول لهؤلاء التجار عبر تخصيص أسواق منظمة لفائدتهم وإدماجهم في الاقتصاد الرسمي، غير أن الحلول تأخرت، ما أطال فترة بطالة التجار الذين يعيشون أوضاعاً اجتماعية صعبة.

ويوم الجمعة الماضي، نفذ عدد من التجار المستقلين وقفة احتجاجية للمطالبة بالتسريع في إصدار قرارات بخصوص تمكينهم من فضاءات عمل في الأسواق المخصصة لهم بعد منعهم من استغلال الأرصفة في العاصمة. وقال عضو المكتب الوطني التنفيذي في اتحاد عمال تونس المكلف بالتجار المستقلين، معز العلوي، إن تأخير إسناد قرار العمل داخل الفضاءات المخصصة سبّب تدهور الوضع المعيشي للتجار الذين باتوا يعانون من البطالة القسرية.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأكد العلوي في تصريح لـ"العربي الجديد" إصرار التجار على الحسم سريعاً في هذا الملف ومساعدتهم في الحصول على دعم مالي لاقتناء سلع تعيدهم إلى الدورة التجارية. ولم يستبعد المتحدث إمكانية عودة الباعة الجائلين إلى استغلال الأرصفة في حالة تواصل الوضع على ما هو عليه، معتبراً أن الأمر يتعلق بلقمة العيش.

وعرضت السلطات على الباعة حلولاً لجمعهم ضمن سوق خاصة تسهل استقطاب من يعمل في الأسواق العشوائية إلى التجارة المنظمة، حيث سيتعين على كل تاجر دفع قرابة 20 ديناراً، أي نحو 6.8 دولارات يومياً، لتغطية مصاريف السوق ومساهمته الاجتماعية وأعباء استئجار المحل.
وتستهدف تونس التقليص من حجم الاقتصاد الموازي من 50 إلى 20 بالمائة علاوة على تخصيص موارد مالية كبيرة لمكافحة الجريمة المنظمة.

ويرى المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، أن الباعة الجائلين نتاج لمنوال تنمية ضعيف همّش لعقود طويلة محافظات الداخل التونسي، ما سبّب موجات هجرة داخلية نحو العاصمة للشباب الباحث عن الكسب.

عرضت السلطات على الباعة حلولاً لجمعهم ضمن سوق خاصة تسهل استقطاب من يعمل في الأسواق العشوائية إلى التجارة المنظمة

 

وقال بن عمر في تصريح لـ"العربي الجديد" إن أغلب التجار الجائلين ينتمون إلى المحافظات الغربية الأكثر فقراً، وهم يعانون من هشاشة اجتماعية واقتصادية كبيرة، ما يدفعهم إلى العمل في التجارة الموازية، رغم المخاطرة بخسارة رأس المال والسلع التي غالباً ما تحتجزها السلطات الأمنية في أثناء حملات إخلاء الأرصفة.

ويرى بن عمر أن الباعة الجائلين يخشون نقل تجارتهم إلى فضاءات مغلقة أو أسواق منظمة تحدّ من الإقبال على بضائعهم وتضعف الديناميكية التجارية التي توفرها تجارة الشارع.
وبات الاقتصاد الموازي ملاذاً لشباب تونس الباحث عن العمل بعد توسع قدرته التشغيلية إلى نصف القوى العاملة في البلاد، بينما يتواصل تراجع دور القطاع المنظم في إحداث الوظائف مع غلق باب التوظيف في القطاع الحكومي للعام الخامس على التوالي.