انهيار مالي لسريلانكا... ومخاوف في تركيا ومصر

14 ابريل 2022
مواطنون يصطفون في مدينة كولومبو للحصول على غاز الطهي (فرانس برس)
+ الخط -

فتحت سريلانكا الباب على مصراعيه لبدء حقبة من انهيار الاقتصادات الضعيفة، في أعقاب أسابيع قليلة فقط من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، التي ألقت بظلال سلبية واسعة على الأسواق العالمية وفاقمت من مشاكل ديون الدول الهشة مالياً.

وتوالت تكهنات المؤسسات المالية الدولية والمحللين الاقتصاديين حيال من يسقط أولاً، إلّا أنّ رد سريلانكا جاء صادماً من حيث سرعة التأثر بتداعيات الحرب، إذ تشهد الجزيرة أسوأ أزمة اقتصادية منذ استقلالها عام 1948، ويعاني المواطنون نقصاً في السلع الأساسية وانقطاعاً متكرراً للكهرباء، ما يتسبب بصعوبات معيشية واسعة النطاق.

وتسعى السلطات لتهدئة الغضب الشعبي والاحتجاجات المطالبة باستقالة الحكومة، قبيل مفاوضات بشأن صفقة إنقاذ من صندوق النقد الدولي، حيث حضت مواطنيها في الخارج على تحويل أموال إلى بلادهم لمساعدتها في شراء مواد غذائية ووقود، غداة إعلانها التخلف عن سداد مليار دولار من الديون الخارجية.

وقال محافظ البنك المركزي السيرلانكي ناندلال فيراسينغي، أمس الأربعاء، إنّه يريد من السريلانكيين في الخارج "دعم البلاد في هذا المنعطف الحساس بالتبرع بالعملة الأجنبية نظراً للحاجة الماسة لها".

وتأتي مناشدته بعد يوم على إعلان الحكومة تعليقها تسديد كافة الديون الخارجية، ما سيسمح لها بالوصول إلى الأموال الضرورية لشراء الوقود والأدوية وغيرها من السلع الأساسية.

وقال فيراسينغي، في بيان، إنه فتح حسابات مصرفية للتبرعات في الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا. ووعد الرعايا السريلانكيين بأن يتم إنفاق الأموال حيث هناك حاجة ماسة لها.

وأكد أن البنك "يؤكد أن تلك التحويلات بالعملة الأجنبية ستستخدم فقط لاستيراد سلع أساسية ومنها المواد الغذائية والوقود والأدوية"، مضيفاً أنّ إعلان التخلف عن السداد سيوفر على سريلانكا قرابة 200 مليون دولار من الفوائد المستحق دفعها.

وبدأت بوادر الأزمة الاقتصادية في سريلانكا بالظهور بعدما نسفت جائحة كورونا عائدات السياحة والتحويلات الخارجية. وتفاقمت هذه الأزمة مع صدور سلسلة من القرارات السياسية السيئة وإثر سنوات من الاستدانات المتراكمة واقتطاعات ضريبية غير حكيمة، حسب خبراء اقتصاديين.

ويبدو أنّ بعض مشاهد أزمة سريلانكا قد تتكرر في العديد من الدول التي تشهد مخاطر بفعل الحرب الروسية الأوكرانية، إذ كانت تستفيد من السياحة الروسية والأوكرانية، بالإضافة إلى البضائع. فقد تمثل الأزمة مشكلة أطول أمداً بالنسبة إلى بلدين مثل مصر وتركيا، إذ تعد روسيا ضمن أكبر شركائهما التجاريين، وفق وكالة بلومبيرغ.

وعلى الرغم من أنّها لم تبلغ مستوى مرتفعاً من المخاطر، تعرضت السندات المحلية لتركيا إلى أعنف خسارة بين الأسواق الناشئة الأخرى منذ 21 فبراير/ شباط، وقد انخفضت قيمة الليرة بأكثر من 10% هذا العام.

وسجل عجز الحساب الجاري التركي أعلى مستوى في 5 سنوات، وارتفعت تكلفة عقود مبادلة الائتمان التي تحمي ضد التعثر في السداد إلى أعلى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية.

وقال تيم أش، محلل استراتيجي الأسواق الناشئة في شركة بلوباي أسيت مانجمنت في لندن، لبلومبيرغ: "تستعد تركيا لتتلقى أعنف الآثار السلبية من بلاد أخرى بسبب الحرب. فارتفاع أسعار الطاقة والغذاء وخسارة إيرادات السياحة ستؤدي إلى تدهور حالة ميزان المدفوعات المتردية أصلاً، وتفاقم مشكلة التضخم إلى مستوى غير مستدام في الحقيقة. ومن الصعب حقاً أن تتجنب تركيا أزمة في ميزان المدفوعات الآن دون تلقي مساعدة خارجية".

أما عن مصر؛ فتتجه حوالي 6.6% من صادراتها إلى أوكرانيا وروسيا، في حين تستقبل 40% من السياحة الوافدة من هذين البلدين. وسيضعها ذلك ضمن أكثر البلدان تأثراً، بحسب بنك "ستاندارد بنك غروب" أكبر بنوك أفريقيا من ناحية قيمة الأصول. وستفاقم هذه الأزمة من تعرض مصر لمخاطر بيع الأجانب لسنداتها، وفق تصريحات شركة "فيتش ريتينغ" للتقييم الائتماني.

وتتفاوض مصر فعلاً مع صندوق النقد الدولي على مساندة محتملة، ربما تشمل منحها قرضاً، كما حصلت على دعم خليجي سريع في شكل ودائع واستثمارات. وقد ارتفعت علاوة المخاطرة على الديون المصرية إلى رقم قياسي مسجلة 1040 نقطة أساس في مارس/ آذار الماضي، وفق مؤشر "جيه بي مورغان تشيس" الأميركي.

المساهمون