انهيار التشييد في إسرائيل... الأزمة تضرب 200 شركة مواد بناء وتخفض مبيعاتها 55%

21 فبراير 2024
إغلاق نحو ثلث مواقع البناء في إسرائيل بسبب الحرب ونقص العمالة (Getty)
+ الخط -

تتهاوى صناعات مواد البناء في إسرائيل بفعل انهيار قطاع التشييد وسط استمرار الحرب على قطاع غزة والنقص الحاد في العمالة، لتسجل مبيعات هذه الصناعات إجمالاً انخفاضاً بنسبة 55% في يناير/ كانون الثاني الماضي مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2023، ما يعمق انكماش اقتصاد الاحتلال ويدفعه لمزيد من التدهور.

وأشار تقرير صادر عن اتحاد المصنعين إلى أن إغلاق نحو ثلث مواقع البناء في إسرائيل تسبب في انخفاض حاد في مبيعات شركات مواد البناء مثل الإسمنت وإنتاج الخرسانة ومواد العزل والدهانات والتشطيب وغيرها من المنتجات المرتبطة بأعمال التشييد.

ويفتقر قطاع البناء والبنية التحتية حالياً إلى نحو 90 ألف عامل، بعد منع الفلسطينيين من العمل في مشروعات البناء المختلفة، بينما تتعثر محاولات استقدام عمالة أجنبية في ظل استمرار الحرب.

ووفق تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، أمس الثلاثاء، وصل أول 70 عامل بناء أجنبياً إلى إسرائيل، الأسبوع الماضي، كجزء من قرار الحكومة بزيادة حصة العمال الأجانب في صناعة البناء الذين سيأتون عبر الشركات الخاصة وليس اتفاقيات ثنائية بين سلطات الاحتلال والدول المصدّرة للعمالة.

وهذه قطرة بمحيط في ما يتعلق بقلة العمالة، بحسب وصف الصحيفة الإسرائيلية، التي لفتت إلى أن هناك تأخيراً في استقدام المزيد من العمالة، ما يؤثر سلباً على تنفيذ المشروعات وبالتالي مبيعات مواد البناء والصناعات الأخرى التي تعتمد على أعمال التشييد.

ووفق اتحاد المصنعين، فإن استطلاعاً شمل أكثر من مالكي 200 مصنع للمواد ومنتجات البناء أعضاء في الاتحاد أخبروا عن تراجع أعمالهم.

وبحسب الاتحاد، فإن حوالي 70% من المُصنعين أفادوا بانخفاض المبيعات على أساس سنوي الشهر الماضي بنسبة تصل إلى 50%، فيما ذكر 15% أن هناك تراجعاً في المبيعات يصل إلى 75% وأشار حوالي 7% إلى هبوط يصل إلى 25% في مبيعاتهم.

ويقدر حجم أعمال صناعة البناء والتشييد في إسرائيل بنحو 25 مليار شيكل سنوياً (6.83 مليارات دولار)، بمتوسط يبلغ نحو ملياري شيكل شهرياً، ويعمل في الأنشطة عشرات الآلاف من العمال بشكل مباشر وغير مباشر.

وتشير مصادر في الصناعة إلى أن الوضع في الميدان قاتم. ويقول إيلي كوهين، الرئيس التنفيذي لمصنع "تيرموكير" الذي ينتج الجبس والمواد اللاصقة للبناء: "للأسف، نحن في أزمة طويلة الأمد.. لقد تعافى العديد من فروع الاقتصاد منذ اندلاع الحرب، لكن هذا ليس هو الحال على الإطلاق في صناعة منتجات البناء، والسبب الرئيسي لذلك هو تجميد العمل في مواقع البناء بسبب النقص الحاد في الأيدي العاملة وعدم وصول العمال الأجانب".

يضيف كوهين: "إذا استمر هذا الوضع فقد يواجه مصنعو المدخلات ومواد البناء صعوبات ولن يتمكنوا من التعافي لدعم احتياجات إعادة الإعمار للاقتصاد بعد الحرب".

وبحسب رئيس اتحاد المصنعين رون تومر، فإن الانخفاض الكبير في المبيعات سيؤدي إلى "تخفيض وحتى إغلاق كامل لخطوط الإنتاج وتسريح العمال في المصانع الإسرائيلية".

ويوضح تومر: "أعمال البناء ومن ثم الصناعات المرتبطة بها في وضع صعب للغاية منذ بداية الحرب، ويرجع ذلك إلى توقف أعمال التشييد والركود العقاري والنقص الشديد في العمال.. والنتيجة هي أزمة حقيقية وإغلاق خطوط إنتاج المواد الخام الأساسية للبناء، مثل الإسمنت والخرسانة، والتي سيكون من الصعب للغاية فتحها مرة أخرى".

ويضيف أن "الصناعة ليست سيارة تقوم بتشغيلها وإيقافها حسب الحاجة.. إذا وصل الصناعيون إلى وضع يضطرون فيه إلى إغلاق خط إنتاج، فهناك احتمال كبير بعدم عودته".

ويتابع : "إسرائيل قد تجد نفسها في اليوم التالي للحرب من دون صناعة بناء مستقلة، وبالتالي سنعتمد بشكل كامل على الواردات من دول غير صديقة على أقل تقدير، مثل تركيا والصين، وأيضا سترتفع أسعار العقارات، لأنه من دون منافسة من جانب الصناعة الإسرائيلية، فإن مستوردي منتجات البناء لن يترددوا في رفع الأسعار".

ويقول رئيس اتحاد الصناعات إنه على الحكومة الإسرائيلية مساعدة صناعات البناء المحلية من أجل تخطي هذه الفترة، من خلال زيادة مشتريات الحكومة من منتجات الشركات.

ويوضح: "يجب على الحكومة أن تعطي أولوية واضحة لصناعة البناء الإسرائيلية في المناقصات الحكومية، ويجب على المقاولين المحليين أيضاً بذل كل جهد لإعطاء الأولوية للصناعة المحلية على الواردات.. هذه هي الطريقة التي سنزيد بها نطاق نشاط صناعة البناء ونساعدها على تجاوز هذه الفترة الصعبة والحفاظ على الاستقلال الإنتاجي لدولة إسرائيل في هذا المجال".

وأظهرت بيانات رسمية صادرة عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، الاثنين الماضي، انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 19.4% على أساس سنوي في الربع الأخير من عام 2023، بسبب الحرب التي تستنزف موارد الاحتلال.

ويعكس هذا الانخفاض تراجعاً بنسبة 70% في الاستثمارات، و42% في الواردات، و27% في الاستهلاك الخاص، و18% في الصادرات، وارتفاعا حادا بنسبة 88% في الإنفاق العام.

وقال مكتب الإحصاء إن الانخفاض الحاد يرجع جزئياً إلى استدعاء 300 ألف من جنود الاحتياط الذين اضطروا إلى ترك أماكن عملهم وشركاتهم، للشروع في الخدمة العسكرية لعدة أشهر.

ومن بين العوامل الأخرى التي أثرت على الاقتصاد رعاية الحكومة لإسكان أكثر من 120 ألف إسرائيلي تم إجلاؤهم من المناطق الحدودية الشمالية مع لبنان والجنوبية مع قطاع غزة.

كما لفت المكتب إلى أن فرض إسرائيل قيوداً صارمة على حركة العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة للعمل في الداخل أثر على قطاع البناء، مما تسبب في نقص العمالة الذي أصبح عائقاً إضافياً على النمو الاقتصادي.

وقد أدت الحرب إلى زيادة حادة في الإنفاق الحكومي، الذي ارتفع بنسبة 88% في الأشهر الثلاثة التي تلت اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي مقارنة بالربع السابق.

وفي الوقت نفسه، كان المستهلكون ينفقون أقل بنسبة 27%، وفق ما نقلته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، مساء الاثنين، عن مكتب الإحصاء الإسرائيلي.

المساهمون