انقسام أوروبي في اجتماع اليوم لبحث إجراءات طارئة تكبح أسعار الطاقة.. إليك التفاصيل

09 سبتمبر 2022
المشاركون في الاجتماع يستهلونه بالوقوف دقيقة صمت حداداً على الملكة إليزابيث (فرانس برس)
+ الخط -

بدأ وزراء الطاقة الأوروبيون اجتماعهم في بروكسل اليوم الجمعة، محاولين وضع حد لانفلات أسعار الطاقة وما يؤدي إليه من ضائقة معيشية وضغوط مالية على موازنات الدول، وقد كشفت مسودة أبرز المقررات المرتقبة. فماذا في التفاصيل؟

ويحاول وزراء الطاقة الاتفاق على سلسلة من الإجراءات الطارئة لوقف ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء بسبب حرب أوكرانيا. وتحت ضغوط كبيرة، قدمت المفوضية الأوروبية إلى الدول الـ27 في الاتحاد مجموعة من الآليات - بعضها معقد جدا - على أمل التوصل الأسبوع المقبل إلى نص يلقى توافقا كافيا بدرجة تسمح بإقراره بسرعة، بحسب "فرانس برس".

وقبيل الاجتماع ببعض الوقت، قال رئيس مجلس النواب الروسي (الدوما) فياتشيسلاف فولودين اليوم الجمعة، إن الخطط الغربية لفرض حد أقصى لسعر صادرات النفط والغاز الروسية ستفشل وإن الأسعار سترتفع كثيرا إلى ما هو أبعد من سقف الأسعار المصطنع الذي يحاولون فرضه، محذرا من أن "ما يسميه مسؤولو الدولة في مجموعة السبع سقفا للسعر سيصبح حدا أدنى له".

وأوردت "رويترز" أن محور المحادثات هو مجموعة من المقترحات التي قدمتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين - من بينها وضع حد أقصى لسعر الغاز الروسي، وضريبة مفاجئة على محطات الطاقة غير الغازية، وخفض الطلب على الكهرباء على مستوى الكتلة، وخطوط ائتمان طارئة لشركات الطاقة التي تواجه متطلبات ضمانات متزايدة.

وقال دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي إن الدول بدت داعمة على نطاق واسع لإجراءات توفير السيولة للشركات كما أيد بعضها كبح الطلب على الطاقة.

 EU energy ministers
وزراء طاقة الاتحاد الأوروبي قبيل اجتماعهم في بروكسل اليوم الجمعة (فرانس برس)

أما المقترحات الأخرى فهي أكثر إثارة للانقسام. فقد فشلت فكرة وضع سقف لسعر الغاز الروسي حتى الآن في كسب التأييد بين غالبية الدول، حيث تساءل البعض عن الكيفية التي سيساعد بها في كبح الأسعار نظرا إلى كميات الغاز المنخفضة التي ترسلها موسكو الآن إلى أوروبا.

وقالت وزيرة الطاقة البلجيكية تيني فان دير سترايتين لـ"رويترز": "نيّتنا أولا وقبل كل شيء خفض الأسعار، وفرض سقف على الغاز الروسي فقط لن يؤدي إلى انخفاض الأسعار".

ودول البلطيق هي من مؤيدي الفكرة، بحجة أن تحديد سقف للأسعار سيظل يحرم موسكو من الإيرادات لتمويل الأنشطة العسكرية في أوكرانيا، علما أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قال يوم الأربعاء، إن روسيا ستتوقف عن إمداد أوروبا بالغاز إذا فرضت سقفا للسعر.

كما أن الدعم لهذه السياسة نادر بين دول أوروبا الوسطى والشرقية غير الراغبة في خسارة الإمدادات المتضائلة التي ما زالت تتلقاها.

وأظهرت بيانات "رفينيتيف" أن شحنات خطوط أنابيب الغاز الروسية عبر الطرق الرئيسية الثلاثة إلى أوروبا تراجعت بنسبة 90% تقريبا في الأشهر الـ12 الماضية. وألقت موسكو باللوم في تخفيضات الإمدادات على مشاكل فنية نجمت عن عقوبات غربية بسبب غزوها لأوكرانيا.

وليس من المتوقع أن توافق دول الاتحاد الأوروبي على أي سياسات يوم الجمعة، لكنها تعطي إشارة لبروكسل بشأن الخيارات التي لديها دعم كافٍ لتحويلها إلى مقترحات نهائية. وعادة ما يتم تمرير قوانين الطوارئ في الاتحاد الأوروبي من قبل غالبية الدول رغم أن بعضها قد يتطلب موافقة بالإجماع.

وأثارت فكرة استرداد الإيرادات من مولدات الطاقة غير الغازية وإنفاق الأموال على خفض فواتير المستهلكين مقاومة في بعض العواصم.

وبحسب مسودة اطلعت عليها "رويترز"، من المقرر أن يحدد اقتراح الاتحاد الأوروبي 200 يورو (199.86 دولارا) لكل ميغاواط/ساعة للسعر الذي تدفعه المولدات غير الغازية مقابل قوتها، وينطبق على مولدات الرياح والطاقة النووية والفحم. (الدولار = 1.0007 يورو).

وعادة ما يتم تحديد أسعار الطاقة الأوروبية من قبل محطات الغاز، ويهدف الحد الأقصى إلى خفض تكلفة الكهرباء التي تنتجها المحطات التي لا تتعرض لأسعار الغاز الأوروبية الصاعدة بقوة، والتي بلغت الشهر الماضي 12 ضعفا قياسا بمستواها في بداية عام 2021.

وتساءلت فرنسا، موطن أكبر أسطول للطاقة النووية في أوروبا، عما إذا كان يجب تطبيق نفس الحد على جميع المولدات. وقال مصدر في وزارة الطاقة الفرنسية لرويترز إن "حقيقة وجود سقف موحد للإيرادات لجميع طرق إنتاج الطاقة وجميع دول الاتحاد الأوروبي أمر نتساءل عنه".

وقال المصدر إن باريس أيدت فرض سقف الاتحاد الأوروبي لأسعار الغاز على خطوط الأنابيب الروسية، لكنه حذر من أن وضع حد أقصى لأسعار الغاز الطبيعي المسال قد يؤدي إلى خسارة الاتحاد الأوروبي أمام دول أخرى بسبب الإمدادات التي تشتد الحاجة إليها.

وذكر دبلوماسي تابع لإحدى الدول في الاتحاد الأوروبي أن "مجموعة كبيرة" من الدول تسعى إلى شكل من أشكال السقف لأسعار الطاقة من أجل خفض الفواتير، ومن بين الأفكار التي يجري نقاشها اليوم وضع سعر للغاز المستخدم لإنتاج الطاقة وسقف على مستوى الكتلة على جميع واردات الغاز.

وفي المحادثات التمهيدية لاجتماع اليوم، تلقى فكرة مصادرة الأرباح الفائقة من الطاقة النووية والطاقات المتجددة لإعادة توزيعها، ترحيبا لكن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي منقسمة جدا بشأن تحديد سقف لأسعار الغاز الروسي، فيما محور المناقشات هو الخلل في سوق الكهرباء الأوروبية حيث يرتبط سعر الجملة بسعر تكلفة آخر محطة طاقة تم تشغيلها لتلبية الطلب - وهي محطة تعمل بالغاز في أغلب الأحيان.

إعادة توزيع الأرباح الاستثنائية

وتقترح المفوضية تحديد سقف لإيرادات مشغلي الطاقة النووية والمتجددة (طاقة الرياح والطاقة الشمسية والكهرومائية وغيرها) الذين يبيعون الكهرباء بسعر أعلى بكثير من تكاليف إنتاجهم. ويمكن أن تنتزع الدول الفارق بين هذا السقف (200 يورو لكل ميغاواط ساعة كما سلفت الإشارة) وسعر السوق لإعادة توزيع هذه "الأرباح الفائقة" على الأسر والشركات الهشة.

وقال دبلوماسي أوروبي إن "الفكرة لقيت تأييدا كبيرا من الدول، لكن بعد ذلك، الشيطان يكمن في التفاصيل، ويجب تحديد السقف"، بحسب "فرانس برس"، بعدما كانت برلين وباريس طالبتا بـ"آلية مساهمة" من هذا النوع.

في الوقت نفسه، تريد المفوضية أن تطلب "مساهمة تضامنية مؤقتة" من منتجي وموزعي الغاز والفحم والنفط التي تعزز مواقعها بفضل ارتفاع الأسعار العالمية.

وقالت الوزيرة النمساوية ليونوري غيفيسلر إنه يجب إجراء "مناقشة بدون محظورات" حول "مجموعات الطاقة التي تحقق أرباحا استثنائية في أوقات الحرب".

وبعد موافقة الدول الـ27 الأعضاء في نهاية يوليو/تموز على خفض استهلاكها من الغاز، تقترح المفوضية أيضا وضع "أهداف ملزِمة" لتقليل الطلب على الكهرباء مع تخفيض لكل بلد "بنسبة 10% على الأقل للاستهلاك الشهري الصافي" و"5% على الأقل" خلال ساعات الذروة.

وهذا الاقتراح أيضا يلقى ترحيبا، إذ يشير دبلوماسي أوروبي إلى "التقارب الكبير في وجهات النظر" بشأن دعم موردي الكهرباء الذين يواجهون نقصا في السيولة بسبب تقلبات السوق. ويمكن تخفيف القواعد الأوروبية للسماح بتزويدهم بسرعة بضمانات عامة.

ودان الرئيس الروسي يوم الأربعاء، ما قد يكون "قرارا غبيا بالمطلق" وهدد بوقف كل الشحنات للدول التي ستتبنى هذه الآلية. ورد وزير الصناعة التشيكي يوزف سيكيلا الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي قائلا إن "هذا الاقتراح ليس بناء. إنه شكل آخر من العقوبات ضد موسكو وليس حلا حقيقيا لأزمة الطاقة". وتؤكد المجر من جهتها أنها "لا تفهم" هذا الإجراء الذي قد يتسبب في "نقص".

من جانبها تدعو إيطاليا إلى وضع حد أقصى لمدة 6 أشهر لسعر الغاز الذي يشتريه الاتحاد الأوروبي بغض النظر عن مصدره بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال المنقول بالسفن. وتؤيد اليونان وبلجيكا خصوصا هذه الفكرة. وقال رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو "لمعالجة الشر من جذوره نحتاج إلى سقف لسوق الغاز بأكمله" وليس الغاز الروسي فقط.

وتدعو المفوضية بالتأكيد إلى "استكشاف السبل" لتقليل كلفة استيراد الغاز الطبيعي المسال من أجل "تجنب دفع أسعار أعلى بكثير" مما هي عليه في آسيا. لكنها تحذر في الوقت نفسه من أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يظل "جذابا" بدرجة كافية للموردين في سوق عالمية يشهد فيها العرض توترا ويمكن لسفن الغاز الطبيعي المسال أن تجد بسهولة وجهات أخرى.

المساهمون