انفتاح تجاري أوسع في قطاع غزة مع مصر

23 يناير 2023
بضائع إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم التجاري مع الأراضي المحتلة (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

يعكس الواقع التجاري في قطاع غزة إقبالاً من الجهات الحكومية التي تديرها حركة "حماس" على الانفتاح التجاري مع مصر، عبر تشجيع الاستيراد منها، من خلال بوابة صلاح الدين الواقعة جنوبي القطاع، في مقابل تقليص الواردات من معبر كرم أبو سالم التجاري المرتبط بالاحتلال الإسرائيلي.

وتقدّر الجهات الحكومية في غزة حجم الواردات من مصر خلال الشهور الأخيرة بنحو 40% من إجمالي الواردات مقارنة بـ 17% قبل سنوات، إضافة إلى تحسن الصادرات عبر المعابر التجارية لتصبح 48%، مقارنة بنسبة 42% في السنوات السابقة.

تقدّر الجهات الحكومية في غزة حجم الواردات من مصر خلال الشهور الأخيرة بنحو 40% من إجمالي الواردات

ويأتي هذا الارتفاع في الصادرات والواردات ضمن التسهيلات التي جرى تقديمها في أعقاب العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2021، بهدف التخفيف من حدة حصار الاحتلال المفروض منذ عام 2006 والذي ينعكس بالسلب على الإيرادات الحكومية، ويقلص حجم الرواتب المدفوعة لأكثر من 40 ألف موظف محسوبين على الحكومة التي تديرها "حماس".

وفي أعقاب تلك التسهيلات، بدأ التوجه الفلسطيني في غزة نحو استيراد مواد البناء، مثل الإسمنت، والحديد، والسلع الغذائية بمختلف أنواعها، إلى جانب غاز الطهي، والمحروقات بمختلف أنواعها من الجانب المصري، مع تقليص الكميات المستوردة من الاحتلال.

ورغم الانفتاح الفلسطيني على التجارة مع مصر، فإن الكثير من السلع لا تزال ضمن "قوائم المنع"، حيث يحظر الاحتلال الإسرائيلي إدخالها للقطاع بمزاعم الخشية من استخدام المقاومة الفلسطينية لها في عملية تطوير قدراتها العسكرية والصاروخية ويضع اشتراطات في تفاهماته الأمنية مع مصر حول ذلك. 

وبالتوازي مع ذلك، فإن السلطات الإسرائيلية تضع اشتراطات عدة على عملية تصدير البضائع والمنتجات الفلسطينية من القطاع، وهو ما يجعل حركة الصادرات محدودة، بالرغم من حالة الارتفاع التي شهدتها عام 2022 مقارنة بالأعوام السابقة.
في السياق، يقول مدير عام غرفة غزة التجارية ماهر الطباع، إن عام 2022 شهد ارتفاعاً بنسبة 90% في حجم الواردات لغزة عبر الجانب المصري، فيما انخفض حجم الواردات عبر معبر كرم أبو سالم التجاري بنسبة 5%، مضيفاً أن الصادرات من القطاع صعدت بنسبة 30% خلال العام الماضي.
وبحسب حديث الطباع لـ"العربي الجديد"، فقد بلغ حجم الواردات عبر بوابة صلاح الدين، حوالي 38 ألف شاحنة خلال 2022، مقارنة مع 21 ألف شاحنة خلال عام 2021، وحوالي 15 ألف شاحنة خلال 2020.

مدير عام غرفة غزة التجارية ماهر الطباع: عام 2022 شهد ارتفاعاً بنسبة 90% في حجم الواردات لغزة عبر الجانب المصري

وأضاف أن عدد الشاحنات الصادرة من القطاع للخارج بلغ حوالي 5770 شاحنة إلى أسواق الضفة الغربية والأسواق الإسرائيلية والخارج، مقارنة مع حوالي 4055 شاحنة خلال عام 2021، ونحو 3175 شاحنة خلال 2020، وحوالي 3145 شاحنة في 2019، وحوالي 2600 شاحنة خلال عام 2018، مشيراً إلى أن الصادرات من غزة خلال العام الماضي زادت بنسبة 30% مقارنة مع العام السابق له.

وتخلل عام 2022 تقديم الاحتلال عدداً محدوداً من التسهيلات الاقتصادية، تمثل في السماح بتصدير بعض المواد الغذائية والصناعية المنتجة في غزة، إضافة إلى إدخال بعض المواد التي يطلق عليها "الاستخدام المزدوج" مثل الألياف البصرية التي تدخل في صناعة قوارب الصيادين. 

ويلفت مدير غرفة غزة التجارية إلى أن إجمالي عدد الشاحنات المصدرة لخارج فلسطين خلال عام 2022 بلغ حوالي 72 شاحنة، أما إلى الضفة الغربية فكان 3315 شاحنة، في حين بلغت لإسرائيل 2383 شاحنة، وهو ما يعكس أن السوق الرئيسي لمنتجات القطاع هي أسواق الضفة الغربية.

ورغم حالة الارتفاع في الواردات للقطاع عبر الجانب المصري، فإن الجهات الحكومية التي تديرها حركة "حماس" تؤكد أن حجم العوائد الضريبية المفروضة محدود للغاية، من أجل ضمان استمرار تدفق السلع وتشجيع التجار على الاستيراد من مصر.

بدوره، يقول الباحث والمختص في الشأن الاقتصادي أسامة نوفل، إن إجمالي الواردات للقطاع من مختلف المعابر الحدودية للقطاع بلغ 117641، بنسبة مئوية تصل إلى 32.5% من إجمالي الشاحنات التي وصلت لغزة خلال العام الماضي.
ويوضح نوفل في حديثه لـ"العربي الجديد" أن الارتفاع الملموس في التجارة مع مصر يعود إلى سهولة وصول السلع إلى القطاع من ناحية المدة الزمنية التي لا تتجاوز الأسبوع إلى جانب الفوارق المالية الواضحة مع السلع الواردة عبر الجانب الإسرائيلي.

رغم الانفتاح الفلسطيني على التجارة مع مصر، فإن الكثير من السلع لا تزال ضمن "قوائم المنع"، حيث يحظر الاحتلال الإسرائيلي إدخالها للقطاع

ويضيف أن مواد البناء كالإسمنت والحديد، والمواد الغذائية مثل الدقيق والبقوليات والزيوت، تلقى قبولاً لدى التجار في القطاع على حساب استيرادها من الاحتلال لفارق السعر وسرعة تدفقها نحو الأسواق.

وبحسب نوفل، فإن ما تتحصل عليه الجهات الحكومية في غزة يعتبر مبالغ مالية بسيطة، حيث لا يزيد المبلغ المالي المحصل على طن الإسمنت عن 20 شيكلاً إسرائيلياً فقط، إلى جانب ما يجري تحصيله من مبالغ محدودة على بقية السلع. (الدولار= 3.53 شيكلات إسرائيلية).

ويرجح الباحث والمختص في الشأن الاقتصادي أن يتعزز الاستيراد الفلسطيني من مصر خلال عام 2023 في ضوء الانفتاح التجاري الحاصل، وتشجيع الجهات الحكومية في القطاع لذلك، إلى جانب الفارق المالي والزمني في عملية وصول البضائع عند مقارنتها مع معبر كرم أبو سالم.

المساهمون