انزلاق البورصة المصرية بسبب هروب الأموال الساخنة وشبح الحرب

06 اغسطس 2024
سمسار يتابع أسعار الأسهم على شاشة البورصة المصرية (فاضل داود/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تراجع البورصة المصرية وتأثير الدولار**: شهدت البورصة المصرية تراجعاً حاداً في مؤشر إيجي إكس 30 بنسبة 2.33% بسبب ارتفاع الدولار وخروج الأموال الساخنة، بالإضافة إلى حركة التصحيح العنيف في الأسواق.

- **هلع المستثمرين وتأثيره على السوق**: صعود الدولار أدى إلى هلع المستثمرين، مما دفعهم لبيع السندات وأذون الخزانة، وزاد من الضغوط على طلب الدولار، وقد تتجه الشركات إلى السوق السوداء في حال عدم توفير الدولار الكافي.

- **الاضطرابات السياسية والاقتصادية**: تزامنت الاضطرابات مع ركود تضخمي وزيادة كلفة الاقتراض، مما أثر على الطلب المحلي والدولي، وارتفاع أسعار الدولار في البنوك والسوق السوداء، مما زاد الأعباء على المدخرات والشركات.

ساد اللون الأحمر شاشات البورصة المصرية مدفوعاً بارتفاع معدلات البيع من الأجانب والمصريين، فهبط المؤشر الرئيسي للبورصة إيجي إكس 30 بشدة لليوم الثاني على التولي، ليفقد نحو 663 نقطة، متراجعا بنسبة 2.33%، أمس الاثنين، منزلقاً إلى 27 ألفا و840 نقطة من مستوى 29 ألفا و287 نقطة مع بداية أغسطس/ آب الجاري.

وطاولت إيقافات الأسهم نحو ما يقارب ربع الأسهم المتداولة بالبورصة المصرية خلال تداولات جلسة الاثنين، في ظل موجة الخسائر التي طاولت أسواق المال العالمية، ليتم إيقاف 49 سهماً بالبورصة المصرية بعد تراجعها بنسب 10% و5% على التوالي لمدة عشر دقائق.
في هذا السياق، يتوقع خبير التمويل والاستثمار وائل النحاس أن تواصل البورصة نزيف خسائرها خلال الفترة المقبلة، متأثرة بارتفاع الدولار وخروج الأموال الساخنة من السوق المحلية بحثا عن ملاذ أكثر أمناً، وحركة التصحيح العنيف التي تشهدها البورصات العالمية والمحلية جراء صعود الأسهم طوال عامين من دون أن تمر بفترة تصحيح، ما أدى إلى تضخم ثروات المتعاملين بالأسهم دون أن يحصلوا على عوائد حقيقية.
يشير النحاس إلى أنّ البورصات تواجه فترة "العوائد المقلوبة" التي تتطلب أن تكون إيرادات الأسهم قريبة من نسبتها الحقيقية، لافتا إلى أن الأسهم قد تفقد نحو 50% من قيمتها خلال الفترة المقبلة، لتبدأ إجراءات التعافي، التي تأخر الوصول إليها منذ العام الماضي.



هلع المال الساخن والبورصة المصرية

في تصريح لـ"العربي الجديد"، قال النحاس إن صعود الدولار دفع حاملي السندات وأذون الخزانة، من الأجانب والعرب والمصريين، إلى التخلص منها، خشية أن يؤدي تراجع الجنيه إلى مزيد من الخسائر التي حققوها عند شراء تلك الأذون والسندات عندما بلغ سعر الدولار 47.20 جنيها، وبتجاوزه نحو 49.50 جنيها أمس، تسبب في فقد المستثمرين ما بين 7%-9% من مراهنتهم على السندات وأذون الخزانة التي تعطي عائدا عند 27%، أملاً في الهروب من السوق بأقل قدر من الخسائر.

أضاف النحاس أن هلع المستثمرين بالمال الساخن من تراجع الجنيه تسبب في اضطراب تعاملات البورصة خلال اليومين الماضيين، حيث اتجه حملة الأسهم من المصريين والأجانب إلى البيع لتسييل قيمة الأصول خشية تعرضهم لخسائر خلال فترة التصحيح التي تمر بها البورصة والركود الذي عم الأسواق الدولية.
وأكد أن هبوط البورصة سيزيد الضغوط على طلب الدولار، وفي حال عدم توفيره بالقدر الكافي أمام المستثمرين من البنوك، ستتجه بعض الشركات إلى تلبية حاجة عملائها عبر السوق السوداء، وهو ما يزيد الضغوط على الجنيه ويتجه إلى مزيد من التراجع أمام الدولار والعملات الرئيسية، ما يشير إلى أن الاقتصاد مقبل على كارثة اقتصادية عميقة.

يأمل محللون ماليون بأن تدفع زيادة سعر الدولار مقابل الجنيه زخم الطلب المحلي من جديد على شراء أسهم الشركات الصناعية والتي تمتلك أصولاً من الأراضي والعقارات، سعياً لحفظ قيمة المدخرات بالجنيه التي تتعرض للتآكل بسبب توقعات بزيادة معدلات التضخم إلى حدود 30% بنهاية العام عن قيمة الفوائد الثابتة عند حدود 25% كحد أقصى بالبنوك.

الاضطرابات السياسية

يأتي رهان المتفائلين في اتجاه معاكس لحالة الاضطرابات السياسية بالمنطقة، والتي تهيمن عليها أجواء حرب إقليمية واسعة تواكب الانهيار العنيف السائد في البورصات الدولية الكبرى، واتجاه الأسواق إلى حالة ركود مخيفة ستنعكس على الأسواق المحلية، حسب محللي اقتصاد.
وجاءت هذه التطورات الجيوسياسية في وقت تراجع فيه الطلب على الدولار من كبار المتعاملين بالشركات، مدفوعاً بزيادة كلفة الاقتراض وتمويل عمليات شراء مستلزمات الإنتاج والواردات من الخارج.

واتجهت البنوك إلى المضاربة الجماعية على الدولار، الذي صعد بنحو 70 قرشا عن الأسعار المعلنة الصاعدة بالبنك المركزي. قادت فروع البنوك الإماراتية عمليات المضاربة على رفع سعر الدولار، أعقبها تنافس البنوك المشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص والدولية على زيادة سعر شراء وبيع الدولار، فساد اللون الأخضر جميع شاشات البنوك، في ظاهرة تحدث لأول مرة منذ التخفيض الأخير بالجنيه، في السادس من مارس/ آذار الماضي، والذي أسفر عن ارتفاع سعر الدولار نحو 50% مقابل الجنيه.

أسعار الدولار

بلغ سعر الدولار بالبنك المركزي 48.72 جنيها للشراء و48.85 جنيهاً للبيع، ووصل إلى 49.45 جنيهاً للشراء و49.55 للبيع بالبنوك، بينما صعد سعر الدولار بالسوق السوداء إلى 49.72 جنيهاً للشراء ليقفز من جديد فوق مستوى 50.58 جنيها. شهد الدولار في سوق الصاغة ارتفاعاً جديداً، إذ قفز إلى 49.23 جنيهاً.
يخشى خبراء من أن يؤدي تراجع الجنيه إلى عدم قدرة أصحاب الودائع وحملة الأسهم على تحمل كلفة أعباء المعيشة، وهو ما يدفعهم إلى سحب مدخرات من البنوك أو تسييل ما لديهم من أسهم وذهب، لتساهم السيولة في سد احتياجاتهم من المشتريات اليومية، مشيرين إلى أن مرور الأسواق بحالة من الركود التضخمي سيساهم في زيادة الأعباء على أصحاب المدخرات، مع ارتفاع الأسعار، بينما الشركات ستتجه إلى رفع أسعار المنتجات، دون القدرة على زيادة المبيعات، لتراجع القوة الشرائية للمستهلكين.
وكان المحلل المالي هشام حمدي قد أكد في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، أن صعود الدولار مقابل الجنيه يظهر الضغوط التي يتعرض لها الاقتصاد، والتي تشمل وجود مشكلة في ميزان المدفوعات، مع زيادة القروض الأجنبية بالدولار، وحاجة الحكومة لسداد التزاماتها الخارجية، مع ارتفاع المصروفات بالدولار على السلع والمنتجات من الخارج، مع تراجع الموارد المالية من قناة السويس والصادرات غير السلعية، مع عدم القدرة على تحقيق التوازن بين قيمة الصادرات والواردات.
وفي سياق متصل، رصد مؤشر مديري المشتريات للشركات غير النفطية، الذي تصدره مؤسسة ستاندرد آند بورز شهرياً، تدهوراً طفيفاً في ظروف الأعمال التجارية. وأشار مؤشر مديري الشركات إلى تراجع الطلب المحلي بنسبة 9%، رغم ارتفاع الطلب على الصادرات، بسبب ضعف ظروف السوق المدفوعة بالضغوط التضخمية التي تواجه الشركات، مع زيادة كلفة مستلزمات الإنتاج في شهر يوليو/ تموز، ووجود أخطار ارتفاع الأسعار مرة أخرى وتقييد النشاط التجاري.