استمع إلى الملخص
- تأثرت مناطق سورية بالأزمة الاقتصادية، حيث أدت الأزمات المتلاحقة وارتفاع تكاليف التربية إلى تقليل أعداد الأضاحي بشكل كبير، خاصة في الشمال الشرقي مع ارتفاع أسعار الأضاحي إلى نحو 500 دولار.
- رغم الظروف الصعبة، ساهمت التحويلات المالية إلى سورية في تقليص الفجوة بين الدخل والإنفاق قبل وخلال عيد الأضحى، مما مكّن بعض الأسر من شراء مستلزمات العيد وساعد في تحسين الوضع المعيشي للسوريين إلى حد ما.
انخفض عدد الأضاحي هذا العام في سورية بشكل كبير، وهو ما يعكس الحالة الاقتصادية المتردية في البلاد، وتلاشي القدرة الشرائية لدى المواطنين الساعين وراء تأمين الحاجات الرئيسية للمعيشة وخاصة الطعام، وتأجيل ما عداها.
ونقلت صحيفة الوطن شبه الرسمية الاثنين عن رئيس جمعية اللحامين بدمشق محمد يحيى الخن قوله إن نسبة ذبح الأضاحي لهذا العام انخفضت بشكل كبير عنها في العام الماضي، موضحاً أنها لم تتجاوز 20% مما ذُبح العام الماضي. وقدر عدد الأضاحي هذا العام بنحو 100 ألف أضحية فقط، في حين بلغ في العام الماضي 500 ألف أضحية، موضحاً أن قلة عدد الأضاحي أدت إلى الحفاظ على سعر ثابت تراوح بين 82 ألف ليرة سورية إلى 85 ألفاً وسطياً (نحو خمسة دولارات) للكيلو غرام للخراف التي تزن من 55 إلى 65 كيلوغراماً. كذلك نقلت الصحيفة عن الخن تأكيده انخفاض عدد الرخص التي أصدرتها محافظة دمشق بنحو 50 رخصة ذبح عن العام الماضي، موضحاً أن عدد رخص الذبح لم يتجاوز 200 رخصة هذا العام. وتعكس الأرقام التي ذكرها الخن الحالة الاقتصادية المتردية في سورية عموماً، وفي مناطق النظام على وجه الخصوص، والتي تقع تحت وطأة أزمات اقتصادية ومعيشية خانقة.
ورأى الخبير الاقتصادي ياسر الحسين في حديث مع "العربي الجديد" أن هناك عدة عوامل وراء انخفاض نسبة الأضاحي في مناطق النظام، منها "زيادة أسعار الأضاحي"، مضيفاً: نتيجة تدهور في الأوضاع الاقتصادية، فإن الأسر قد لا تكون قادرة على تحمل تكاليف شراء أضاحي بالإضافة إلى النفقات الأخرى. وتابع: تأثير الأزمات الاقتصادية العامة يؤدي إلى تقليل الإنفاق الاستهلاكي بشكل عام، مما يؤثر على سوق الأضاحي أيضاً. وعن الدلالات الاقتصادية لانخفاض نسبة الأضاحي في سورية، رأى الحسين أنه "يمكن أن يشير إلى ضعف القدرة الشرائية للأسر".
وفي الشمال الشرقي من سورية الخارج عن سيطرة النظام، أكدت مصادر محلية لـ "العربي الجديد" انخفاض عدد الاضاحي هذا العام إلى حد بعيد، مشيرة إلى أنّ الأولوية باتت لتأمين الطعام في الوقت الحالي. وبيّنت أن سعر الأضحية ارتفع كثيراً، وهو ما حال دون قيام الكثير بذبح الأضاحي في عيد الأضحى الماضي. وأوضحت المصادر أنّه رغم كون الشمال الشرقي من سورية يضم أغلب الثروة الحيوانية في البلاد "إلا أن الأزمات الاقتصادية المتلاحقة، وارتفاع تكاليف التربية خلال السنوات الماضية، أديا إلى تقليل أعدادها إلى حد بعيد".
وأشارت المصادر إلى أن السعر الذي وضعته الإدارة الذاتية في شمال شرقي سورية لشراء القمح، والذي لا يتعدى 30 سنتاً "دفع الكثير من الناس للتخلي عن شراء الأضاحي في العيد"، مضيفاً أن أسعار الكباش وصلت إلى نحو 500 دولار أميركي، وهي أسعار تفوق قدرة أغلب السكان في شمال شرقي سورية في الوقت الحالي.
وارتفعت نسبة التحويلات إلى سورية قبل عيد الأضحى وخلاله، بين 30 و40% عن تحويلات عيد الفطر السابق، الأمر الذي قلّص الفجوة بين الدخل والإنفاق ومكّن بعض الأسر السورية من شراء بعض مستلزمات العيد من حلوى ولحوم وألبسة، رغم الارتفاع الكبير بالأسعار قياساً إلى الدخول المحدودة التي لا تتجاوز، وسطياً 300 ألف ليرة سورية.
ويرى الاقتصادي السوري محمود حسين أن تردي واقع معيشة السوريين وارتفاع أسعار مستلزمات العيد زادا شعور ذويهم بالخارج بمسؤولية المؤازرة، بما فيها القرابة من الدرجتين الثانية والثالثة، لأن "مائة دولار أو يورو قد لا تؤثر على المغترب السوري، لكنها تحدث فارقاً بمعيشة السوريين في الداخل، بعدما وصل سعر صرف الدولار إلى 14,800 ليرة سورية واليورو إلى نحو 16 ألف ليرة"، وفقاً لقوله.