- العاملون يفتقرون إلى الحماية والأدوات اللازمة لسلامتهم رغم تصنيف مهنتهم كخطرة، مما يؤدي إلى إصابات بالغة وأمراض مهنية، مع التأكيد على ضرورة توفير المعدات الواقية.
- التقرير يبرز شهادات العاملين عن النقص في أدوات السلامة والصحة المهنية والأضرار الجسدية والنفسية المترتبة، مع التأكيد على أهمية إدارة النفايات بطريقة آمنة وحماية البيئة.
كشف المرصد العمالي الأردني عن انتهاكات خطيرة للعاملين في مجال النفايات داخل المملكة، بخاصة "المكبات"، تهدد حياتهم بسبب عدم توفر متطلبات السلامة والوقاية، في الوقت الذي ترتفع فيه السموم والانبعاثات غير الصحية.
وأكد تقرير حديث أعده المرصد العمالي (مؤسسة مجتمع مدني)، اطلعت عليه "العربي الجديد"، أنه رغم أن مهنة العمل في مكبات النفايات تصنف من المهن الخطرة، وفق المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي لعام 2021، إلا أن أماكن عملهم تخلو من أدنى معايير وأدوات السلامة والصحة المهنية اللازمة لحمايتهم من الأخطار والإصابات.
وبحسب المرصد، فإن بيئة العمل ضارّة على صحة العامل نتيجة التعرض للمواد الكيماوية السامة وما ينتج من عمليات حرق النفايات، والعمل بحركات متكررة ومستمرة وبذل الجهد بسبب مشقة العمل، إلى جانب العمل تحت درجات حرارة مرتفعة والتعرض للضجيج والرطوبة والروائح الكريهة.
وقال رئيس المرصد أحمد عوض لـ"العربي الجديد " إنه جرى توثيق انتهاكات خطيرة للعاملين في هذا المجال تهدد حياتهم وتعرضهم للأمراض، حيث لا تتوفر متطلبات الأمن والسلامة العامة رغم أن هذه المهنة مصنفة من الأعمال الخطرة ويجب الاهتمام بكل من يعمل فيها لوقايتهم من المخاطر والأمراض والسموم، لا سيما في مكبات النفايات.
ووفق عوض، فإنّ اعتبار المهنة خطرة يعنى الاهتمام بشكل أكبر بمتطلبات الأمن والسلامة العامة لحماية العاملين فيها وتفادي الأخطار التي تهدد حياتهم، مشيرا إلى أنه جرى تسليط الضوء على هذه الأعمال في سياق الدراسات الميدانية التي يقوم بها المرصد لتوثيق الانتهاكات العمالية القطاعية ومطالبات الجهات الحكومية للاعتناء بها.
وقال إن عاملين في مكبات النفايات أكدوا أن أدوات السلامة والصحة المهنية اللازمة لحمايتهم غير متوفرة، ويُرغمون على إيجاد بدائل لحماية أنفسهم من التعرض لإصابات أثناء العمل وأمراض مهنيّة.
ويواجه العاملون عدداً كبيراً من المخاطر في جميع مراحل العمل (نقل النفايات وفرزها وكبسها وحرقها) وبيئة العمل الضارّة، ما يعرضهم لإصابات بالغة وأمراض مهنيّة، فيما سمح لهم الضمان الاجتماعي بالتقاعد مبكراً وفق شروط معينة.
وأكدوا ضرورة توفير الأدوات والمعدات اللازمة كماً ونوعاً وتوفير بنية تحتية مناسبة للعمل بأمان والالتزام بمصفوفة المخاطر المهنيّة وإدارة المخاطر بشكل عام، ورفع مستوى الكفاءة والتدريب والوعي بالسلامة المهنيّة لدى العاملين.
وحسب تقرير المرصد الذي تناول نماذج لعمال يتعرضون لمخاطر في هذه المهنة، فإن علاء الذي يعمل منذ 18 عاماً في إحدى المحطات التحويلية (بصفة مُشغِّل مكبس) يؤكد أن أدوات السلامة والصحة المهنية غير متوفرة له ولزملائه الآخرين في المكان الذي يعمل فيه، وهو يعمل يوماً بعد يوم ويبدأ عمله الثامنة صباحاً حتى الخامسة مساءً. ويضيف: "عملي في اليوم يعادل العمل عن يومين، فالضغوط التي أواجهها والقلق والتوتر عالية بسبب خطورة العمل".
ويقول إنه حال تعرضه لأي إصابة يعالج على حسابه الخاص، مشيرا إلى تعرضه العام الماضي لإصابة في قدمه وتكبد مصاريف العلاج على نفقته ولم يحصل على أي تعويض، وهو منذ سنوات لا يفارقه السعال طوال اليوم بسبب الروائح الكريهة والسموم التي يستنشقها من عمله.
وبين أن مكان عمله غير آمن وغير مهيأ للعمل وبخاصة أيام الشتاء؛ قائلاً: "هناك كابلات كهرباء أسفل الغرفة التي أعمل فيها في الشتاء تغرق بالمياه، وهذا يضاعف الخطر الذي قد أتعرض له في أي وقت".
ومن جانبه، يقول العامل حمزة إنّ أدوات السلامة، مثل قفازات الأمان والبدلة والحذاء الآمن، كانت الإدارة تصرفها مرة في السنة وتطلب بالحفاظ عليها. ويضيف: لا يمكن المحافظة على الأدوات عاماً كاملاً بسبب رداءة صناعتها، بخاصة البدلة التي كانت لا تقيني من شيء ولا حتى خلال العمل تحت المطر في فصل الشتاء.
ويتابع أنه تعرض منذ سنوات وزميله خلال تنظيف الآلة التي يعملان عليها إلى حالة تسمم شديدة واختناق بسبب استنشاقهما غاز الميثان. وقال مستشار ومدير السلامة والصحة المهنيّة في عدة شركات أسامة أبو نوّاس إن عملية إدارة النفايات تحتاج خططاً وأنظمة متكاملة تضمن حماية العاملين أولاً والبيئة المحيطة بها ثانياً.
وأضاف أن العاملين يشكلون القوى العاملة والرئيسية في مهمة التخلص من النفايات بطريقة أو بأخرى، ويواجهون عدداً كبيراً من المخاطر في جميع مراحل العمل (نقل النفايات وفرزها وكبسها وحرقها). وبين أن بعض المكبات تكون مخصصة للنفايات الخطرة وتخلو بصفة عامة من أي أدوات وشروط للسلامة والصحة المهنيّة للعاملين.