انتهاء أولى مراحل التحقيق الأوروبي في عمليات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة

20 يناير 2023
هذه المرحلة أفضت إلى تقدّم في حيثيات التحقيق بعمليات مالية لرياض سلامة (فرانس برس)
+ الخط -

انتهت اليوم الجمعة مهمّة المحققين الأوروبيين ضمن المرحلة الأولى من التحقيقات الجارية في قضية حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة وآخرين بشبهات تبييض الأموال والإثراء غير المشروع، والتي شملت جلسات الاستجواب فيها عدداً من المصرفيين والماليين بصفة شهودٍ، على أن يعودوا إلى بيروت في جولة ثانية يُنسَّق موعدها مع الجهات القضائية المختصة لبنانياً.

وتركزت أسئلة المحققين من دول فرنسا، ألمانيا، ولوكسمبورغ، التي وجهت إلى نواب سابقين لحاكم مصرف لبنان، وموظفين ماليين، وكبار المصرفيين، بينهم الوزيران السابقان مروان خير الدين وريا الحسن، حول التحويلات المالية إلى الخارج، لا سيما دول أوروبية، التي جرت عبر شركة "فوري" التي يملكها رجا، شقيق رياض سلامة، والتي تصل إلى حوالي 330 مليون دولار، وسط شبهات فساد، ونيل الشركة المذكورة، التي يشتبه بأنها وهمية أو صورية، عمولات غير مشروعة من بنوك محلية.

وريا الحسن كانت أول امرأة تقود وزارة الداخلية في تاريخ لبنان والدول العربية، إذ عينت في 31 يناير 2019 في حكومة سعد الحريري، علماً أنها كذلك تولت سابقاً منصب وزيرة المال، كما عيّنت عام 2020 رئيسة لمجلس إدارة بنك البحر المتوسط.

أما مروان خير الدين، فكان وزير دولة سابق، وتربطه علاقة وطيدة بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وقد ترشّح عام 2022 للانتخابات النيابية في الجنوب، مدعوماً من الثنائي "حزب الله" و"حركة أمل" (يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري)، لكنه خسر أمام المرشح فراس حمدان الذي يمثل "انتفاضة 17 تشرين"، كما أنه سقط مرة ثانية بعدم قبول المجلس الدستوري الطعن الذي تقدّم به في نتيجة الانتخابات.

وقال مصدر قضائي مطلع على مسار التحقيقات الأوروبية، لـ"العربي الجديد"، إن "الأجواء إيجابية جداً، ولم تكن سلّة المحققين الأوروبيين، الذين يغادرون غداً السبت بيروت، فارغة أبداً، بل امتلأت بالمعلومات المرتبطة بالتحويلات إلى الخارج والعمليات المتصلة بسندات اليوروبوندز والتي عليها الكثير من الشبهات".

وأشار المصدر إلى أن "الوفد الأوروبي سيعود إلى بيروت، بيد أن الموعد لم يحدد بعد، فهناك اشخاص لم يستجوبهم رغم أنهم كانوا ضمن لائحة المرحلة الأولى بعدما تقدموا بمعذرات لعدم المثول أمام المحققين، ومن غير المستبعد أن يرد اسم رياض سلامة في المرحلة الثانية، كما الادعاء عليه أيضاً".

ويقول الكاتب الاقتصادي منير يونس، لـ"العربي الجديد"، إن المحققين سيعودون إلى بيروت وربما أكثر من مرة، تبعاً للتساؤلات التي تبقى لديهم حول شبكة تحويلات الأموال.

ويشير يونس إلى أن أهم نقطتين في التحقيق مرتبطتان أولاً بالتدقيق بعقد شركة فوري وما إذا كان حقيقيا أو وهميا، لأن الشركة المذكورة يملكها رجا سلامة، شقيق حاكم البنك المركزي، وكان لديها عقد وساطة مع مصرف لبنان، من هنا أهمية التأكد مما إذا كان هناك عقد خدمات حقيقية لقاء عمولات أو أن العقد وهمي للحصول على عمولات بطريقة غير مشروعة.

أما الجانب الثاني، يضيف يونس، فإن المحققين سيدققون بتحويلات حصلت من حسابات رجا إلى حسابات حاكم مصرف لبنان، حتى يصلوا إلى معرفة ما إذا كانت الأموال التي استخدمها رياض سلامة في شراء العقارات والأصول في أوروبا مصدرها نظيف أو مشبوه.

ويلفت يونس إلى أنه لا يستبعد طلب استجواب رياض سلامة، مضيفاً، "التحقيقات قطعت شوطاً كبيراً واقتربت من تثبيت الشبهات، وحتماً سيجرى تقييم نتيجة التحقيقات والخطوات اللاحقة، ولكن هناك خطوات ممكن اتخاذها قد تصل إلى حدّ الادعاء على سلامة وآخرين من قبل القضاء الأوروبي في عدد من الدول، إذ يمكن حصول ذلك بحسب معلوماتي خلال شهر أو اثنين".

موقف
التحديثات الحية

هذا وبحسب معلومات "العربي الجديد"، أقر مدير أحد أكبر البنوك في لبنان، خلال التحقيقات، بأنه جيّر شيكات من رجا سلامة لشقيقه رياض سلامة، وهناك الكثير من العمليات التي تقام بينهما، مع العلم أن رجا خضع للتحقيق من قبل القضاء اللبناني بتهم التواطؤ بجرم الإثراء غير المشروع، واحتجز مدة قصيرة، في حين يرفض حاكم مصرف لبنان المثول أمام القضاء اللبناني.

وأعلنت النيابة التمييزية في بيان مسائي خلاصة المرحلة الأولى من مهمة الوفد القضائي الأوروبي في لبنان، وأشارت إلى أنها أنهت، اليوم الجمعة، تنفيذ طلبات مساعدة قضائية وجهتها إليها دول فرنسا وألمانيا ولكسمبورغ، ضمن الأطر الدبلوماسية، في قضايا تحقيق في تحويلات مالية أجريت في تلك الدول.

وقالت: "استهلت الاعمال بلقاء عقد صباح الإثنين 16 يناير/كانون الثاني الجاري، جمع النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات بفريق تحقيق قضائي أوروبي مشترك ضمّ قاضيي التحقيق الفرنسيين أود بورسي وسيرج تورنير والمحامي العام المالي كوينتن داندوي وقاضية التحقيق في لوكسمبورغ مارتين كروس وعدداً من المحققين، جرى خلاله التوافق على إجراءات العمل".

وأشارت إلى أنه "عليه، وبتكليف من النائب العام التمييزي، ترأست المحامي العام التمييزي القاضية إميلي ميرنا كلاس جلسات الاستماع إلى الشهود، الذين حضر منهم ثلاثة نواب سابقين لحاكم مصرف لبنان، إضافة إلى مديرين في مصرف لبنان، ومصرفيين لبنانيين، ومدقق حسابات، بعدما أتم قسم المباحث الجنائية المركزية برئاسة العقيد نقولا سعد تبليغهم أصولاً، كما قام القسم بمشاركة شعبة المعلومات، القوة الضاربة في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، والمجموعة الخاصة في الشرطة القضائية، بالعمل على تأمين الحماية الأمنية للوفود ولقاعة المحكمة ومحيطها".

واعُقدت الجلسات بالصورة السرية بحضور فريق التحقيق المشترك من البلدان الثلاثة الطالبة والمحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان واتبعت الإجراءات المنصوص عليها في القوانين اللبنانية، بحسب ما أفاد البيان.

وامتدت الجلسات على مدى خمسة أيام في القاعة الكبرى لمحكمة التمييز، حيث جرت الاستعانة بمساعدتين قضائيتين لطباعة محاضر الضبط التي سوف يصار إلى إيداع نسخ عنها السلطات الطالبة وفق الأصول الدبلوماسية المعمول بها، وتولت مترجمتان الترجمة الفورية، ومترجم للغة الألمانية.

وقالت النيابة العامة التمييزية في بيانها إنه في الختام، عقد اجتماع تقييمي مع النائب العام التمييزي وعرضت الوفود القضائية استعدادها التام لتنفيذ الطلبات التي يوجهها لبنان إليها عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل، شاكرة استضافتها، كما أبدت النيابة العامة التمييزية تقديرها للجهود المبذولة، مشيرة إلى أن هذا التعاون يندرج في إطار تنفيذ لبنان التزاماته في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والقوانين اللبنانية الداخلية.