انتهاء أسطورة "أرابتك" الإماراتية ... محكمة في دبي تشهر إفلاسها وتبيع أصولها

25 أكتوبر 2022
مشروع لأرابتك قبل إفلاسها (فرانس برس)
+ الخط -

انتهت أسطورة شركة "أرابتيك" القابضة الإماراتية، وهي واحدة من كبرى الشركات العقارية في منطقة الشرق الأوسط، بإعلان إفلاسها وبيع أصولها لصالح الدائنين.

ففي حكم نهائي، أعلنت محكمة دبي الابتدائية، الإثنين، إفلاس أرابتك، ووافقت على تصفية أصولها، بما فيها الأصول المملوكة للشركات التابعة لها.

ووفقاً لمنطوق الحكم، يسري إعلان الإفلاس والسماح بتصفية الأصول على شركات أرابتك للإنشاءات، والشركة النمساوية العربية للخرسانة الجاهزة، وشركة أرابتك بريكاست، وشركة فالكون إلكتروميكانيكال (إيفيكو).

وعيّنت المحكمة أمناء للإجراءات، تم تكليفهم بجرد شركات أرابتك، كل منها على حدة، مع بيان بالصناديق والقيمة السوقية لجميع أصولهم من قبل مقيمين متخصصين، وتم تكليفهم بإجراءات البيع والتصفية والتوزيع على الدائنين.

وجردت المحكمة مديري شركة أرابتك القابضة وأعضاء مجلس إدارتها من إدارة الشركة والشركات التابعة لها في البلاد وخارجها، حيث جاء في حكم المحكمة "لم يعد بإمكانهم إدارة أموال أرابتك أو التصرف فيها أو دفع أي مطالبات أو اقتراض أي مبالغ باسم أرابتك".

وقالت المحكمة إنهم "ملزمون بتسليم أمناء التفليسة جميع أموال الشركة ووثائقها، بما في ذلك البيانات التفصيلية لجميع المستحقات والوثائق الأصلية المؤيدة لتلك الديون، وبيانات القضايا المرفوعة من قبل وضد الشركة القابضة أو أي من الشركات التابعة لها ونتائج تلك القضايا التي كانت تحت أيديهم خلال خمسة أيام من تاريخ هذا الحكم".

وتعد أرابتك، التي تأسست في عام 1975، بالشركات التابعة لها، أكبر مجموعة شركات مقاولات وأكثرها تداولاً في البورصة في دبي، وتقدم خدماتها في مجالات البناء للقطاعات السكنية والتجارية والنفط والغاز والبنية التحتية والطاقة وإدارة المرافق وتطوير العقارات داخل دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها.

وقدمت الشركة أفضل وأشهر أعمالها في بناء الأبراج الشاهقة والمباني والفيلات السكنية، ومنها برج خليفة العملاق، أطول برج في العالم، وتصميم برج العرب، رابع أطول فندق في العالم، ومتحف اللوفر في أبوظبي، وإحدى الصالات في مطار آل مكتوم الدولي.

ودخلت الشركة الإماراتية في اتفاقيات تجارية مع عدد من تكتلات البناء الكبرى في مختلف بلدان العالم، بما فيها مجموعة بن لادن السعودية، إلا أنها تقدمت بطلب للتصفية قبيل نهاية الربع الثالث من عام 2020، بسبب تعثر وضعها المالي في أعقاب تداعيات جائحة فيروس كورونا.

وكانت أرابتك القابضة أول شركة خاصة وأول شركة إنشاءات تطرح للاكتتاب العام في الإمارات العربية المتحدة، وتم إدراج الشركة في سوق دبي المالي في عام 2005.

ومنذ الاكتتاب العام كان السهم واحداً من أكثر الأسهم تداولاً في المنطقة، حتى أنّ الشركة حصلت في عام 2010 على جائزة سوق دبي المالي لأكثر الأسهم تداولاً من عام 2000 إلى 2010.

ورغم النجاحات الظاهرة على السطح، كانت هناك تحفظات كبيرة على الشركة، خاصةً في ما يتعلق بالطريقة التي تعاملت بها مع العمالة التي تستخدمها.

وفي برنامج "بانوراما بي بي سي" عام 2009 تم الكشف عن معاملة أرابتك عمالها من المهاجرين بطريقة غير إنسانية، حيث أظهر البرنامج كيف فشلت أرابتك في تزويد العمال بوسائل الراحة الأساسية للعيش في ظروف شديدة السوء في المخيمات التابعة لها.

وتسلل مراسلو "بي بي سي" بكاميراتهم السرية إلى المخيم ليقابَلوا برائحة مياه الصرف الصحي غير المعالجة، التي تسربت إلى كافة أنحاء المخيم، حتى أن العمال اضطروا إلى إنشاء شبكة من نقاط الانطلاق لعبورها والعودة إلى مجمعات سكنهم. 

وأظهرت الوثائق التي حصلت عليها "بي بي سي" بوضوح أنه قبل شهر من زيارة طواقم التلفزيون، وصفت بلدية دبي حالة الصرف الصحي في الموقع بأنها حرجة، وتم تغريم أرابتك بمبلغ عشرة آلاف درهم، لإهمال معايير النظافة والسماح لمياه الصرف الصحي بالتدفق إلى أماكن الإقامة التي يستخدمها العمال.

وعملت أرابتك للإنشاءات المتخصصة في تنفيذ مشاريع البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية في مصر منذ عام 2010، كإحدى الشركات التابعة لمجموعة أرابتك القابضة، المملوكة للحكومة الإماراتية، حيث تمتلك شركة آبار للاستثمار، الذراع الاستثمارية لحكومة أبوظبي، 35% منها.

وقدمت أرابتك مجموعة كبيرة من الأعمال التي لا تزال تحت الإنشاء في مصر، وكان أغلبها يتم عبر تعاقدات مع شركة إعمار مصر، الذراع المصري لأكبر مطور عقاري مدرج في دبي، وأهم الشركات الأجنبية المستثمرة بالقطاع العقاري المصري.

وفي إطار دعم الحكومة الإماراتية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أعلنت "أرابتك القابضة" في عام 2014، ضخ 60 مليار دولار استثمارات موزعة على عدة قطاعات حتى عام 2017، بينها إنشاء مطار مدينة السادس من أكتوبر.


وكان من أهم المشروعات التي تعاقدت أرابتك على تنفيذها في مصر المشروع القومي لبناء "المليون وحدة سكنية" في 13 مدينة مصرية بحلول عام 2020، وبكلفة تبلغ نحو 280 مليار جنيه (35.76 مليار دولار).

وجاء المشروع، الذي تلقفه السيسي، واستغله في حملته الانتخابية في مارس/ آذار 2014، في صفقة مع وزارة الدفاع المصرية، اعتبرها مراقبون من أهم علامات الدعم الإماراتي للسيسي، بعد الانقلاب على أول رئيس منتخب بصورة شرعية في تاريخ مصر.

ورغم الاحتفاء بالمشروع وقتها، على المستويين الرسمي والإعلامي، انسحبت الشركة الإماراتية من المشروع لرفض الحكومة المصرية تقديم التمويل المطلوب من البنوك المصرية، قبل أن تعود مرةً أخرى للتعاقد مع شركة إعمار مصر لتنفيذ بعض المشروعات الجديدة في البلاد. 

المساهمون