انتقاد رفع أسعار الخبز وانخفاض معروض المواد الاستهلاكية في سورية

16 ديسمبر 2024
طوابير الخبز من أحد أفران حلب السورية، 15 ديسمبر 2024 (بوراك كارا/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- رفع سعر الخبز وتحديات المعيشة: شهدت سوريا انتقادات لرفع سعر الخبز إلى أربعة آلاف ليرة، مما زاد الأعباء على المواطنين رغم انخفاض أسعار بعض المواد الغذائية الأخرى مثل السكر والزيت النباتي.

- تأثير السوق المفتوحة والقلق التجاري: تصريحات حول توجه الاقتصاد نحو السوق المفتوحة أدت إلى استقرار نسبي في الأسعار، لكن القلق من المساءلة القانونية وتدفق المنتجات التركية يؤثر على التجار.

- استقرار المحروقات وارتفاع أجور المواصلات: رغم استقرار أسعار المحروقات، ارتفعت أجور المواصلات، مما يزيد الأعباء على المواطنين وسط غياب معايير لارتفاع قيمة الليرة السورية.

تشهد سورية انتقادات لرفع سعر الخبز تزامناً مع انخفاض المعروض من المواد الاستهلاكية في المحال التجارية. فما القصة؟ بعد أسبوع على إعلان سقوط النظام السوري وهروب المخلوع بشار الأسد، تشهد الشوارع السورية في دمشق وريفها هدوءاً ملحوظاً، بالتزامن مع عودة آلاف الموظفين إلى أماكن عملهم وعودة الطلاب إلى مدارسهم، الأمر الذي انعكس بشكل كبير على أسعار المواد الغذائية الضرورية للسوريين.

وواجه رفع سعر الخبز انتقادات كبيرة من الشارع السوري، إذ ارتفع سعر ربطة الخبز (12 رغيفاً) إلى أربعة آلاف ليرة سورية، بعدما كان سعر ربطة الخبز (سبعة أرغفة) أقل من 500 ليرة كحصة يأخذها المواطن السوري من بطاقته الذكية، والتي كانت توفر دعماً مقبولاً، ولو بشكل بسيط، لشرائح من المجتمع السوري باتت تحت خط الفقر. وقد أصبحت هذه المادة الضرورية لمائدة السوريين متوافرة رغم بعض الطوابير عند الأفران. ودخل الموظف السوري أيام الحكومة السابقة كان لا يتجاوز وسطياً 20 دولاراً (ما يعادل 300 ألف ليرة)، ما يعني أن ارتفاع سعر الخبز يشكل عبئاً إضافياً على كاهل السوريين. لكن أسعار المواد الغذائية تراجعت إلى مستويات ما قبل سقوط النظام، حيث هبطت أسعار السكر إلى ما بين ما بين 7.5 و9.3 آلاف ليرة بعدما وصل سعرها إلى 35 ألفاً. كذلك، بدأ ليتر الزيت النباتي يشهد انخفاضاً ملحوظاً لتصل عبوة الزيت النباتي سعة ليتر واحد، إلى 20 ألف ليرة سورية، بعدما تجاوز 70 ألف ليرة.

أما كيلو المعكرونة فأصبح سعره 11 ألف ليرة سورية بعدما تخطى 30 ألفاً في صباح يوم سقوط النظام، فيما بلغ سعر كيلو البرغل 12500 ليرة بعدما سجل 40 ألفاً. أما كيلو العدس فهبط من نحو 40 ألف ليرة إلى 16 ألفاً. وعادت المواد الغذائية بكثافة إلى رفوف المحال التجارية بعدما فرغت منها في أول الأسبوع الماضي، حيث حاول كثير من التجار إخفاءها للتحكم بأسعارها دون حسيب أو رقيب، وهي عادة قديمة اعتادوا عليها في عهد الأسدين، لعدم وجود أي رقابة تموينية حقيقية على الأسعار.

وقد عكست تصريحات قائد غرفة العمليات العسكرية لفصائل المعارضة وزعيم "هيئة تحرير الشام" أحمد الشرع بخصوص اتجاه الاقتصاد السوري إلى السوق المفتوحة ارتياحاً عاماً وحالة استقرار لافتة لأسعار المواد الاستهلاكية والغذائية في الأسواق السورية، بعدما شهدت ارتفاعاً كبيراً قبل أكثر من أسبوع. لكن الملاحظ أن عودة الهدوء إلى الشارع السوري قد أفرزت بعض القلق عند التجار الجشعين، لأنهم ربما سيتعرضون للمساءلة القانونية، في وقت قريب جداً.

ماذا يقول التجار السوريون عن الغلاء؟

في اتصال لـ"العربي الجديد" مع تاجر الجملة بشار نصري للمواد الغذائية، والذي يملك محلاً ضخماً في الشعلان، أحد الأحياء الثرية في دمشق، شعر بشكل واضح بتراجع حركة البيع، لأنه منذ أسبوع كدّس كثير من السوريين مواد غذائية بكميات ضخمة خوفا من إطالة الفترة الانتقالية. وأضاف نصري أن السوق بدأ يشهد إغراقاً لبعض المواد الغذائية ذات المصدر التركي، وأن "السوق ذاهبة إلى نظام السوق المفتوحة إلى جانب العرض والطلب، الأمر الذي سيجعل الناس تتوجه إلى التسوق من المولات، والذي ربما سيضرّ كثيرا بتجار التجزئة الصغار".

أما باسم هيلانة، وهو تاجر مفرق للمنظفات في جرمانا في ريف دمشق، فقد اعتبر أن "الناس تمتنع عن الشراء في هذه الأيام بسبب تحليل بسيط وسطحي لكثير من العامة، مفاده أن قيمة الليرة بالنسبة للدولار سترتفع خلال أيام بشكل كبير، الأمر الذي سيوفر عليهم صرف كثير من مدخراتهم". وأكد باسم لـ"العربي الجديد" أن علبة محارم التواليت عادت إلى 14 ألف ليرة سورية بعدما وصل ثمن العلبة الواحدة إلى 23 ألف ليرة سورية، قبل يومين من سقوط الأسد. وأشار باسم إلى أن أسعار المنظفات ومساحيق الغسيل بقيت مرتفعة بشكل كبير.

ارتفاع أجور المواصلات في سورية

كذلك ينعكس الهدوء في الشارع إلى ثبات تقريبي لأسعار المحروقات الأساسية من البنزين والمازوت، والغاز، وخاصة بعد تداول أسعار هذه المواد بالدولار الأميركي. في المقابل، هناك ارتفاع كبير في أجرة الراكب بين المحافظات، إلى جانب ارتفاع أجرة الراكب داخل مدينتي جرمانا في ريف دمشق ومدينة دمشق إلى ثلاثة آلاف ليرة سورية بعدما بقيت 1000 ليرة لمدة طويلة.

وفي المجمل، من المبكر الحديث عن الوضع الاقتصادي بشكل تحليلي معمق، لكن كثيرا من المحللين الاقتصاديين يرون أن هناك عوامل كثيرة، بعضها خفي، وراء ارتفاع أسعار الليرة السورية، والذي يبدو وهميًا، بسبب عدم وجود معايير موضوعية لارتفاع الليرة الضعيفة جدا. ومن العوامل الإيجابية التي سببت بشكل كبير انخفاض بعض السلع هو غياب حواجز النظام السابق، والتي كان عناصرها من الفرقة الرابعة، والأمن العسكري يتقاضون مبالغ مالية كبيرة من "الخوّات" مقابل السماح بدخول شاحنات البضائع والخضار والفواكه، الأمر الذي انعكس سياسة في تدفق تلك التوريدات بشكل سريع وسلس بعد سقوط الأسد وإلغاء كل تلك الحواجز الكثيرة.

المساهمون