اعتاد سكان محافظة إدلب شمال غربي سورية الذين يزيد عددهم على 4 ملايين نسمة بشكل أسبوعي على قيام الشركة المتحكمة بكل ما يدخل المنطقة من وقود برفع أسعاره أسبوعياً، بحجة تغيّر سعر صرف الليرة التركية التي يتعامل بها الشمال السوري وارتفاع أسعار النفط عالمياً، لكنّ هذه الشركة لم تخفّض الأسعار في الأوقات التي تتراجع فيها أسعار النفط أو يتحسّن فيها سعر صرف الليرة التركية أمام العملات الأخرى.
وقد رفعت الشركة اليوم الأربعاء، سعر ليتر البنزين المستورد إلى 9.14 ليرات تركية (نحو دولار أميركي)، وليتر المازوت الأول إلى 8.5 ليرات، وليتر المازوت المحسّن إلى 6.48 ليرات، بينما وصل سعر أسطوانة الغاز المنزلي إلى 127.5 ليرة تركية، وعزت رفع الأسعار الأخير إلى انخفاض سعر صرفها أمام الدولار الأميركي.
وكانت قبل 4 أيام رفعت سعر ليتر البنزين المستورد إلى 8.46 ليرات تركية، وليتر المازوت الأول إلى 8.15، وليتر المازوت المحسن إلى 6.21، وسعر أسطوانة الغاز المنزلي إلى 122.5 ليرة.
وفي كل مرة ترفع فيها الأسعار تعلو أصوات السكان في إدلب، لكن لا بديل إذ تتحكّم الشركة التي تشرف عليها حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام بأسواق المحروقات بشكل كامل، ووضعت كبار التجار تحت جناحها حتى لم يبقَ لها أي منافس في السوق.
يقول الباحث الاقتصادي أحمد سليمان لـ"العربي الجديد" إن الشركة التي أسسها رجال أعمال تابعون لهيئة تحرير الشام عام 2018 باتت تسيطر بشكل فعلي على كل قطرة محروقات داخل محافظة إدلب، وكانت عندما علت الأصوات ضدها في وقت سابق أوجدت شركتين منافستين وهميتين تحت اسم "كاف" و"الشهباء" وهما تابعتان لـ"وتد"، لكن الهدف من إيجادهما التغطية على العمليات التي تقوم بها الشركة من احتكار للسوق.
ويضيف أنه لا أرقام واضحة لحجم أموال الشركة، لكن الواضح أنها أهم مصدر تمويل لهيئة تحرير الشام، وبحسب فاتورة تمّ تسريبها في يونيو/حزيران 2020 فإن صافي الأرباح الشهري بلغ مليوناً و83 ألف دولار، إضافة لنحو 352 مليون ليرة سورية.
وبحسب سليمان، فإن الشركة تمنع دخول السيارات القادمة من عفرين، إذا كان في خزانها وقود زائد، وكانت منعت عمل التجار الذين كانوا يستوردون المحروقات بصهاريج من مناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" وأتبعت أخيراً معظم محطات الوقود لها، كما أنشأت محطات جديدة في محافظة إدلب وريف حلب الغربي.
ويلفت إلى أن خدعة إيجاد منافسين التي أوجدتها الشركة لم تنطلِ على السكان، فكانت نشرات الشركتين الجديدتين قريبة جداً من أسعار وتد ولم تستطيعا المنافسة، وأيضاً توقّفت حساباتهما عن النشر على مواقع التواصل منذ عام 2020، ما يشير إلى فشل هذه الحيلة، بحسب سليمان.
وتتحكم شركة وتد بالمحروقات التي تصل إلى إدلب والمناطق الخاضعة لنفوذ الجيش الوطني السوري المعارض من تركيا ومناطق سيطرة "قسد"، في أرياف حلب والرقة والحسكة، ودائماً ما تبرّر رفع سعر المحروقات والمواد الأخرى باختلاف سعر صرف العملة التركية مقابل الدولار، والتي تمّ اعتمادها من قبل "حكومة الإنقاذ" عملةً رئيسيةً في المحافظة منذ العام الماضي.