انتعاش عقارات قطر.. مكاسب للمستثمرين والمالكين وعبء على المستأجرين

انتعاش عقارات قطر.. مكاسب للمستثمرين والمالكين وعبء على المستأجرين

25 ديسمبر 2022
ساهمت فعاليات بطولة كأس العالم في زيادة أعباء الإيجارات على الوافدين (Getty)
+ الخط -

شهد سوق العقارات في قطر حالة من الانتعاش مع استضافة الدولة الخليجية كأس العالم 2022، وتزايد الطلب على السكن من قبل آلاف الزوار الذين حضروا لمشاهدة مباريات الحدث الرياضي الأبرز كأس العالم 2022.

وصاحب الانتعاش الذي جرى قبيل وخلال مونديال كأس العالم زيادة في أسعار إيجارات الوحدات السكنية في معظم المناطق، وهو ما شكل مكسبا لمالكي الوحدات العقارية والفيلات وعبئا على المستأجرين، خاصة الوافدين.

ورغم هذه الانتعاشة في إيجارات الشقق والفيلات التي سبقت الحدث المونديالي وتوقعات استمرار الطلب، خاصة مع زيادة متوقعة في عدد السياح، إلا أن سماسرة عقارات يتوقعون تراجعاً في الإيجارات خلال الفترة المقبلة مع زيادة المعروض من الوحدات السكنية، وهدوء الطلب على الوحدات بعد انتهاء كأس العالم.

واستقبلت قطر أكثر من مليون و400 ألف زائر من أنحاء العالم خلال المونديال، الذي انطلقت منافساته في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، واستمرت حتى الأحد الماضي بإقامة المباراة النهائية التي انتهت بفوز منتخب الأرجنتين على فرنسا، على أرضية استاد لوسيل.

وبحسب بيانات رسمية، بلغ حجم إيرادات قطر من السياحة الداخلية خلال النصف الأول من العام الحالي، نحو 9.588 مليارات ريال، بارتفاع سنوي يناهز 45.74% (الدولار= 3.6413 ريالات). كما بلغت العوائد المالية المحققة من استضافة كأس العالم نحو 17 مليار دولار.

وتستهدف قطر جذب 5.6 ملايين زائر سنويا بحلول عام 2023، وهو ما يعادل ضعف العدد الذي استقبلته البلاد في عام 2016، كما تهدف إلى تحقيق معدل إشغال بنسبة 72% في المنشآت الفندقية، عبر زيادة الطلب وتنويع خيارات الإقامة السياحية. وفي حال جذب هذا العدد، فإن جاذبية قطاع العقارات القطري ستزيد على المديين المتوسط والبعيد.

ويعتبر القطاع العقاري من القطاعات المهمة التي تمنح حاليا عوائد جيدة للمستثمرين في السوق، وتستحوذ على حصة ‏كبيرة من النشاط الاقتصادي في جميع المناطق، حيث يسعى المستثمرون في هذا القطاع الحيوي إلى تحقيق الأرباح ‏والعوائد الدائمة من دون مخاطر، وهنك توقعات بزيادة وتيرة الصفقات العقارية مستقبلا.

وأشار تقرير "شركة الأصمخ" الصادر في 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري، إلى توقعات بأن تتخطى عائدات قطاع عقارات التجزئة العام الحالي المعدلات المسجلة لعائده السنوي خلال عام 2021 والبالغة 8%، مدعوما بارتفاع نمو الإنفاق الاستهلاكي جراء تدفق آلاف الزوار لقطر تزامنا مع كأس العالم.

وسجل مونديال قطر حضورا جماهيريا بلغ 3 ملايين و404 آلاف و252 مشجعا مع انتهاء المباراة النهائية التي حضرها 88 ألفا و966 مشجعا، بحسب وكالة الأنباء القطرية "قنا".

ارتفاع الإيجارات في قطر

وقال مدير العقارات في شركة "رتاج" العقارية هشام سليم، إن زيادة الطلب ومحدودية المعروض يؤثران بشكل ملحوظ على بدلات إيجار العقارات لأن سوق العقارات خاضع لقوانين العرض والطلب، لكن تتفاوت تلك الارتفاعات من منطقة لأُخرى حسب المعروض فيها وتبعا لحجم طلبات الإيجار.

وكشف تقرير صادر عن "بروبرتي فايندر" زيادة أسعار الإيجارات في مختلف مناطق قطر قياساً بأسعار النصف الأول من 2021. كما تواصلت الزيادة في الفترة من يوليو/تموز الماضي إلى موعد انطلاق مونديال قطر في 20 نوفمبر/نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وتطرق التقرير نفسه إلى أثر طلب المستأجرين المتزايد والعرض المحدود على أسعار إيجار العقارات، حيث سُجل ارتفاع واضح في الإيجارات بكافة المناطق التي تتوافر فيها شقق سكنية.

فقد سجلت مناطق مثل الهلال والريان وعين خالد ارتفاعات في أسعار الوحدات السكنية المكونة من ثلاثة غرف من 3325 إلى 4500 ريال ومن 6500 إلى 9 آلاف ريال، ومن 8 آلاف إلى 8500 ريال على التوالي، مقارنة بفترة يناير/كانون الثاني 2021 مع نظيرتها في 2022. ويعود ذلك إلى المخزون الجديد من الوحدات السكنية الذي تم طرحه في هذه المناطق. وسجلت منطقة المارينا أعلى الارتفاعات صعودا من 9 آلاف إلى 12750 ريالا قطريا.

موقف
التحديثات الحية

أما الفلل، فكانت تسير في خطوط متوازية مع الشقق من حيث الأسعار عند مقارنة النصف الأول من 2022 مع الفترة نفسها من 2021، خصوصا في مناطق العزيزية وأم صلال محمد والخيسة والمعمورة، حيث سجلت ارتفاعا ملحوظا في الأسعار وصل إلى 50% خلال النصف الأول من 2022، نتيجة لطرح عقارات في السوق بأسعار أعلى في هذه المناطق. 

وفي منطقة العزيزية، ارتفعت ايجارات الفيلات والوحدات السكنية من 10.5 آلاف إلى 15 ألفا للفيلات، والخيسة من 9 آلاف إلى 13 ألفا، والمعمورة من 12 ألفا إلى 18 ألف ريال قطري للفيلات.

سوق العقارات القطري بعد كأس العالم

على صعيد المشهد العقاري لما بعد بطولة كأس العالم، تثير كثرة المعروض القلق لدى مالكي العقارات. عن هذه النقطة، قال هشام سليم إن الدولة وضعت ذلك في الحسبان، فأبرمت عقودا طويلة الأمد مع الشركات حفاظا على أسعار السوق بعد انتهاء كأس العالم.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

كما أن ذلك الحدث الفريد لفت الأنظار إلى دولة قطر، وهو ما يجعلها في المستقبل وجهة للمستثمرين والباحثين عن فرصة عمل والعيش في الدولة الخليجية، لما تقدمه من ظروف معيشية ممتازة وخدمات.

في هذا السياق، أكد المثمن العقاري خليفة المسلماني أن الدولة تبذل جهودا حثيثة لتنظيم وتعزيز القطاع العقاري ودعم استمرارية الانتعاش، وأشار إلى التعديلات التشريعية التي سهلت للمستثمرين الأجانب الراغبين في امتلاك عقارات.

وأوضح تقرير "الأصمخ" أنّ الخطط التي انتهجتها الشركات المطورة للعقارات والشركات التي تدير الأصول العقارية وضعت في الحسبان المتغيرات كافة.

فقد أبرمت الشركات العقارية عقودا على المدى الطويل مع المستفيدين من الشركات أو الجهات الحكومية، في إطار خططها طويلة الأجل، بما يضمن المحافظة على استقرار أسعار الإيجارات عند مستويات جيدة وتحقيق أكبر عائد ممكن على أصولها العقارية.

وفي التقرير سالف الذكر لشركة "بروبريتي فايندر" عن توقعات سوق العقارات بعد كأس العالم، ثمة توقعات بمستقبل مشرق لسوق العقارات القطري واستمرار نموه، مستفيدا من نتائج إقامة بطولة كأس العالم على أرض الدولة.

وتتعدى بطولة كأس العالم كونها حدثا استراتيجيا هاما، إلى كونها محركا حيويا للنمو الصحي للاقتصاد لما بعد 2022، وسيتيح هذا الحدث الرياضي فرصة تواصل رفيع المستوى لممثلي الأعمال التجارية مع المستثمرين المحتملين لحضور هذه المناسبة ويتطلعون لاستكشاف فرص استثمارية جديدة.

ويضيف التقرير أن وكالة ترويج الاستثمار في قطر سلطت الضوء على القطاع العقاري كأحد القطاعات التي يتوقع أن تجذب الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الفترة التي تلي بطولة كأس العالم، بما يتماشى مع الأهداف القطرية بعيدة المدى في سبيل التطوير الحضري والتنويع الاقتصادي وزيادة جاذبية قطر كمركز اقتصادي.

تحديات تواجه المستأجرين المقيمين في قطر

على أثر تزايد الطلب على العقارات خلال الفترة التي سبقت بطولة كأس العالم على المقيمين، حيث ضغطت ارتفاعات الإيجارات على ميزانياتهم وأصبحوا بين خيارين عسيرين: إما تجديد عقود إيجارهم بأسعار أعلى مما كانت عليه بما يؤثر سلبا على مداخيلهم، أو اتخاذ قرار الانتقال والبحث عن سكن آخر، وهو أمر لطالما كان متعبا في الظروف العادية قبل أن يصبح شبه مستحيل خلال تلك الفترة التي شهدت ضغطا هائلا على العقارات، فبات يشغلهم السؤال: هل ستواصل الأسعار ذلك الارتفاع حتى بعد انتهاء كأس العالم أم ستعود كما كانت؟

نادية إبراهيم هي وافدة تقيم في منطقة أم صلال محمد في فيلا مشتركة هي وزوجها وابنتها في الطابق الأرضي، بينما تعيش ابنتها مع زوجها وثلاثة أبناء في الطابق الأول، ويعيش بجوارها ابنها مع زوجته.

تقول نادية إنها فوجئت بطلب مالكة الفيلا إخلاءها في بداية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في حين أن عقد الإيجار ينتهي في مايو/أيار 2023.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وظلت المالكة تهدد برفع قضية إخلاء، فيما كانت نادية تتواصل مع عدد من السماسرة وأخبرها الجميع أن الوقت حرج ويستحيل أن تجد مسكنا مناسبا لثلاثة أسر بنفس الميزات التي تتمتع بها الآن في ذلك السكن، حتى أنها تواصلت مع محامي صاحبة الفيلا وسألته إن كانت المالكة تريد رفع الإيجار والتجديد، لكن المحامي أبلغها بإصرارها على الإخلاء.

تقيم السيدة في تلك الفيلا منذ 8 سنوات بعدما تقاعد زوجها عن العمل وانتقلت من منطقة الغرافة إلى أم صلال محمد، وسبب اختيارها هي وزوجها ذلك المكان هو أنها تشعر بأن هذه المنطقة هادئة ومستقرة لا يؤثر عليها فيها صخب كأس العالم، على حد قولها، كما ترى أن أسعار الإيجار فيها منخفضة نسبيا مقارنة ببقية المناطق.

وعلى وقع استمرار تهديدات مالكة الفيلا، لجأ زوج السيدة نادية إلى البلدية لحل ذلك النزاع، فتراجعت السيدة عن طلبها، لكن نادية تقول إنها تبحث عن سكن آخر لتقيم فيه بعد كأس العالم وستنتقل في يناير/كانون الثاني 2023 قبل انتهاء عقدها لأنها لا تريد البقاء في مكان لا تشعر فيه بأنها موضع ترحيب.

المساهمون