اليمين المتطرف يربك حسابات فون ديرلاين في المفوضية الأوروبية... هل تتأثر ملفات التجارة والمناخ؟ 

12 يونيو 2024
فون ديرلاين تدلي بصوتها في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، 9 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أورسولا فون ديرلاين تسعى لولاية ثانية في منصب المفوضية الأوروبية وسط تحديات تتمثل في الحصول على دعم القادة الأوروبيين والبرلمان الجديد، خاصة بعد نتائج الانتخابات التي أثرت على مواقف بعض القادة مثل ماكرون.
- تفتح فون ديرلاين الباب للتحالف مع كتلة "المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين" لتأمين الدعم اللازم لولايتها الثانية، معبرة عن استعدادها للتوصل إلى حلول وسط تدعم أوروبا وأوكرانيا.
- تواجه فون ديرلاين، المعتبرة من أكثر النساء تأثيراً في السياسة الأوروبية، تحديات تشمل الحفاظ على السياسات الأوروبية، التعامل مع أزمات مثل الخلافات التجارية وأزمة الطاقة، والدفاع عن أهداف الاتحاد الأوروبي لنزع الكربون بحلول 2050.

تنتظر الألمانية أورسولا فون ديرلاين، موافقة قادة الاتحاد الأوروبي خلال الأسابيع المقبلة، على ترشيحها لولاية ثانية في منصب المفوضية الأوروبية، وسط غموض حول بقائها على رأس المفوضية بعدما أربكت نتائج الانتخابات الأوروبية حسابات الكثيرين، بينما كانت المرأة التي تعد تلميذة للمستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل تمسك بملفات اقتصادية بالغة الأهمية في أوقات حساسة للقارة العجوز.

ومع صعود أحزاب اليمين المتطرف وإضعاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الانتخابات الأوروبية، تفاقم الغموض بشأن مصير فون ديرلاين، التي بدأت مساعيها للتوصل إلى اتفاق سياسي يبقيها على رأس الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي خلال السنوات الـ5 المقبلة.

ومن المتوقع أن تطرح فون ديرلاين، مسألة منحها ولاية جديدة، على زعماء ألمانيا وفرنسا وإيطاليا خلال قمة مجموعة السبع التي تبدأ في إيطاليا، يوم الخميس المقبل، بحسب مجلة "بوليتيكو" الأميركية. كما من المقرر أن يجتمع قادة الاتحاد الأوروبي، الاثنين المقبل، في بروكسل، تليها قمة أخرى نهاية يونيو/حزيران الجاري للتوصل إلى اتفاقات بشأن المناصب العليا في المؤسسات الأوروبية والتي تشمل رئاستي البرلمان والمجلس الأوروبي.

وكي تعود رئيسة للمفوضية الأوروبية لولاية ثانية، يفترض حصولها على مباركة رؤساء الدول والحكومات السبع والعشرين، غير أن المستشار الألماني أولاف شولتز، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني ما زالوا لم يعبروا عن موقف صريح داعم لها، حيث يرى مراقبون أنهم يتطلعون إلى الحصول على مناصب مؤثرة في الجهاز التنفيذي الأوروبي. وحتى في حال حصولها على المباركة من رؤساء دول وحكومات الاتحاد، فإنها في حاجة إلى دعم 361 عضواً من أصل 720 في البرلمان الجديد.

ومن أجل منحها ولاية ثانية، فتحت ديرلاين، إحدى تلاميذ المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل والتي شغلت منصب وزيرة في جميع حكوماتها الأربع، الباب أمام التحالف مع كتلة "المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين" التي تنتمي إليها رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، التي تعد شريكة يمكن معها التوصل إلى حلول وسط ومؤيدة لأوروبا ولأوكرانيا، خلافاً لأعضاء كتلة "الهوية والديموقراطية" الذين وصفتهم بأنهم "دمى بأيدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين".

وحصل ائتلاف الاشتراكيين الديمقراطيين والليبراليين والمحافظين الذين اختاروا فون ديرلاين في عام 2019 على غالبية تزيد عن 400 مقعد من أصل 720 في البرلمان الجديد، الذي شهد صعود اليمين المتطرف، مما يجعلها، وفق مجلة "بوليتيكو" في وضع قوي للاحتفاظ بمنصبها. وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، الأحد الماضي، أنها ستطلب أولاً الدعم من الاشتراكيين والليبراليين، الذين دعموها في فترة ولايتها الأولى، بحسب المجلة الأميركية، التي رجحت أن تحتاج إلى "دعم أكبر".

وقد تتجه فون ديرلاين، إلى "بعض الخيارات المحفوفة بالمخاطر"، حيث من الممكن أن تسعى للحصول على دعم من حزب "الخضر"، لكن من المرجح أن يؤدي ذلك إلى "تنفير" بعض محافظي حزب الشعب الأوروبي الذين يعترضون على التدابير المناخية. وفي حال اختارت فون ديرلاين الاستمرار في "مغازلة" تحالف المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين اليميني المتطرف والذي تقوده ميلوني، فإنها في المقابل "تخاطر بإبعاد الاشتراكيين والليبراليين".

ولا تبدو مهمة ديرلاين في تجنب الانشقاقات سهلة. كما أن الحفاظ على السياسات السابقة في ظل الوضع الجديد للبرلمان الأوروبي سيكون محل اختبار. وتُعنى المفوضية وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي والمؤسسة الوحيدة التي يمكنها اقتراح قوانين التكتل، بتطبيق القوانين، وتمثله في المفاوضات التجارية نيابة عن الدول الأعضاء التي تشكل سوقاً مشتركة.

كما أنها الهيئة الناظمة لمكافحة الاحتكار في الاتحاد، ولديها سلطة التحقيق في الانتهاكات، وفرض غرامات باهظة. ويعمل حوالي 32 ألف شخص في المفوضية التي يقودها رئيس أو رئيسة، وعادة ما يكون عدد المفوضين مساوياً لعدد الدول الأعضاء، وينتمي كل منهم الى إحداها.

لا شيء كان يوحي بأن ديرلاين، الأم لسبعة أطفال، والتي اعتبرتها مجلة "فوربس" المرأة الأكثر تأثيراً في عام 2022، كانت مؤهلة كي تصبح رئيسة للمفوضية الأوروبية، فقد اكتشفت السياسة متأخرة، حيث التحقت بحزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي في عام 1990.

ورثت أورسولا الطبيبة والاقتصادية نزوعها الأوروبي عن أبيها الذي كان موظفاً كبيراً في بروكسل. كان عليها التعاطي مع أشد الأزمات التي شهدتها أوروبا مثل الخلاف مع الصين بشأن الملف التجاري وأزمة الطاقة والتضخم، ودافعت بقوة عن الهدف الأوروبي الرامي إلى نزع الكربون عن الاقتصاد في 2050، ما أثار غضب المزارعين في بلدان أوروبية عدة فخرجوا في مظاهرات كبيرة وحاصروا عواصم عدة بالجرارات قبل بضعة أشهر.

المساهمون