بعد شراكة استمرت لسنوات في تجارة الملابس، قرر عمار علي وهشام الدبعي، إنهاءها من خلال بيع أحدهما نسبته للشريك الآخر، لكن الأمر لم ينته بالتراضي بين الطرفين، وإنما دخلا في نزاعات معقدة لم يستطع أحد من الوسطاء الذين تمت الاستعانة بهم حلها، بينما تفتقد البلاد إلى وجود جهات يمكنها فض النزاعات التجارية.
وتشهد العاصمة اليمنية صنعاء ومختلف مدن اليمن تصاعدا في قضايا النزاعات التجارية، الأمر الذي تتضح معالمه في ملاحظة اللافتات التي توضع على العديد من المحال والمؤسسات التجارية المغلقة في كل شارع وحي ومنطقة ومول تجاري، بأوامر من النيابات العامة والمحاكم والجهات القضائية، بسبب نزاعات لم يتم حلها والفصل فيها أو البت في أمرها، وهو ما يسبب خسائر فادحة تؤدي إلى إفلاس الكثير من التجار.
تشهد صنعاء ومختلف مدن اليمن تصاعدا في قضايا النزاعات التجارية، الأمر الذي تتضح معالمه في ملاحظة اللافتات التي توضع على العديد من المحال والمؤسسات التجارية المغلقة
رئيس المركز اليمني الدولي للتوفيق والتحكيم التجاري، محمد المحبشي، يقول لـ"العربي الجديد" إن أسباب توسع النزاعات التجارية في اليمن يرجع إلى الجهل بالقوانين والإجراءات القضائية الروتينية البطيئة المتبعة في هذه النوعية من النزاعات، لذا فإن اللجوء إلى القضاء من قبل التجار لحل خلافاتهم ونزاعاتهم يؤدي إلى تأخر حلها، وبالتالي اتساعها وتفاقم تبعاتها على التجار.
فالعمل التجاري، وفق حديث المحبشي، قائم على السرعة والائتمان. مضيفا، أن الكثير من القضايا يرجع إلى وجود مديونيات أو تأخير الالتزامات المالية، أو عدم تنفيذ العقود.
وتواصل بيئة ممارسة الأعمال تدهورها في اليمن، وفق المؤشرات الدولية الصادرة بهذا الخصوص خلال سنوات الحرب الماضية، فضلا عن ضعف السلطة القضائية وما نجم عنها من تدهور البيئة الاستثمارية لقطاع الأعمال.
كما يعتبر انقسام المؤسسات الحكومية، خاصة المالية والاقتصادية، من ضمن الأسباب التي ساهمت في تدهور بيئة ممارسة الأعمال التجارية، حيث أدى ذلك إلى توقف الإصلاحات الاقتصادية التي كان يتم تنفيذها، حتى وإن كانت بصورة محدودة وبطيئة في السابق.
ويرى الخبير التجاري وليد القادري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن هناك تغييرات واسعة في بيئة الأعمال التجارية في اليمن، نتيجة للأوضاع الراهنة، مع تلاشي دور الدولة التي كانت المنظمة للأسواق التجارية والأعمال، وفق منظومة عمل تربط مختلف الأطراف وتقدم بعض الخدمات العامة مثل الكهرباء وغيرها بتسعيرة مناسبة، مقابل تحصيل الجبايات التي أصبح يتم تحصيلها منذ بداية الحرب بنسب مضاعفه بدون تقديم أي خدمة.
في ظل التردي الاقتصادي، تواصل العملة اليمنية انهيارها، على الرغم من القرارات والإجراءات الحكومية المتخذة لضبط التشوهات السعرية للعملة
واحتل اليمن الترتيب 187 على المستوى العالمي في تقرير بيئة أداء الأعمال 2020 الصادر عن البنك الدولي، ليأتي في مراكز متأخرة على المستوى العالمي والإقليمي في معظم المؤشرات، خاصة في مؤشر التجارة عبر الحدود (188 من 190) دولة، ومؤشر الحصول على الكهرباء (187)، ومؤشر استخراج تصاريح البناء (186). كما احتل البلد المرتبة 140 من أصل 141 دولة على مستوى العالم في تقرير التنافسية الصادر في عام 2020.
وفي ظل التردي الاقتصادي، تواصل العملة اليمنية انهيارها، على الرغم من القرارات والإجراءات الحكومية المتخذة لضبط التشوهات السعرية للعملة، والحد من تضخم سوق الصرف الذي يعاني من انفلات واسع وفوضى، يعجز البنك المركزي عن التعامل معها وتنظيمها.
وسجل الريال اليمني تراجعاً ملحوظاً منذ نهاية الأسبوع الماضي، إذ تخطى سعر الصرف حاجز 1000 ريال مقابل الدولار، بينما نفذت جمعية الصرافين في عدن إضراباً شاملاً في العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية عدن، يوم الأربعاء قبل الماضي.
وينعكس الاضطراب الحاصل في سعر صرف العملة وتدهور بيئة الأعمال على بروز أزمات غذائية ومعيشية حادة تعيشها معظم المدن، ضاعفها انتشار فيروس كورونا وما رافقه من تبعات اقتصادية وانخفاض المخزون الغذائي، مع تراجع الاستيراد، ونفاد الاحتياطي النقدي من البنك المركزي.