استمع إلى الملخص
- **مبررات التجار وتأثيرها:** التجار يبررون ارتفاع الأسعار بتغيرات سعر الصرف وفرض الحكومة جبايات وضرائب، مما يضطرهم لرفع الأسعار، لكن المواطنين يرون أن التجار يستغلون الوضع لزيادة أرباحهم.
- **تأثير الحرب والانقسام المالي:** منذ بدء الحرب، شهدت اليمن انهيارًا اقتصاديًا وتدهورًا في قيمة الريال، مما أدى إلى فوضى في الأسواق واستغلال التجار للأوضاع لرفع الأسعار.
تشهد أسعار السلع والمواد الغذائية والخضروات ارتفاعا متزايدا بشكل دائم، وتفاوتا في القيمة لدى التجار، في ظل غياب الرقابة الحكومية، ما فتح الباب على مصراعيه للتجار للتلاعب بها تحت مبررات عديدة أهمها عدم استقرار سعر الصرف. يقول المواطن سعيد ناصر، إنه في كل مرة يشتري كيسا من الدقيق فإنه يضطر للمرور على أكثر من محل في مدينة تعز وسط اليمن ليسأل عن السعر، ثم يلجأ للشراء من المحل الأرخص، في ظل تلاعب التجار بالأسعار تحت مبرر عدم استقرار سعر الصرف.
وأضاف ناصر لـ"العربي الجديد"، أنه "لا يوجد أسعار محددة وثابتة للأسف، فمثلا سعر الكيس الدقيق في محل 46 ألف ريال، وفي محل آخر 47 ألفا و500 ريال، والبعض يبيعه بـ49 ألف ريال (الدولار يساوي 1910 ريالات في مناطق الشرعية)، وهكذا بقية السلع لا يوجد لها سعر ثابت رغم أن محلات البيع في شارع واحد، وهذا ناتج من غياب الرقابة الحكومية، فالمسؤولون لا يقومون بدورهم، ومكتب التجارة والصناعة لا يقوم بضبط الأسعار، وإن أصدر قائمة بالأسعار فلا يتم الالتزام بها".
وأشار ناصر إلى أنه عندما "يخبر التاجر بأن السلعة بسعر أقل في محل آخر، فهو يرد مبررا بأن سبب اختلاف الأسعار هو سعر الصرف غير الثابت، وأنه أشترى السلعة بسعر صرف عال ومضطر أن يرفع سعرها"، مستغربا أنه "عندما ينخفض سعر الصرف فإن التجار لا يقومون بتخفيض سعر السلعة، وهذا نتيجة غياب الرقابة وجهات الضبط". وتقول هدية الأصنج لـ"العربي الجديد" إن "سعر كيلو الطماطم ارتفع هذا الأسبوع من 2000 ريال إلى 3000 ريال، وحين تسأل بائع الخضروات عن سبب رفع السعر بهذا الشكل يبرر ذلك بأنه يشتري البضاعة من مناطق سيطرة الحوثيين بالريال السعودي، ويدفع إتاوات مالية مضاعفة، وهي مبررات غير مقبولة مع نسبة الارتفاع الكبير في الأسعار".
يرى المواطن خليفة مكرم لـ"العربي الجديد" أن أسواق تعز صارت تحتكم لجشع وطمع التجار نتيجة غياب الرقابة من قبل مؤسسات الدولة، ولذلك لا توجد أسعار ثابتة في تعز، وإنما أسعار تتغير من يوم لآخر، دون أن تقوم الجهات الرسمية ممثلة بمكتب التجارة والصناعة بدورها، وصمتها هذا يزيد من حجم التلاعب من قبل التجار". وأضاف مكرم، "وصل الأمر إلى أن قارورة الماء مثلا في إحدى البقالات بـ300 ريال، وفي البقالة التي أمامها بـ500 ريال، وحين تسأل البائع عن سبب رفع سعرها يبرر أنها مبردة بالثلاجة وأنه يدفع فواتير كهرباء باهظة نتيجة غياب الكهرباء الحكومية وتشغيل الكهرباء التجارية".
من جهته، قال تاجر الجملة في تعز، علي الزغروري لـ"العربي الجديد" إنه "لا يجوز لمكتب التجارة والصناعة ولا أي جهة حكومية أن تفرض علينا قائمة بالأسعار إذا كانت عاجزة عن تثبيت سعر الصرف، لأن سعر الصرف يتغير بشكل يومي، ونحن حين نشتري البضائع والسلع بالريال السعودي والدولار، ووفق فواتير الشراء نحدد الأسعار". وأضاف الزغروري، "أضف لذلك أن الحكومة تفرض علينا جبايات تحت مسمى الضرائب والواجبات وصندوق النظافة والتحسين، وجبايات مالية في النقاط العسكرية معظمها غير قانونية على البضائع التي نستوردها، وبالتالي نضطر لرفع الأسعار، ونحن متأثرون من هذا الوضع تماما كالمواطن، لأن ارتفاع الأسعار بشكل متزايد يسبب ركود تجارتنا".
وتشهد أسعار السلع الغذائية والتموينية تزايدا مستمرا منذ بدء الحرب في اليمن قبل أكثر من تسع سنوات، حيث تسببت الحرب بانهيار اقتصادي غير مسبوق في ظل الانقسام المالي والمصرفي في البلاد نتيجة وجود بنكين أحدهما في صنعاء تابع لحكومة الحوثيين، وآخر في عدن تابع للحكومة المعترف بها دوليا. كما يأتي ارتفاع الأسعار المستمر في ظل تردي القيمة الشرائية للريال اليمني الذي تهاوى سعر صرفه بشكل غير مسبوق حيث كان في العام 2015 يساوي 214 ريالا للدولار الواحد، ليبلغ اليوم 1910 ريالات في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، و535 ريالا في مناطق سيطرة الحوثيين. كما أدى انهيار المنظومة الأمنية إلى غياب دور الأجهزة الرقابية، ما جعل الأسواق اليمنية تعج بالفوضى في ظل غياب المسؤولية الأخلاقية لدى التجار الذين يستغلون الأوضاع للتلاعب بالأسعار ورفعها بين الحين والآخر.
من جهته، قال مدير مكتب التجارة والصناعة في تعز عبدالرحمن القليعة لـ"العربي الجديد" نحن "نعمل بموجب قانون التجارة الداخلية، وفيما يخص تحديد الأسعار وفقا لآلية السوق وحرية المنافسة، والقانون يلزم التاجر بإشهار أسعار البضائع والسلع بكافة وسائل الدعاية والإعلان التي تمكن المستهلك من معرفة السعر". وأضاف القليعة أن "دور المكتب مراقبة الأسعار السائدة في السوق، والتحري عن فواتير الشراء لضبط الأسعار في حال وجود مخزون سابق بالنسبة لتجار الجملة، ومقارنتها مع أسعار العملة في تاريخ الشراء".
وأكد القليعة أن انهيار سعر صرف العملة، وعدم استقراره، وكذا تداول عملية البيع والشراء بين تجار الجملة والتجزئة بالعملات الأجنبية، يسبب لنا بوصفنا جهة حكومية مشكلة كبيرة في إحكام الرقابة بشكل مثالي".