في الوقت الذي يتعرّض فيه اليمن لسلسلة من الأزمات الاقتصادية والمعيشية والإنسانية الطاحنة، تستمر أهم منشآته النفطية والغازية في التدهور والتوقف عن العمل وخروجها عن الخدمة والسيطرة الحكومية، مثل منشأة بلحاف الاستراتيجية لتصدير الغاز الطبيعي المسال.
ويأمل اليمن في إعادة أهم منشآته الاقتصادية للعمل بطاقتها الكاملة لمواجهة أزمة انهيار العملة وتآكل الاحتياطي النقدي من الدولار، إذ عادت المطالبة من جديد بإخلاء ميناء بلحاف من الوجود العسكري واستعادة خطوط إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال.
يعتبر مشروع الغاز الطبيعي المسال من أكبر المشاريع الاقتصادية في اليمن الذي كان يتوقع أن يساهم في رفد الإيرادات العامة بنحو 30 إلى 50 مليار دولار خلال الثلاثين سنة المقبلة
وتحدثت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" عن تحركات مكثفة في أكثر من اتجاه لإيجاد توافق بين المكونات السياسية المنضوية تحت إطار الحكومة المنبثقة عن اتفاق الرياض لتحييد الملف الاقتصادي عن الخلافات الدائرة بينها، بما يتيح بالتفاهم مع دولتي التحالف العربي في اليمن، السعودية والإمارات، لتمكين اليمن من مختلف موانئ وقطاعات ومنشآت إنتاج وتصدير النفط والغاز.
وحسب المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، فإن هناك تفهماً سعودياً لهذه المطالب وحاجة اليمن في الظروف الراهنة لاستعادة وإدارة مختلف القطاعات الاقتصادية وتفعيل المؤسسات العامة، إذ تأتي عملية استدعاء محافظي عدن وشبوة وحضرموت والمهرة إلى الرياض في هذا السياق، إلى جانب ما يتم العمل عليه من ترتيبات لتهدئة التوترات المحتدمة مؤخراً بين المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً والحكومة اليمنية.
وخسر اليمن أكثر من 7 مليارات دولار كان من الممكن أن تضخ إلى خزينة الدولة خلال الست سنوات الماضية، من بيع الغاز المسال، وفق التعاقدات المبرمة مع الشركات العاملة في مواقع الإنتاج والتصدير قبل الحرب.
في السياق، يقول الخبير في مركز الدراسات والأبحاث النفطية والغازية، فيصل القاضي، لـ"العربي الجديد"، إن التكلفة باتت باهظة من تحويل كثير من الموانئ والمنشآت النفطية والغازية إلى مراكز عسكرية والذي ساهم في تدهورها وخروجها عن الخدمة وتحتاج إلى جهود شاقة لتأهيلها وتجهيزها للعمل، سواءً في مواقع الإنتاج أو التصدير.
كان من المقرر تصدير نحو 2500 ناقلة غاز خلال الـ 25 عاماً المقبلة بمعدل يتراوح بين 100 إلى 105 ناقلات كل عام
ويطالب القاضي بضرورة استئناف إنتاج وتصدير النفط الخام والغاز الطبيعي المسال، والبدء بتصدير النفط الموجود حالياً في موانئ التصدير. وكان محافظ محافظة شبوة، محمد صالح بن عديو، قد ألمح الأسبوع قبل الماضي إلى أن الوقت قد حان للوقوف مع اليمن في هذه الظروف الحرجة التي يمر بها وما يواجهه من أزمات اقتصادية طاحنة.
ويعتبر مشروع الغاز الطبيعي المسال من أكبر المشاريع الاقتصادية في اليمن الذي كان يتوقع أن يساهم في رفد الإيرادات العامة بنحو 30 إلى 50 مليار دولار خلال الثلاثين سنة المقبلة.
وتصل تكلفة إنشاء هذا المشروع الاستراتيجي إلى نحو 5.4 مليارات دولار، فيما تبلغ كمية الإنتاج الكلية للمشروع 6.7 ملايين طن متري سنوياً.
وكان من المقرر تصدير نحو 2500 ناقلة غاز خلال الخمس والعشرين عاماً المقبلة بمعدل يتراوح بين 100 إلى 105 ناقلات كل عام.
ويرى الباحث الاقتصادي عبد الله الغيلي أن بقاء الموانئ اليمنية، بالأخص ميناء بلحاف، خارج سيطرة الحكومة اليمنية، قلّص من استغلال عائداتها.
ويضيف في حديث لـ"العربي الجديد" أن اليمن يعد منتجاً صغيراً للنفط الخام والغاز الطبيعي المسال مقارنة بدول أخرى في المنطقة، ومع ذلك فقد كان لهذا القطاع الدور الرئيسي في تمويل موازنة الدولة والتنمية وتوفير العملة الصعبة اللازمة لتغطية واردات السلع الغذائية قبل نشوب الحرب الدائرة في البلاد.
وتعدّ إيرادات النفط والغاز المورد الرئيسي للموازنة العامة للدولة، إذ تساهم بنحو 53.6 % من إجمالي الإيرادات العامة لليمن.