استمع إلى الملخص
- **تأثير ارتفاع الأسعار على بائعي الدواجن**: أدى الارتفاع إلى إغلاق محلات بيع الدواجن، حيث أصبح البيع غير مربح بسبب انخفاض القدرة الشرائية، مما قلص حجم المبيعات بشكل كبير.
- **أسباب وتداعيات ارتفاع الأسعار**: يعود الارتفاع إلى زيادة سعر الدولار والريال السعودي، ونفوق الدواجن، ودخول دواجن مريضة من مناطق الحوثيين، مما زاد المخاطر الصحية. الوضع الاقتصادي متدهور، حيث يعيش 80% من السكان تحت خط الفقر.
ذهبت أروى الغانمي إلى أحد محلات بيع الدجاج في مدينة تعز جنوب غربي اليمن لشراء دجاجة لأسرتها، لكن المبلغ الذي كانت تحمله، وهو 4 آلاف ريال (الدولار = 1900 ريال في مناطق الحكومة الشرعية)، لم يكن كافياً إلا لشراء نصف دجاجة، فقد تفاجأت بارتفاع سعر الدجاجة ذات الحجم الصغير إلى 8 آلاف ريال.
وخلال الأيام الماضية، شهدت أسعار الدواجن ارتفاعاً غير مسبوق في اليمن، حيث بلغت نسبة الارتفاع 100%، فالدجاجة صغيرة الحجم كانت تباع في مدينة تعز بمبلغ 4 آلاف ريال، لكن سعرها اليوم بلغ 8 آلاف ريال، بينما متوسطة الحجم كانت تباع بمبلغ 5 آلاف ريال، وبات سعرها اليوم 10 آلاف ريال، بينما وصل سعر الدجاجة كبيرة الحجم إلى 15 ألف ريال. وجاء ارتفاع أسعار الدواجن في ظل قلة المعروض في السوق وزيادة الطلب بسبب تزايد حالات النفوق والمرض في مزارع الدجاج خارج مدينة تعز، ما تسبب بقلة الكمية التي تُدخَل إلى المدينة.
ماجد الشرماني (مواطن)، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوضع الاقتصادي أصبح كارثياً، وصار المواطن يحلم بأن يشتري دجاجة لأسرته، ولو لمرة واحدة في الأسبوع، وبسبب الارتفاع الكبير بأسعار الدجاج صار المواطن الذي يشتري الدجاج بالكاد يستطيع شراء ربع دجاجة، حيث يقسّم بائع الدجاج الدجاجة على أربعة زبائن".
بدورها قالت مريم الشميري (معلمة) لـ"العربي الجديد": "أنا موظفة حكومية وراتبي الشهري لا يكفي إلا لشراء خمس دجاجات، وهناك فوضى وغياب للرقابة تجعل التجار يحددون الأسعار كما يريدون، مبررين هذا الارتفاع بانهيار سعر العملة، على الرغم من أنّ سعر الدجاج ارتفع أكثر من الضعف، وهو لا يتناسب أبداً مع حجم الانهيار في سعر صرف العملة".
الارتفاع الهائل بأسعار الدجاج لدى بائعي الجملة وأصحاب مزارع الدواجن، جعل الكثيرين من بائعي التجزئة يضطرون إلى إغلاق محالهم التجارية بعد عجز المواطنين عن شراء الدجاج، ما يجعل مهنة بيع الدجاج غير مربحة وغير ذات جدوى من وجهة نظر هؤلاء، في ظل انخفاض قيمة الريال اليمني وضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين.
هزاع البردادي، صاحب محل بيع الدواجن، قال لـ"العربي الجديد"، إنه "بسبب الارتفاع في أسعار الدجاج اضطررت إلى أن أغلق المحل، لأنني أصبحت أبيع أقل من ثلث ما كنت أبيعه قبل ارتفاع الأسعار في ظل انعدام الربح، لكوني أشتري من المورد بسعر مرتفع، ولا أستطيع أن أرفع السعر على الزبون أكثر من سعر التكلفة، لأنّ وضع الناس صار يرثى له، وأشعر بالخجل حين أرى بعض من كانوا ميسوري الحال قبل الحرب يأتي لشراء ربع دجاجة، فالناس أصبحوا يشترون ربع دجاجة فقط من أجل مرقتها".
بالإضافة إلى ذلك، انتشرت في محلات بيع الدواجن العديد من الدواجن المريضة التي تهدد سلامة المستهلكين، خصوصاً تلك التي دخلت المدينة من منطقة الحوبان الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله "الحوثيين"، بالإضافة إلى دواجن تعاني من الهزال الشديد. وتأتي معظم احتياجات تعز من الدواجن من مناطق سيطرة الحوثيين، في ظل اتهامات لأصحاب المزارع بعدم الاهتمام بعملية التطعيم ومعالجة الأمراض التي تصيبها.
أسباب ارتفاع أسعار الدواجن في تعز
وأوضح المدير العام للمسالخ في تعز، حسين المقطري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ ارتفاع أسعار الدواجن "يعود إلى ارتفاع سعر الدولار والريال السعودي، الذي يُعَدّ من أهم أسباب ارتفاع أسعارها، خصوصاً أنّ التعامل بشراء وتربية الدواجن وتسويقها يحصل بالريال السعودي، وليس اليمني، بالإضافة إلى نفوق الكثير من الدواجن في المزارع نتيجة المرض، حيث تسبب ذلك بقلة المعروض بشكل كبير وأصبح ما يدخل إلى مدينة تعز 3 دزينات فقط، وهي أقل من حاجة السوق بكثير". وأضاف: "تفاجأنا بدخول دزينات دواجن من طريق جولة القصر بعد فتح طريق الحوبان (الطريق الذي يربط المدينة بالجزء الواقع تحت سيطرة الحوثيين) حيث دخلت إلى الأسواق دون أي فحص طبي، ودون التنسيق معنا، وأُوقفت سيارة وقد نفقت فيها 200 دجاجة، والباقية كانت هزيلة وصغيرة السن".
وأكد المقطري أنّ مكتب المسالخ في تعز "وجّه مذكرة إلى المدير العام لشرطة تعز بمنع دخول أي دواجن من جولة القصر والدخول من المكان المعتاد في نقطة الهنجر جنوب غرب المدينة بسبب وجود دواجن مريضة وصغيرة السن، لأنّ الدواجن تخضع للفحص الطبي البيطري في نقطة الهنجر ومسلخ الضباب المركزي حرصاً على صحة وسلامة المواطنين، ونأمل التجاوب مع المذكرة حرصاً على صحة المستهلك وسلامته".
وقالت لجنة الإنقاذ الدولية (IRC)، في قائمة مراقبة الطوارئ السنوية الخاصة بها، التي تسلط الضوء على البلدان العشرين الأكثر عرضة لخطر حالات الطوارئ الإنسانية الجديدة في عام 2024، إنّ 80% من السكان في اليمن يعيشون تحت خط الفقر، بالإضافة إلى أنّ 23% من الأسر ليس لها دخل.
وبحسب تقرير للبنك الدولي صدر أخيراً "تشير التقديرات إلى أنّ نسبة الفقر في اليمن وصلت إلى نحو 74% من السكان عام 2022، ويمكن أن تصل إلى ما بين 62 و74% بحلول عام 2030، اعتماداً على مسار الصراع والسيناريوهات المختلفة".