بدت ورقة الوظائف الحكومية، الأكثر حضوراً في الحملات الانتخابية التي تقودها القوى السياسية المختلفة في العراق ومرشحون للانتخابات البرلمانية المقررة في 10 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، إذ يطغى استغلال هذه الورقة لتحقيق مكاسب تصويتية، بينما يحلم الكثير من الشباب بفرصة عمل تنتشلهم من البطالة الخانقة في البلد الغني بالثروات النفطية.
وتظهر البيانات الرسمية، تجاوز نسبة البطالة 20%، بينما تؤكد تقارير مستقلة تخطيها بكثير الأرقام الحكومية، خاصة في المدن الشمالية والغربية التي ما زالت تعاني من آثار الحرب الأخيرة على تنظيم "داعش".
أفرز هيمنة بعض الأحزاب على مفاصل الدولة، جيوشا من العاطلين عن العمل، بعدما تم حصر التعيينات الحكومية في المنتمين إلى تلك الأحزاب والجهات المرتبطة بها
وأفرزت السنوات الماضية، التي هيمنت خلالها بعض الأحزاب على مفاصل الدولة، جيوشا من العاطلين عن العمل، بعدما تم حصر التعيينات الحكومية في المنتمين إلى تلك الأحزاب والجهات المرتبطة بها.
ومع اشتداد الحملات الانتخابية، تعود اليوم الوعود بإنجاز ملفات التعيين، وقد تضمنت الحملات تعهدات وتصريحات إعلامية لتثبيت أصحاب العقود في الوزارات التي يعملون بها، فضلا عن إجراء تعيينات جديدة، بينما تصطدم تلك الوعود بالواقع المالي للبلاد، إذ تؤكد البيانات الحكومية عدم وجود مخصصات مالية لتوفير المزيد من فرص العمل في الجهات الرسمية.
وأكد مسؤول في وزارة المالية في تصريح لـ"العربي الجديد" عدم وجود أي مخصصات مالية لأي تعيينات في الوزارات الحكومية، موضحا أن "الوعود التي يطلقها مرشحون للانتخابات البرلمانية، مجرد حبر على ورق، ولا يوجد أي غطاء مالي لتحقيقها".
وقال المسؤول إن "أي حديث عن تعيينات أو تثبيت للمتعاقدين، غير ممكن إلا بعد أن يتوفر الغطاء المالي لها، وأن أي تصريحات تطلق حاليا هي مجرد دعاية لتحقيق المكاسب الانتخابية"، محذرا الشباب من "مغبة الانجرار خلف تلك الوعود الوهمية، ودعم المرشحين الذين يطلقونها".
من جانبها، قالت شروق العبايجي النائب السابق في البرلمان، إن وعود التوظيف دعاية "مضللة" للشعب العراقي، ومحاولات للكسب فقط، مضيفة لـ"العربي الجديد"، أن "الوعود الانتخابية بالتوظيف وغيرها لا تستند إلى أسس ومعطيات صحيحة، وهي وعود تضليلية تطلق للناس المحتاجين".
شروق العبايجي النائب السابق في البرلمان: وعود التوظيف دعاية "مضللة" للشعب العراقي، ومحاولات للكسب فقط، والموازنة لا تتحمل الوظائف الحكومية
وتابعت أن "العاطلين من الشباب يتعلقون بخيط الأمل كون موقفهم ضعيف، على الرغم من علم الجميع أن موازنة البلد كما هو معروف لا تتحمل الوظائف الحكومية، وهناك فقرات بالموازنة تمنع التوظيف الحكومي".
وقالت إن "التوظيف خلال الحكومات السابقة بني على أسس حزبية ومحاصصة، وقد أنتج مؤسسات دولة مترهلة بسبب توزيع الوظائف بين الأحزاب التي هيمنت على المشهد السياسي، واليوم نرى نفس هذه الأحزاب ومرشحيها يطلقون تلك الوعود لجماهيرهم، على اعتبار أن لهم حصصا في الوظائف الحكومية".
في السياق، دعا النائب عباس الزاملي، الحكومة إلى "تحمل مسؤولياتها تجاه تلك الحملات التي تبتز المواطنين وتصادر حقوقهم، مؤكدا أن "استغلال التوظيف انتخابيا، عبارة عن متاجرة بآمال الشباب".
كما قال الناشط المدني، علي العبيدي: "وعود التوظيف غير قابلة للتنفيذ، وقد لاحظناها في الدورات الانتخابية السابقة، إذ بمجرد فوز المرشح فإنه ينسى كل ما أطلقه من وعود"، مضيفا: "علينا أن نسعى لمنع وصول هؤلاء إلى البرلمان المقبل، فهؤلاء فاسدون، وبدأوا حملاتهم الانتخابية بالوعود الفاسدة، مستغلين حاجة الشباب".
في المقابل، قلل رئيس مجلس الخدمة الاتحادي محمود التميمي، من تأثير تلك الوعود، على ملف التعيينات الرسمية، معتبرا أن "مجلس الخدمة الاتحادي من خلال استقلاليته وعدم ميوله إلى أي جهة كانت، سيحد من استغلال التعيينات في العملية الانتخابية".