أعلنت النيابة العامة المصرية البدء في اتخاذ إجراءات المنع من السفر للمتهمين في قضايا جمع حوالي 25 مليون دولار من أهالي محافظة أسوان (جنوب) بحجة توظيفها.
وأشارت النيابة العامة إلى أن عدد المتهمين 37 في 28 قضية، وقد دعوا الجمهور علناً إلى تلقي أموالهم متمثلة في مبالغ مالية وسيارات ورؤوس ماشية، من أجل الاستثمار فيها مقابل الربح، وتوظيفها على خلاف القانون.
وقالت النيابة، في بيان، مساء الجمعة، إن المتهمين غير مُرخص لهم بمزاولة نشاط الشركات المقيدة في الهيئة العامة لسوق المال، فضلاً عن امتناعهم عن رد تلك الأموال، المُقدرة بنحو 455 مليوناً و931 ألفاً و745 جنيهاً (حوالي 25 مليون دولار)، وفق ما تلقته النيابة من بلاغات خلال شهر مايو/أيار الجاري، من إجمالي 3 آلاف و922 مجنياً عليه.
وأضافت النيابة أن هذه القضايا تركزت في دائرتي مركز إدفو ومركز كوم إمبو بمحافظة أسوان، وهي حاصل الأموال التي تلقاها المتهمون من الأهالي لتوظيفها، مشيرة إلى استماعها إلى 829 من المجني عليهم حتى الآن، وأمرت بحبس 17 متهماً، وضبط وإحضار 20 شخصاً آخرين من المتهمين الهاربين.
وعاينت النيابة العامة مزرعةً يملكها أحد المتهمين، وأمرت ببيع 447 رأس ماشية ضُبطت فيها في المزاد العلني بأعلى سعر تحت إشرافها، وبمعرفة لجنة من أعضاء وزارتي الزارعة والتموين، وإدارة الطب البيطري، وتوريد ثمن بيعها المُقدر بنحو خمسة ملايين جنيه إلى خزينة المحكمة على ذمة القضية.
كذلك ورد إلى خزينة المحكمة مبالغ أخرى ضُبطت مع المتهمين، وتقدر بمليون و382 ألفاً و800 جنيه، إلى جانب إيداع 16 قطعة ذهبية مضبوطة مع أحد المتهمين بخزينة المحكمة، مع استكمال النيابة التحقيقات في القضايا المنظورة أمامها، في ما يُعرف إعلامياً بـ"ظاهرة المستريح" في مصر.
وتعود أصول ظاهرة "المستريح" إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، والتي شهدت بزوغ شركات توظيف الأموال في مصر، وكان أشهرها "الريان" و"السعد" و"الهدى"، والتي نجحت في استقطاب الأموال من المواطنين، لا سيما من العائدين من دول الخليج، مقابل عائد مادي مرتفع مقارنة مع أسعار الفائدة في البنوك التي كانت منخفضة آنذاك.
وأطلت الظاهرة برأسها من جديد مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم عام 2014، وما صاحب ذلك من تراجع كبير في قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية نتيجة التوسع في الاستدانة من الخارج وتردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد، الأمر الذي اضطر معه الأهالي في صعيد مصر إلى منح مدخراتهم -التي تتآكل بفعل الضخم- إلى بعض الأشخاص لاستثمارها في مجالات مثل تجارة العقارات أو السيارات أو المواشي.
وفي الأيام القليلة الماضية، شهدت العديد من قرى محافظة أسوان أعمال سلب ونهب وحرق وسرقة وإطلاق نار، إثر هروب بعض الأشخاص الذين جمعوا مئات الملايين من أموال الأهالي، بزعم توظيفها وردها إلى أصحابها بعد فترة وجيزة بنسبة ربح تصل إلى 100%.
وفي غياب تام لأجهزة الدولة التنفيذية وقوات الشرطة في محافظة أسوان، تجمهر مئات من أهالي قرية "الشرفا" التابعة لمركز إدفو أمام منزل شخص يدعى عبد الطارق حصاوي، وأشعلوا فيه النيران بعد أعمال سلب ونهب لمحتوياته، عقب انتشار أنباء هروبه إلى منطقة جبلية وعرة، برفقة معاونيه، بواسطة سيارتين محملتين بالأموال التي استولوا عليها من الأهالي، وسط حالة من الغضب الشديد بسبب عدم تدخل الحكومة في وقائع الاستيلاء على أموالهم.