ينهك ضعف أداء النقل الحكومي جيوب التونسيين ممن يضطرون إلى اعتماد وسائل نقل خاصة فردية وجماعية بأسعار مرتفعة، مع استغلال حاجة المواطنين إلى ظروف نقل مريحة ومنتظمة.
وخلال السنوات الماضية شهد قطاع النقل الحكومي تراجعاً كبيراً على مستوى الأداء نتيجة تقادم أساطيل الحافلات وعربات المترو الخفيف وقطارات الضواحي في وقت تتقدم فيه شركات النقل الخاصة لملء الفراغ الذي يخلفه ضعف النقل العمومي.
وشهدت السنوات الأخيرة تطوّراً في استعمال التونسيين للنقل الخاص ومنها سيارات الأجرة الفردية والجماعية وشركات النقل التي تسيّر الحافلات في المناطق الحضارية داخل المدن الكبرى.
تطبيقات إلكترونية لتقديم خدمة النقل
وأخيراً، قاد تونسيون حملات على شبكات التواصل الاجتماعي مطالبين بالتصدي لسيارات الأجرة "تاكسي" التي تعتمد على تطبيقات إلكترونية لتقديم خدمة النقل، وكبح سيطرة الشركات المشغلة لها على السوق، في وقت يعاني فيه المواطنون من رداءة خدمات النقل الحكومي، ما يضطرهم إلى القبول بتسعيراتها المرتفعة.
وانتشرت في تونس العاصمة ومدنها الكبرى خلال السنوات الأخيرة خدمة سيارات الأجرة التي تتواصل مع الزبائن عبر تطبيقات تحمَّل على الهواتف الجوالة.
تقول المواطنة منى الماجري، إن الشركات التي تشغل التطبيقات الإلكترونية لخدمة النقل عبر سيارات الأجرة زادت من معاناة التونسيين سكان العاصمة على مستوى النقل، وساهمت في المزيد من التنكيل بهم، مخالفة كل القوانين والترتيبات الجاري بها العمل في قطاع التاكسي الفردي.
تضيف الماجري لـ"العربي الجديد" أنّ هذه الشركات التي توسع نشاطها بشكل لافت أصبحت تتحكم في أجرة التاكسي الفردي لتلغي بذلك وجود العداد الذي يعد المرجع الوحيد لاحتساب الأجرة، ولتعوضه بتطبيق يفرض على المتنقل دفع ما يقارب ثلاثة أضعاف وأكثر من الأجرة المستحقة.
واعتبرت المتحدثة أن هذه الشركات تضرب بكل القوانين المنظمة لقطاع التاكسي في تونس عرض الحائط وتبيع خدمة مشروطة ومجحفة في انتهاك واضح لحقوق المستهلك وفي صمت مريب من قبل الدولة.
تتحصل الشركات المشغلة للتطبيقات الإلكترونية على نسبة 15 إلى 17 بالمائة من تعريفة النقل حسب إفادات حصلت عليها "العربي الجديد" من سائق سيارة أجرة، وتتولى هذه الشركات مراقبة خط سير العربات.
بدوره، يؤكد السائق الذي يعمل في القطاع منذ أكثر من 30 عاماً، عبد الستار، أنّ هروب سيارات الأجرة نحو التطبيقات الإلكترونية، ردة فعل طبيعية على رفض وزارة النقل لتعديل التعريفات تماشياً مع زيادة كلفة استغلال التاكسي.
ويقول عبد الستار، لـ"العربي الجديد": "نزّلت منذ أشهر تطبيق بولت Bolt، وأصبحت أشغل التاكسي حسب طلب الزبائن، مكتفياً بهذه الخدمة التي تسمح لي بدخل يومي أفضل".
يؤكد السائق الذي يعمل في القطاع منذ أكثر من 30 عاماً، عبد الستار، أنّ هروب سيارات الأجرة نحو التطبيقات الإلكترونية، ردة فعل طبيعية على رفض وزارة النقل لتعديل التعريفات
وتعمل في السوق التونسية أربع شركات لتشغيل سيارات الأجرة عبر التطبيقات الإلكترونية، بينما تغيب الأطر القانونية التي تحدد العلاقة التعاقدية بين الزبائن ومقدمي هذا الصنف من خدمات النقل.
في المقابل، يفترض أن تنفق الحكومة 600 مليون دينار (الدولار = نحو 3 دنانير) خلال 2022، لدعم قطاع النقل المدرسي والجامعي والنقل بتعريفات منخفضة، ودعم النقل المجاني لبعض الفئات الخصوصية مقابل 500 مليون دينار سنة 2021.
لكنّ شركات النقل الحكومي تعاني من عجز مالي هيكلي وخسائر كبيرة، وتصنّف ضمن الشركات العمومية الأكثر خسارة والتي يطالب صندوق النقد الدولي بإعادة هيكلتها في إطار خطة الإصلاح الاقتصادي.