استمع إلى الملخص
- رغم العقوبات، زادت إيران عائداتها النفطية بنسبة 20% في 2023، حيث بلغت أكثر من 54 مليار دولار، وتواصل تصدير النفط إلى 15 دولة باستخدام "أسطول الظل"، مع الصين كمستورد رئيسي.
- احتمالات الهجوم الإسرائيلي تثير مخاوف في أسواق الطاقة، حيث قد يؤدي التصعيد إلى ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من 100 دولار، وربما 150 دولاراً إذا تم إغلاق مضيق هرمز.
يعيش النفط الإيراني تحديات كبيرة، وسط تقارير عن احتمالية توجيه إسرائيل ضربة إلى منشآت القطاع في إطار هجمات متبادلة زادت حدتها في الأسابيع الأخيرة، فضلاً عن العقوبات الأميركية الجديدة التي فرضتها وزارة الخزانة أمس الجمعة والتي تضاف إلى عقوبات سابقة أعيد فرضها منذ عام 2018.
ورداً على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية وزعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله والمجازر في غزة ولبنان، أطلقت إيران مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري عشرات الصواريخ على مواقع عسكرية بإسرائيل (180 بتقدير تل أبيب)، ما تسبب بأضرار مادية وإغلاق المجال الجوي.
نظرة على القطاع
تعتبر عائدات النفط الخام والغاز الطبيعي مصدر الدخل الرئيس لإيران بنسبة لا تقل عن 70% من مجمل الإيرادات، بحسب بيانات الحكومة عام 2019 (أحدث بيانات متوافرة). وفي فبراير/شباط الماضي، قال محسن منصوري، نائب الرئيس الإيراني حينها، إن عائدات بلاده من النفط زادت بمقدار 20% في 2023، رغم الحظر الاقتصادي المفروض من واشنطن.
ولم يذكر بدقة حجم إيرادات 2023، إلا أن وكالة الطاقة الدولية قدرت إجمالي الإيرادات التي حصلت عليها الحكومة الإيرانية نتيجة مبيعات النفط في ذلك العام بأكثر من 54 مليار دولار. وفي إبريل/نيسان الماضي، قال وزير النفط الإيراني في ذلك الوقت جواد أوجي، إن بلاده تصدّر النفط الخام إلى 15 دولة رغم العقوبات الأميركية المفروضة على الإنتاج والتصدير.
وكتب أوجي على حساب الوزارة بمنصة إكس، أن إيرادات النفط والغاز والبتروكيماويات ارتفعت إلى 65 مليار دولار في السنة المالية الإيرانية المنتهية في 20 مارس/آذار 2024، مقارنة بـ30 مليار دولار عام 2020. وتبدأ السنة المالية في إيران، بتاريخ 21 مارس من كل عام، حتى 20 مارس من العام التالي، بحسب قانون الموازنة العامة في البلاد. ويشكل إنتاج إيران النفطي حالياً ما نسبته 3.1% من مجمل الطلب العالمي على الخام، وفق حسابات الأناضول استناداً إلى بيانات الطلب العالمي على الخام الصادر عن أوبك، في سبتمبر/أيلول الماضي، والبالغ قرابة 104 ملايين برميل يومياً.
مخاوف أسواق الطاقة
وتخشى أسواق الطاقة العالمية هجوماً إسرائيلياً على أهداف حيوية إيرانية، خصوصاً تلك المرتبطة بإنتاج النفط، ولا سيما أن طهران عضو في منظمة "أوبك" وتنتج في اليوم متوسط 3.9 ملايين برميل في الظروف الطبيعية. لكن بسبب العقوبات الأميركية التي أعيد فرضها على إيران في أغسطس/آب 2018، تراجع إنتاج البلاد النفطي الفعلي، ليسجل حالياً قرابة 3.4 ملايين برميل يومياً.
وفي إبريل 2018، أعلنت إيران خططاً لزيادة إنتاج النفط الخام إلى أكثر من 5 ملايين برميل يومياً، بحلول عام 2022 مقارنة بـ 3.9 ملايين برميل يومياً في ذلك الحين. إلا أن عودة فرض العقوبات الأميركية على طهران، وتركيزها في مراحلها الأولى على صناعة الطاقة التقليدية (النفط والغاز)، أجّلا خطط طهران حتى إشعار آخر.
وفي الشهور الأولى للعقوبات الأميركية، تراجع إنتاج إيران النفطي يومياً إلى أقل من 2.1 مليون برميل، قبل أن يصعد تدريجياً، وصولاً إلى قرابة 3.4 ملايين برميل حالياً، بحسب بيانات منظمة أوبك. وفي مايو/أيار الماضي، أوردت وكالة تسنيم الإيرانية أن الحكومة أقرت خطة لرفع إنتاجها من النفط إلى أربعة ملايين برميل يومياً، دون الكشف عن أي جدول زمني للوصول إلى المستهدف.
وأعلنت الولايات المتحدة فرض سلسلة عقوبات تستهدف صناعة البتروكيميائيات الإيرانية "رداً على هجوم الأول من أكتوبر ضد إسرائيل، الهجوم المباشر الثاني هذا العام". وأورد بيان لوزارة الخزانة الأميركية الجمعة، أن العقوبات تستهدف القطاع برمته، إضافة الى عشرين ناقلة وشركات مقارها في الخارج، كلها متهمة بالضلوع في نقل النفط ومعدات بتروكيميائية إيرانية.
أبرز المستوردين
ولا تعلن إيران أبرز مشتري نفطها تجنباً لفرض عقوبات أميركية عليها، إلا أن ما يُسمى "أسطول الظل" أو "الأسطول الشبح"، قادر على تمرير النفط للأسواق النهائية، من خلال عمليات نقله عبر ناقلات غير مسجلة رسمياً. ونشرت صحيفتا وول ستريت جورنال والتايمز، تحقيقات خلال السنوات الخمس الماضية عن بعض أشكال تهريب النفط الإيراني إلى الأسواق النهائية من خلال "أسطول الظل".
و"أسطول الظل"، مجموعة من ناقلات النفط والغاز منتهية الصلاحية، وغير مسجلة لدى أية شركات نقل أو شركات تأمين، جرى استصلاحها وإعادة إدخالها إلى الخدمة، ومهمتها نقل الخام والغاز الخاضع للعقوبات الدولية عبر أعالي البحار، بعيداً عن خطوط الملاحة الرسمية. بينما تنقل قناة الحرة الأميركية (حكومية)، عن مدير الأبحاث في منظمة "متحدون ضد إيران النووية" دانييل روث، قوله إن طهران "تعتمد بشكل شبه كامل على أسطول مكون من 400 ناقلة، تعمل بطرق غير قانونية لتهريب النفط".
وبحسب شركة كبلر التي تتعقب الناقلات في جميع أنحاء العالم، تبيع إيران أغلب نفطها إلى الصين رغم العقوبات، مستفيدة من عدم رغبة واشنطن في التطبيق الصارم لنظام عقوبات "الضغط الأقصى" الذي فرضه الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018، لتجنب حدوث خنق تضخمي بإمدادات النفط العالمية. وباعت طهران ما متوسطه 1.56 مليون برميل يومياً، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024، كلها تقريباً إلى الصين، وهو أعلى مستوى منذ الربع الثالث من 2018، حسبما نقلت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية عن شركة فورتيكسا للبيانات.
فرضية الهجوم الإسرائيلي على منشآت النفط الإيراني
وبدأت شركات دولية وبنوك استثمار عالمية تضع سيناريوهات لفرضية تعرّض منشآت نفطية إيرانية لهجوم إسرائيلي خلال الفترة القريبة المقبلة. والسبت الماضي، قال بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس، إنه عدل بالرفع توقعاته لسعر برميل النفط بحلول 2025، بمقدار 20 دولاراً ليبلغ 96 دولاراً في حال تراجع إنتاج طهران بمليون برميل يومياً، بسبب أي فرضية بتعرضها لهجوم.
وكشفت صور أقمار صناعية نشرتها شركة تتبع الناقلات "TankerTrackers"، السبت الماضي، عن إخلاء عدد من ناقلات النفط من المياه المحيطة بمحطة تحميل النفط الرئيسية في جزيرة خرج الإيرانية، خشية تعرضها لهجوم إسرائيلي. وفي 2 أكتوبر الجاري، نشرت وحدة BMI التابعة لـ"Fitch Solutions" مذكرة، قالت فيها إن أية فرضية لتوسع الصراع بين إسرائيل وإيران سينتج منه ارتفاع سعر برميل النفط فوق 100 دولار (يراوح سعره راهناً في حدود 78 دولاراً). وأشارت المذكرة إلى أن أية فرضية لغلق مضيق هرمز، فإن أسعار النفط قد تصل إلى 150 دولاراً للبرميل "وربما أكثر من ذلك".
ويمر عبر المضيق قرابة 27 مليون برميل يومياً من النفط الخام والمشتقات بحسب تقرير لإدارة معلومات الطاقة الأميركية (حكومية)، معظمها يتجه إلى الأسواق الآسيوية. والدول التي يمر نفطها عبر مضيق هرمز: إيران، والعراق، والإمارات، وسلطنة عُمان، والكويت، والسعودية؛ إلا أن الرياض وأبوظبي تملكان خطوط أنابيب تمتد حتى البحر الأحمر غرب المملكة وبحر عمان على التوالي، لتجاوز أية عراقيل قد تطرأ على مضيق هرمز.
(الأناضول، العربي الجديد)