النظام السوري يوقع عقوداً مع شركات إماراتية لإنشاء محطة كهرضوئية في دمشق

11 نوفمبر 2021
العمر الافتراضي للمحطة 25 سنة وسيكون وصلها مع الشبكة الكهربائية بشكل مباشر (فرانس برس)
+ الخط -

أكدت وكالة "سانا" الموالية للنظام السوري، أن وزارة الكهرباء التابعة للنظام، وقعت اليوم الخميس، اتفاقية تعاون مع تجمع شركات إماراتية، لإنشاء محطة توليد كهرضوئية باستطاعة 300 ميغاواط في منطقة وديان الربيع بالقرب من محطة توليد تشرين بريف العاصمة دمشق.

وبحسب وسائل إعلام موالية للنظام، فإن وزير الكهرباء لدى حكومة النظام غسان الزامل أشار إلى أن "مدة تنفيذ المشروع سنتان، تبدأ اعتباراً من تاريخ أمر المباشرة"، مضيفاً: "أن العمر الافتراضي للمحطة 25 سنة، وسيكون وصلها مع الشبكة الكهربائية بشكل مباشر على التوتر 230 ك.ف، وأن المحطة صديقة للبيئة، وستوفر حوالي 125000 طن فيول سنوياً بقيمة 117 مليار ليرة سورية".

بدوره، قال الباحث والمحلل الاقتصادي يونس الكريم في حديث لـ"العربي الجديد" إن "محطة تشرين غير قابلة للتنفيذ عملياً، لأن منطقة حران العواميد التي تضم محطة تشرين هي منطقة لا تملك الكمية الضوئية الكبيرة التي تُمكن من تنفيذ هذا العقد تقنياً"، مضيفاً: "إن كان فعلاً السوريون جادين بإعطاء استثمار قابل للتطبيق، فالأولى التوجه باتجاه منطقة الضمير بريف دمشق الشرقي، أو باتجاه منطقة تدمر شرق محافظة حمص، حيث إن عدد الأيام المضاءة أكثر بكثير من منطقة حران العواميد".

وتابع الكريم: "هناك توسعة كانت في عامي 2009 و2010 ضمن محطة تشرين الحرارية، وبالتالي تواجد المحطتين إلى جنب بعضهما لا يخدم أي من المشروعين، وإذا افترضنا جدلاً أن هذه المحطة تُريد بيع الكهرباء إلى لبنان أو أي دولة أخرى أيضاً لا تستفيد من الشبكة لأن وجود المحطتين على ذات الشبكة سوف يخلق المزيد من التعقيدات".

وأردف الباحث: "مدة تنفيذ المشروع 24 شهراً أمر غير منطقي لحكومة مُعاقبة اقتصادياً، وخاصة مع الظروف العالمية، وعملية استخراج المواد تخضع لتشديدات كبيرة جداً، خاصة أن المحطات تحتاج إلى استيراد من أوروبا لبعض من مكوناتها ومكونات أخرى من الصين التي تعاني من سلاسل الشحن والتوريد، هناك صعوبات بالغة جداً، وإن التصاميم التي خُصصت للطاقة متجددة، وبالتالي هذا الطلب يحتاج إلى التوصية قبل ستة أشهر إلى السنة على الأقل، وهذا الأمر أيضاً يُضاف إلى العملية".

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

أضاف: "كما أن صيغة العقد لا تتم وفق عملية التراضي هنا، لا بد من عرض سلسلة من الأمور الروتينية على مجلس الشعب لمناقشة هذا الاتفاق ومن ثم السماح به، لأنه حتى الآن قانون خصخصة قطاع الكهرباء غير متوفر دستورياً".

ولفت إلى أن "إنشاء هذه المحطة لا يمكن أن يتم من خلال هبة تقدمها الإمارات إلى النظام السوري، والنظام هو الذي يقوم بالإنشاء، وهذا مخالف لبنود العقد؛ إذاً النظام يحاول تصدير أخبار وهمية لبنود وعقود مبدئية لاتفاق بين الأطراف"، مُشيراً إلى أن "الإمارات أيضاً تحتاج إلى وقت لدراسة جدوى هكذا مشروع، ونحن نعلم عملياً أن البنية التحتية منهارة وتحتاج إلى صيانة، وهذا بكلام النظام، وبالتالي إنشاء محطة دون وجود كابلات توصيل إلى المستهلك أيضاً هو خسارة لكل الأطراف".

وأوضح الكريم أن "الإمارات جاءت لتقديم اقتراح لنظام الأسد فحواه إما معنا أو ضدنا، إما تشديد الخناق على نظام الأسد أكثر بخنق لبنان الخاصرة الرخوة للنظام وخنق النظام ذاته، والتضييق عليه من خلال القروض للبنك الدولي والمستثمرين والكثير من المشاريع الاقتصادية ومنها خط الغاز العربي، والكهرباء من الأردن، وفتح الحدود والكثير من المشاريع إن لم يفِ بالتزاماته بالضغط على إيران والابتعاد 100 كيلومتر عن الحدود الجنوبية، وتوقف التدخل الإيراني بالشأن العراقي، والضغط على الحوثيين في اليمن، هذه الأمور أصبحت أكبر من قدرة النظام على الضغط بها".

وأضاف: "الآن النظام يحاول أن يتلاعب بآخر الأوراق لديه، لكن هل يستطيع؟ هذا السؤال الكبير". ويعتقد الكريم أنه "ليس هناك أمل لنجاح العلاقة بين الإمارات والنظام، وحتى محاربة الإسلام السياسي لم يعد لها وجود، وانتقلت معركة الإسلام السياسي من الوطن العربي كمصدر لنشوء الإسلام السياسي إلى شرق آسيا وأفغانستان وتركمانستان جنوب الصين، حتى تركيا بدت غير معنية بوجود الإسلام السياسي بقدر المشاكل الاقتصادية".

ويرى الكريم أنه "لا يمكن لهذا الاتفاق أن يأتي بعملية إعادة الإعمار، ولا تتم إعادة الإعمار بإقامة محطة كهربائية هنا أو مشروع غاز هناك، على سبيل المثال أن الأمر تم تنفيذه، ولكن إعادة الإعمار تحتاج خطوات أولها البنية التحتية والانطلاق منها، عندما تنطلق مشاريع حقيقية لوجود بنية تحتية وقطاع مصرفي وتتنشط البنوك سواء في سورية أو لبنان حتى في الأردن، عندها نقول إن المستثمرين قد يستطيعون الدخول بأمان بإدخال أموالهم، أما الآن فكيف يدخلون أموالهم وإلى أين يتم إدخالها، وحتى البنية التشريعية غير آمنة وهذا في بالغ الأهمية".

من جهته قال الخبير القانوني بسام طبلية المتخصص في القانون الدولي وحقوق الإنسان، وهو أيضاً رئيس المكتب التنفيذي لـ "الهيئة الوطنية السورية" في حديث لـ "العربي الجديد" إن "قانون قيصر هو قانون عقوبات أميركية على النظام السوري يمتد أثره إلى الدول التي تحاول أن ترتبط بعلاقات اقتصادية مع نظام الأسد"، مضيفاً: "بناءً على ذلك يمكن للشركات التي تتعامل مع النظام أن تطاولها العقوبات وفق قانون قيصر".

وأشار طبلية إلى أن "ما تقوم به الإمارات هو حقيقة أمر يدخل ما بين السياسة والقانون، باعتبار أن هناك أزمة قد نشأت في لبنان، وبالتالي أصبحت المصالح السياسية والاقتصادية تفرض ضرورة سياسية على الدول أن تغض النظر من أجل وصول الكهرباء إلى لبنان".

كما لفت إلى أنه "يمكن لتلك الشركات أن تبرم هذه العقود مخالفةً بذلك قانون قيصر، إلا أن الواقع السياسي يقول إذا ما أرادت الولايات المتحدة أن تبسط قوتها وعقوباتها على تلك الشركات ضمن قانون قيصر فيمكن لها ذلك، ولكن يبدو أنها في الوقت الحالي تغض النظر من أجل مصالح سياسية أخرى تتعلق بتوريد الكهرباء إلى لبنان".

ولا يعتقد الخبير القانوني أن "هذه المشاريع هي بداية لإعادة الإعمار في سورية، لأن الموضوع في الوقت الراهن مرتبط بمشكلة أخرى ومصالح سياسية أخرى تتعلق بلبنان، لذلك أتصور أن غض النظر عن هذا الموضوع مؤقت ريثما يتم  تجاوز عقبة ما أو مشكلة ما في دولة مجاورة، ولكن سرعان ما تتغير الظروف السياسية، فإن الولايات المتحدة الأميركية سوف تعاود نشاطها بمد العقوبات الاقتصادية على تلك الدول التي وقعت الاتفاقيات مع النظام السوري".

المساهمون