النظام السوري يعوّل على الاستثمار الخارجي وشكوك بإمكانية نجاحه

10 يونيو 2021
أصدرت حكومة الأسد في 19 مايو/أيار الماضي، القانون رقم 18 الجديد للاستثمار (فرانس برس)
+ الخط -

زادت دعوات النظام السوري، بعد الانتخابات الرئاسية التي شهدتها سورية نهاية مايو/أيار الماضي، لرجال الأعمال السوريين المهاجرين والعرب، للاستثمار بسورية "لأن فيها فرصا استثمارية مربحة" فبعد تشكيل لجنة برئاسة وزير الصناعة وعضوية رؤساء مجالس رجال الأعمال العرب، لمخاطبة المستثمرين السوريين بالبلدان المجاورة، للعودة إلى سورية، جدد رئيس النظام بشار الأسد أمس، دعوته للمستثمرين للعمل والاستفادة من المناخ الاستثماري والميزات التي وفرها القانون الجديد.

وقال الأسد خلال زيارته إلى مدينة عدرا الصناعية بريف دمشق أمس، إن بلاده لديها "الإمكانيات الحقيقية لتجاوز الحصار والتقليل من آثاره، وخلق المزيد من فرص الاستثمار والعمل" في سورية" مجدداً الدعوة ذاتها التي أطلقها في الثالث من الشهر الماضي، خلال زيارته مدينة حسياء الصناعية بريف حمص وسط سورية.

وتقول مصادر مطلعة بدمشق، إن "ماكينة رجال الأعمال بدأت بالحركة" منذ تأسيس "تجمع رجال الأعمال السوريين بالعالم" قبل عامين، لكن "التوجيهات من رئاسة الوزراء اليوم" وصلت إلى مجالس رجال الأعمال المشتركة مع الدول العربية، لدعوة السوريين المهاجرين والعرب للاستثمار في سورية "بالتوازي مع الوفود الحكومية التي تزور الدول العربية وإيران".

وتضيف المصادر لـ"العربي الجديد" أن لدى رؤساء المجالس المشتركة "صلاحية الطمأنة والتعهد بحماية المستثمرين حتى لمن عارض نظام الأسد" متوقعة بدء عودة بعض المال السوري وحتى الخليجي، للاستثمار في سورية خلال الفترة المقبلة "عدا الاستثمارات الإيرانية" المستمرة التي تديرها اليوم الشركة السورية الإيرانية للاستثمار والتطوير وبدء العمل بالمركز الإيراني في المنطقة الحرة بدمشق.

وكان عضو مجلس اتحاد غرف السياحة السورية، علي تركماني، قد أكد من مدينة دبي اليوم، أن الوفد السوري المشارك باجتماعات الدورة 131 لاتحاد الغرف العربية، التقى وفوداً من السعودية والإمارات والكويت وفلسطين ولبنان، كاشفاً خلال تصريح نقلته صحيفة "الوطن" السورية أنه "تم حث العديد من رجال الأعمال المعروفين على الصعيد العربي والمستثمرين للعودة إلى سورية ولاسيما أنها أصبحت جاهزة للاستثمار بعد انتهاء الحرب، ووجود قانون متطور للاستثمار".

موقف
التحديثات الحية

ويضيف تركماني أن رجال الأعمال العرب "يتابعون وباهتمام كل ما يجري في سورية" بدءاً من اطلاعهم على قانون الاستثمار والبعض لديهم نسخة منه، إضافة لذلك لديهم معلومات وأفكار عن الاستثمار، متوقعاً "بالقريب العاجل قد نجد العديد من المستثمرين ورجال الأعمال العرب في سورية".

وكانت حكومة الأسد قد أصدرت في 19 مايو/أيار الماضي، القانون رقم 18 الجديد للاستثمار، والذي يهدف بحسب وزير الاقتصاد بحكومة الأسد، محمد الخليل، إلى توجيه الاستثمارات المأمولة نحو قطاعات "ذات أولوية" والتي كان على رأسها القطاع الزراعي.

وتشمل ضمانات الاستثمار وفق القانون الجديد، بحسب تصريحات وزير التجارة الخليل، عدم جواز إلقاء الحجز الاحتياطي على المشروع أو فرض الحراسة عليه إلا بموجب قرار قضائي، وعدم نزع ملكية المشروع إلا للمنفعة العامة وبتعويض يعادل القيمة الحقيقية للمشروع، وفقاً للسعر الرائج بتاريخ الاستملاك.

كما منح القانون إعفاءات "غير مسبوقة" تتراوح نسبتها بين 50 و75 في المائة على ضريبة الأرباح لمروحة واسعة من المشاريع الصناعية، أهمها مشاريع السياحة وصناعة التقنيات، والصناعة الطبية والدوائية، والطاقات المتجددة، وتدوير النفايات والمشاريع الحرفية.

ويرى الاقتصادي السوري حسين جميل أن هذه الإغراءات "النظرية" آخر ما يبحث أو يفكر به رأس المال، لأن الاستثمار يطلب الأمان والاستقرار أولاً ومن ثم السوق والقدرة الشرائية، وكلا العاملين غير متوفرين في سورية، بل على العكس، سورية مرشحة للانفجار في أي لحظة، ما يجعل أي مستثمر "يعد للعشرة " قبل التفكير بتوطين مشروع أو المجازفة بأي رأسمال.

لكن، يستدرك الاقتصادي السوري خلال تصريحه لـ"العربي الجديد" أن هذا لا يعني أن لا نرى عودة بعض المستثمرين السوريين، خاصة المحجوز على أموالهم وشركاتهم، للاستفادة من المرحلة، أو حتى رساميل عربية لمساعدة نظام الأسد بـ"دعاية" أن سورية بخير وعاد مناخها الاستثماري للجذب.

ورجح أن يتم طرح مشروعات ذات دورة رأس مال سريعة خلال الملتقى المرتقب بمدينة حلب "ربما النظام يمنح مشروعات مغرية ليحقق غايته" إلا أن تلك الأموال، فيما لو عادت، لن تغيّر من واقع الأمر شيئاً، لأن جميع دول العالم ورجال الأعمال، يدركون أنه لا استقرار ولا استثمار وإعادة إعمار، من دون حل سياسي واضح بسورية" هذا إن لم نذكّر بالعقوبات وأهمها قانون قيصر، فمن سيجازف ويضع نفسه بمواجهة العقوبات الأميركية".

ويحاول نظام بشار الأسد، بعد ما يصفه سوريون بالمسرحية الانتخابية، تقليل خسائر الحرب وعودة الدوران لعجلة الاقتصاد، بعد أن وصلت كلفة الحرب الدائرة منذ عام 2011 إلى 1.2 تريليون دولار بحسب تقرير مشترك لمنظمة "الرؤية العالمية- وورلد فيجن" وشركة "فرونتير إيكونوميكس" لتطوير النتائج الاقتصادية.

وزادت المنظمة الدولية تقديرات اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا) التي أصدرتها العام الماضي بالتعاون مع جامعة "سانت أندروز" البريطانية، والتي قالت إن أضرار الحرب، حتى نهاية عام 2020، بلغت نحو 442 مليار دولار، موزعة على أضرار رأس المال المادي البالغة 117.7 مليار دولار، وخسائر الناتج المحلي الإجمالي البالغة 324.5 مليار دولار، ليليها مطلع فبراير/شباط 2021، تقرير صدر من دمشق عن "نقابة عمال المصارف".

وقدّر قيمة خسائر الاقتصاد السوري منذ بداية الحرب في 2011 وحتى 2021 بأكثر من 530 مليار دولار، أي ما يعادل 9.7 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لسورية عام 2010.

المساهمون