النظام السوري يعجز عن تسديد ثمن القمح للفلاحين

06 يوليو 2021
تراجع حاد في إنتاج القمح الموسم الجاري (فرانس برس)
+ الخط -

توالت شكايات فلاحين في مناطق سيطرة نظام بشار الأسد، من عدم تسديد قيَم محاصيلهم الزراعية التي يلزمهم النظام تسليمها للمؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب، في ظل تهديدهم بسجن كل من يبيع المحصول للتجار أو يحتكره، حسب مصادر خاصة بـ"العربي الجديد".
ووفق ما نشرته صحيفة "الوطن" المقربة من بشار الأسد، سبق لقوات النظام السوري أن اعتقلت الشهر الماضي، مزارعاً من منطقة "تلدو" بريف حمص وسط سورية، لوجود نحو عشرة أكياس قمح بمنزله "1037" كيلو غراماً، لم يسلمها للمؤسسة الحكومية.
وتحت دوافع الخوف يسلم المزارعون بمناطق سيطرة الأسد، محاصيلهم للنظام، رغم أن سعر كيلوغرام القمح 900 ليرة فقط (الدولار = نحو 3200 ليرة)، في حين سعرته الإدارة الذاتية التي تسيطر على مناطق إنتاج القمح، شمال شرقي سورية بـ1150 ليرة.
وكشفت مصادر إعلامية، عن تلكؤ المصرف الزراعي السوري "حكومي" في تسليم قيَم الحبوب المسلمة منذ شهر يونيو/ حزيران الماضي، لفلاحين بمناطق حلب وحماة، وهو ما أكده رئيس مكتب الشؤون الزراعية في الاتحاد العام للفلاحين، محمد الخليف، بقوله: "وردت عدة شكاوى للاتحاد العام للفلاحين بخصوص التأخر في صرف قيَم القمح المسلمة لمراكز استلام الحبوب من قبل المصارف الزراعية، واعداً خلال تصريحات صحافية أول من أمس بعقد اجتماع لإيجاد حل لهذا الموضوع".
بدوره، أرجع مدير المؤسسة السورية للحبوب، يوسف قاسم، سبب التأخير في صرف قيَم محصول القمح إلى وجود ضائقة في حركة الأموال والسيولة التي تدار بين المصرف المركزي والمصرف الزراعي، كاشفاً أن تزويد السيولة يتم بشكل مباشر والفلاح يقبض كامل المبلغ نقدًا.

ويرى الاقتصادي السوري، حسين جميل، أن القصة لا تتعلق بزيادة معروض الليرة بالسوق وآثارها على التضخم بل تكمن في عدم كفاية القرض الروسي التي منحته موسكو لنظام الأسد "المفلس" هذا العام، ليشتري المحاصيل الزراعية.
وكان نائب رئيس الوزراء الروسي، يوري بوريسوف، قد أعلن سابقاً أن بلاده قدمت قرضا لسورية لتمكينها من تمويل شراء الأغذية والحبوب، مضيفاً خلال تصريحات على هامش منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي الشهر الماضي، أن موسكو ودمشق تسعيان للتحول إلى إمداد الجانب السوري بالحبوب على أسس تجارية. وقال: "الوضع صعب هناك، منحناهم قرضا، وهم ينفقون جزءا منه على شراء الغذاء، بما في ذلك الحبوب".
ويضيف جميل لـ"العربي الجديد" أنه رغم أن كمية القمح التي اشتراها نظام الأسد، حتى الآن، لا تزيد عن 200 ألف طن، نراه يعجز عن تسديد كامل قيَمها للفلاحين الذين تكبدوا الخسائر وهم ملزمون ببيع تعب عامهم بأسعار متدنية للنظام، فكيف لو كان الإنتاج كما كانت التوقعات ووصلت حصة مناطق الأسد إلى أكثر من 1.5 مليون طن؟
ويلفت الاقتصادي السوري إلى أن الأزمة المقبلة، ليست فقط بعجز نظام الأسد عن تسديد قيَم المحاصيل أو حتى عبء القرض الروسي الجديد، بل بأزمة القمح والطحين والخبز التي ستواجه النظام هذا العام، متوقعاً ألا تزيد الكميات التي ستستلمها المؤسسة الحكومية عن 400 ألف طن، في حين لا تقل حاجة المناطق التي يسيطر عليها الأسد سنوياً، عن مليوني طن.
وتراجعت آمال حكومة الأسد بموسم الحبوب للعام الجاري، بعد التوقعات بأن يزيد عن 3 ملايين طن وإطلاق "عام القمح" على عام 2021.

تذهب التوقعات نحو زيادة الازدحام أمام الأفران ورفع أسعار الخبز بسورية، بعد زيادتها 100% نهاية أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي


لكن الجفاف وتراجع الأمطار ومنسوب مياه نهر الفرات، أتت على موسم الحبوب لهذا العام، فانعدمت بالمطلق مردودية الزراعة البعلية (عبر الري) المقدرة سابقاً بنحو 300 ألف طن، بحسب المهندسة بتول أحمد، التي تقول: "عائد الزراعة البعلية صفر هذا العام، وخسر الفلاح البذور والأسمدة وتعبه"، مبينة بالوقت نفسه لـ"العربي الجديد" أن كامل إنتاج سورية لن يزيد عن مليون طن "معظمه بمناطق الإدارة الذاتية" شمال شرقي سورية.
وتذهب التوقعات نحو زيادة الازدحام أمام الأفران ورفع أسعار الخبز بسورية، بعد زيادتها 100% نهاية أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، إذ بدأت أزمة الخبز تلف مناطق سيطرة الأسد مع وجود "سوق سوداء". وتؤكد مصادر من دمشق، أن "ربطة الخبز التي تزن أقل من 2 كلغ" تباع أمام الأفران بأضعاف السعر الرسمي. "سعرها 100 ليرة وتباع بـ700 ليرة أمام أفران ابن العميد والمزة وقدسيا بدمشق"، حسب المصادر لـ"العربي الجديد".
وكانت الأمم المتحدة قد حذرت سابقاً، من أنّ سورية مهددة بتفاقم أزمة الجوع، بسبب تدني محصول القمح هذا الموسم، مشيرة إلى أنّ الجفاف المستمر يهدّد بتفاقم أزمة الجوع في البلد الذي تمزقه الحرب، نظراً لقلة القمح بسبب ضعف المحصول.

المساهمون