النظام السوري يتوعد التجّار... والغلاء يتواصل

13 أكتوبر 2021
ارتفاع كبير في أسعار السلع (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

رفع وزير التجارة وحماية المستهلك بحكومة النظام السوري، عمرو سالم، سلاح الوعيد بوجه الصناعيين والتجار قائلاً: "من يخفّض الأسعار مرحّب به، وإلا لن نرحم ولدينا القانون لضبط الأسواق".

وأضاف خلال "استدعائه" منتجي الألبان والأجبان إلى وزارته: "مهمتنا تهيئة الظروف التي تسمح بتخفيض الأسعار سواء من خلال كلفة الإنتاج أم من الناحية الرقابية".

وأشار إلى أن الوزارة وضعت منهجاً تسير عليه وفق خطوات متلاحقة لإعادة بناء الثقة التي سوف تقودنا إلى نتائج أفضل.

ووعد سالم بأن "أسعار السلع والمنتجات الغذائية ستنخفض قريباً"، مضيفاً: "فإن كانت البداية من الألبان والبيض، فسيطاول الإجراء جميع المواد من دون استثناء ولم يعد مسموحاً بالاحتكار ورفع الأسعار حتى الوصول إلى أسعار ترضي المستهلك".
ويرى تاجر المواد الغذائية بمنطقة دمر بدمشق، عماد الدالي، أن كلام الوزير نظري لأن تخفيض أسعار الألبان والبيض وغيرها من السلع الاستهلاكية اليومية، لا يتم بالوعيد والتهديد بالقانون 8 الخاص بمنع الاحتكار وسجن المخالفين وتغريمهم "لأن رفع الأسعار الكبير لا يأتي من البائع والتاجر" بل هناك أسباب لا بد من دراستها قبل تهديدنا بالعقوبات.

وأشار الدالي إلى أن أهم أسباب ارتفاع المنتجات الحيوانية في سورية هي "تناقص قطعان الأغنام والدواجن إلى أقل من نصف ما كانت عليها قبل عام 2011"

والسبب المستجد بارتفاع الأسعار، برأي التاجر السوري، هو التصدير وغلاء الأعلاف أكثر من 5 أضعاف ما كانت عليه، "فالغلاء من المنتج الذي رفعت الحكومة عليه أسعار الأعلاف والمشتقات النفطية والأدوية البيطرية، لا أحد يعمل بخسائر وإن أراد الوزير الحل، فالحل يبدأ من قرارات الحكومة".
وشهدت أسعار المنتجات الحيوانية، ارتفاعات متتالية خلال شهرين، زادت عن 4% بحسب مصادر من العاصمة السورية، فبعدما وصل سعر صحن البيض "30 بيضة" لأول مرة إلى 11 ألف ليرة سورية (الدولار = 3500 ليرة)، تعدى سعر الحليب 1400 ليرة واللبن "زبادي" 1900 ليرة ليزيد سعر كيلو الجبنة الحلوة عن 10 آلاف ليرة والعكاوي عن 9 آلاف ليرة، ما حول السلع الضرورية إلى كمالية، بحسب المصادر السورية.

وحول أسعار اللحوم، تضيف المصادر لـ"العربي الجديد" أنها "باتت كمالية لمعظم السوريين، إذ يزيد سعر كيلو غرام جوانح الدجاج عن 6 آلاف ليرة".
وزادت تكاليف الإنتاج في الزراعة والصناعة، ويقول الصناعي محمد طيب العلو إن "سعر ليتر المازوت ارتفع من 180 إلى 500 ليرة ونشتري أسطوانة الغاز الصناعي بألف ليرة، هذا إن لم نتكلم عن أجور العمالة وانقطاع الكهرباء وشح الفيول رغم رفع سعره".

شهدت أسعار المنتجات الحيوانية، ارتفاعات متتالية خلال شهرين، زادت عن 4% بحسب مصادر من العاصمة السورية

ويضيف العلو لـ"العربي الجديد" أن السبب الأهم لارتفاع الأسعار، هو زيادة تصدير غذاء السوريين بالتوازي مع استيراد المواد الأولية أو رفع أسعارها، مؤكداً أن حكومة الأسد إن أرادت ضبط الأسواق وتحسين معيشة السوريين فلترفع الأجور وتجلس مع الصناعيين والتجار لتسمع مشاكلهم، لا أن تصدر لهم القرارات لتزيد معاناتهم وتدفعهم للهجرة.
ومن جانبه، يرى الاقتصادي السوري، محمود حسين، أن أسعار الغذاء العالمية، تشهد ارتفاعات كبيرة وهي الأعلى منذ عشر سنوات "خاصة الحبوب والزيوت" ولكن هذا لا يبرر برأيه ارتفاع أسعار الزيوت في سورية التي تنتج، رغم الحرب، ثلاثة أضعاف الاستهلاك المحلي من زيت الزيتون.

ويتساءل حسين خلال حديثه لـ"العربي الجديد" عن أسباب استمرار ارتفاع أسعار السكر والأرز، بعد قول الوزير نفسه إن وزارته أجبرت الوكلاء وتجار الجملة على بيع السكر لتجار المفرق بتسعيرة الوزارة، فسعر الأرز اليوم على عتبة 3 آلاف ليرة والسكر بنحو 3500 ليرة.

ويرى الاقتصادي السوري أن حل الأزمة المعيشية بسورية "يكمن في تحسين الدخل" وليس عبر توعّد التجار. وحذر حسين من أزمات جديدة ستشهدها الأسواق السورية، سواء غذائية بعد فتح شهية التصدير للخليج عبر الأردن، أو حتى الصناعية بعد تقييد الاستيراد ومنع تمويل ودعم التجار.

وقال: "الأزمة الحقيقية اليوم بارتفاع أسعار الأدوية ونقص عرضها... ونفاد علاجات الأمراض الخطرة". وكان رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية، رشيد الفيصل، قد حذر أخيراً من نقص الأدوية وانقطاع أصناف علاجات الكلى والقلب والضغط، مشيراً خلال تصريحات إلى صعوبات لدى المعامل في تأمين تمويل المواد الأولية إضافة إلى صعوبات اقتصادية أخرى تواجهها هذه المعامل.
وتتزايد معاناة السوريين بتأمين لقمة عيشهم، بعد ارتفاع الأسعار بأكثر من 40% خلال شهرين، ففي حين لا يزيد متوسط الدخل عن 75 ألف ليرة، وصل متوسط تكاليف معيشة الأسرة، بحسب مراكز من دمشق إلى مليون و240 ألف ليرة سورية، حصة الغذاء فقط، 766 ألف ليرة.

تتزايد معاناة السوريين بتأمين لقمة عيشهم، بعد ارتفاع الأسعار بأكثر من 40% خلال شهرين، ففي حين لا يزيد متوسط الدخل عن 75 ألف ليرة، وصل متوسط تكاليف معيشة الأسرة، إلى 1.240 مليون ليرة

وكان الباحث الاقتصادي، عمار يوسف، قد قدر احتياجات الأسرة السورية المكونة من 5 أشخاص بنحو 1.850 مليون ليرة، للعيش على الكفاف دون رفاهية، وذلك استناداً إلى إحصائية جديدة أجريت بناء على دراسة قامت بها منظمة الأمم المتحدة تحدد حاجة الشخص الواحد من السعرات الحرارية.
وأشار يوسف خلال تصريحات سابقة إلى أن ما كان يشتريه بـ 8200 ليرة في عام 2011، أصبح يشتريه الآن بمليون ليرة، والمشكلة تكمن في أن المواطن كان قادراً في السابق على تأمين 8200 ليرة، ولكنه عاجز الآن عن تأمين مليون ليرة.

وحذر الباحث السوري من أن الغلاء أتى على الطبقة الوسطى في البلاد.

المساهمون