المونديال يصعد بعقارات قطر... وارتفاع مبكر للإيجارات

02 ديسمبر 2021
جزيرة اللؤلؤة في الدوحة (العربي الجديد)
+ الخط -

مساء الحادي والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أزاحت قطر، الستار عن "ساعة المونديال" في كورنيش العاصمة الدوحة، ليبدأ العد التنازلي لعام على بطولة كأس العالم لكرة القدم "قطر 2022" ليدب النشاط في العديد من الأنشطة الاقتصادية وعلى رأسها الإيجارات العقارية التي بدأت بالفعل في التحرك صعوداً قبل بضعة أشهر إثر الرفع التدريجي للقيود المفروضة لمكافحة فيروس كورونا، وتلقي أكثر من 85% من إجمالي السكان جرعتي اللقاح.

ويمثل المونديال فرصة كبيرة لانتعاش القطاع العقاري، إلا أن ثمة مطالب بوضع ضوابط للحفاظ على مستويات مقبولة من الإيجارات تناسب كافة الفئات، فضلا عن الحفاظ على استقرار السوق العقارية في أعقاب انتهاء المونديال، خصوصاً في ظل طفرة البناء التي شهدتها الدولة في السنوات الأخيرة ما يرفع من معروض الوحدات للأغراض السكنية والتجارية والإدارية.

ووفقاً لأحدث البيانات الواردة في النشرة العقارية الصادرة عن وزارة العدل، بلغ حجم تداول العقارات في عقود البيع المسجلة لدى إدارة التسجيل العقاري قرابة 20.3 مليار ريال (5.56 مليارات دولار)، خلال الشهور التسعة الأولى من العام الجاري، إذ تتسارع وتيرة بيع وشراء العقارات، على نحو يعكس تزايد اهتمام ملاك العقارات بالاستفادة من تأجير الوحدات السكنية للزوار خلال فترة المونديال.

 حسب موقع اللجنة العليا للمشاريع والإرث، فإنّ عدد المشجعين المتوقع أن يزوروا قطر خلال المونديال يبلغ نحو 1.5 مليون شخص

يقول محمود ثابت، مدير المبيعات في شركة "يوتوبيا للعقارات" في حديث مع "العربي الجديد" إنّ "استضافة قطر بطولة كأس العالم لكرة القدم نهاية 2022 واستقبال نحو 1.5 مليون زائر، سيؤديان إلى انتعاش كافة القطاعات الاقتصادية، والقطاع العقاري لن يكون بمنأى عن هذه الانتعاشة المتوقعة، لا سيما في ظل الطلب الحكومي الكبير من خلال اللجنة العليا للمشاريع والإرث على الوحدات العقارية بهدف تأمين احتياجات جماهير المونديال الذين سيتوافدون على قطر قبل وأثناء منافسات البطولة".

انتعاش عقاري مع قرب المونديال

يضيف ثابت: "القطاع العقاري يشهد زخماً نتيجة اقتراب موعد البطولة الرياضية، ونتوقع زيادات إيجارية مختلفة ومتباينة حسب مناطق الوحدات والشقق السكنية، فهذا الارتفاع أمر طبيعي، في ظل العد التنازلي لأقل من عام على البطولة".

ويشير إلى أن العديد من المكاتب العقارية رصدت زيادات تراوحت بين 4% إلى 20% في الإيجارات في مناطق مثل اللؤلؤة وهي من أكثر المناطق التي تتضمن وحدات سكنية فاخرة في الدوحة، لكنه لفت إلى أن هذا الأمر يظل حالات فردية ولا يجوز تعميمه، لافتا إلى أنه مع غياب المعلومات الرسمية المنشورة عن العقود الإيجارية يصعب للغاية توقع اتجاه السوق، سواء في الفترات الماضية أو بالنسبة للتوجهات المستقبلية، وكذلك لنسب الزيادات التي تحدث.

وأظهر رصد لـ"العربي الجديد" من خلال بيانات شركات عدة عاملة في الوساطة العقارية على مواقع التواصل والشبكة العنكبوتية، تباين متوسط قيمة إيجار الوحدات السكنية في المنطقة الواحدة حسب الإطلالة، إذ يصل إلى نحو 7500 ريال (2055 دولارا) للشقة المكونة من غرفتي نوم وصالة غير مفروشة في مدينة لوسيل، بينما تقفز القيمة لنفس المساحة إلى 10500 ريال للشقة المطلة على الخليج.

أما في اللؤلؤة فيبدأ الإيجار من 9 آلاف ريال الشقة المكونة من غرفتين وصالة، ويصل إلى 18 ألف ريال للشقة البرجية على الواجهة البحرية، فيما يتراوح إيجار الشقة من ثلاث غرف بين 15 ألف ريال و26.500 ريال.

ويختلف الإيجار في مناطق الدوحة الداخلية، فيبلغ متوسط إيجار الشقة غير المفروشة من ثلاث غرف بين 6 آلاف و8 آلاف ريال، والشقة من غرفتي نوم بين 5 آلاف و7500 ريال، والفيلا المكونة من 5 غرف يبدأ السعر من 12 ألف ريال، وينخفض السعر خارج الدوحة، ففي الوكرة والوكير جنوب البلاد، يبدأ إيجار الفيلا 3 غرف من 6500 ريال، والشقة من غرفتين يبدأ من 3700 ريال والثلاث غرف من 4500 ريال.

وتتقاضى شركات ومكاتب الوساطة العقارية، عن كل عقد يوقعه المستأجر عن طريق الوسيط قيمة تعادل نصف إيجار شهر، ويدفع المستأجر للمؤجر مبلغ تأمين يعادل إيجار شهر سلفاً، يسترده في نهاية العقد عند إخلاء الشقة، ويقدم شيكات مصرفية لكامل فترة العقد، فإذا كان الإيجار لعام يقدم 12 شيكاً للمؤجر يسحب المؤجر كلّ شهر شيكاً بمبلغ الإيجار من الحساب البنكي للمستأجر.

وفي مقابلات متفرقة مع وافدين، أشاروا إلى أنّه مع قرب انتهاء عقود إيجارات مساكنهم، خيّرهم الملّاك بزيادات تتراوح بين 15% و20% في حال تجديد العقود أو ترك المسكن، ويقول البعض إنّه فضل البقاء مع الزيادة المفروضة بعدما أجرى بحثاً عن بدائل وجد أنّها شهدت أيضا ارتفاعاً في قيمتها فضلاً عن الكلف الإضافية التي سيتحملها ممثلة في عمولة مكتب التأجير ونقل الأثاث وغيرها في حال استئجار شقة غير مفروشة.

تقنين زيادة الإيجارات مع وفرة المعروض

ولا تقتصر مطالب تقنين زيادة الإيجارات على المستأجرين وإنّما أيضاً على فاعلين في القطاع العقاري نفسه، خصوصاً في ظل وفرة المعروض الذي يمكن أن يعرض السوق لارتباك بعد انتهاء المونديال.

يقول أحمد هنداوي، مدير شركة "لافينير للاستشارات الهندسية" لـ"العربي الجديد" إنّ الفترة الماضية شهدت زيادة في الإقبال على الاستثمار العقاري، نظراً لتوفر السيولة المالية وعودة الحياة إلى طبيعتها مع الرفع التدريجي للقيود المفروضة جراء جائحة كورونا، الأمر الذي تسبب في زيادة أسعار الأراضي والوحدات السكنية عموماً ومن ثم ارتفاع الإيجارات.

 حجم تداول العقارات في عقود البيع المسجلة لدى إدارة التسجيل العقاري بلغ قرابة 20.3 مليار ريال (5.56 مليارات دولار)، خلال الشهور التسعة الأولى من العام الجاري

ويشير هنداوي إلى أنّ الفترة الأخيرة شهدت استئجار عدد كبير من العقارات السكنية تحضيراً للبطولات الرياضية، إذ أصبح متوسط إيجار الشقة من ثلاث غرف نوم في أحياء الدوحة 7 آلاف ريال شهرياً، والفيلا مساحة 400 متر مربع متوسط إيجارها 20 ألف ريال، والمكتب الإداري الصغير 20 ألف ريال.

وحسب موقع اللجنة العليا للمشاريع والإرث، فإنّ عدد المشجعين المتوقع أن يزوروا قطر خلال المونديال يبلغ نحو 1.5 مليون شخص، وعدد الغرف المُتاحة لاستقبال المشجعين والزائرين خلال العام المقبل يصل إلى 70 ألف غرفة.

وفي مقابل تأكيد مستأجرين ومسؤولين في شركات وساطة عقارية حدوث زيادات ملحوظة في الإيجارات خلال الأشهر الأخيرة، إلّا أنّ الخبير والمثمن العقاري المعتمد لدى وزارة العدل، خليفة المسلماني، يرى أنّ قيمة الإيجارات لا تزال منخفضة بنحو 25% مقارنة مع مستويات ما قبل ثلاث سنوات.

ويقول المسلماني إنّ حجم المعروض من الوحدات السكنية ما زال أكبر من الطلب، بل يقوم معظم الملاك والشركات العقارية بتقديم عروض لجذب المستأجرين كمنح شهر مجاني لعقد الإيجار السنوي ليصبح 13 شهراً، لافتاً إلى أنّ الوضع نفسه ينسحب على الإيجارات التجارية والمكتبية.

وحول مدى انعكاس المونديال على العقارات السكنية، يشير المسلماني إلى أنّ فترة إقامة المونديال ليست طويلة، وتبلغ حوالي شهر واحد، معتبراً أنّه لن يكون لها تأثير على ارتفاع الإيجارات السكنية.

لكن في ظل الهواجس المتزايدة بشأن ارتفاع الإيجارات السكنية وتأثيرها على استضافة المونديال ذاته، وضعت وزارة التجارة والصناعة محددات لقيم الغرف الفندقية وما يماثلها من وحدات تستهدف بشكل أساسي زائري المونديال، بينما لا ضوابط لتحديد القيم الإيجارية لما دون هذه الوحدات.

ونهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلنت وزارة التجارة والصناعة، أنّ تحديد أسعار تأجير الغرف الفندقية وما يماثلها من الأماكن خلال استضافة مونديال 2022، ويطبق القرار خلال الفترة من أول نوفمبر/تشرين الثاني وحتى 21 ديسمبر/ كانون الأول 2022. وبموجب القرار الوزاري، فإن الحد الأقصى لليلة الواحدة للشقق الفندقية العادية هو 464 ريالاً، والشقق الفندقية الفاخرة العادية 537 ريالاً، والشقق الفندقية الفاخرة المميزة 1222 ريالاً.

وحول الحلول المقترحة للحد من الارتفاع العشوائي للإيجارات السكنية، يدعو محمود ثابت، مدير المبيعات في شركة "يوتوبيا للعقارات" إلى أن تكون الزيادات مقننة حسب العقود القائمة، لافتاً أنّ عمليات البناء الضخمة التي تشهدها الدولة سوف تسفر عن ضخ الكثير من الوحدات في السوق، مما يسهم في زيادة المعروض بشكل سيؤدي إلى انخفاض في قيم العقارات بعد انقضاء بطولة كأس العالم مباشرة ما لم يتم استحداث إجراءات جديدة لزيادة الزخم حول القطاع العقاري وجذب مستثمرين أجانب.

المساهمون