- المحللون يؤكدون على أهمية الموازنة في تحقيق التوازن الاقتصادي والحد من الطلب على النقد الأجنبي، مع التحذير من مخاطر الفساد والدعوة لإصلاحات في الحوكمة.
- ليبيا تعتمد بشكل كبير على صادرات النفط وشهدت ارتفاعاً في الاعتمادات المستندية بنسبة 30.5% في 2023، مع دعوات صندوق النقد الدولي لإصلاحات شاملة لتعزيز الاقتصاد وتحقيق التوازن التجاري.
تعمل وزارة الاقتصاد في حكومة الوحدة الليبية على إعداد الموازنة الاستيرادية للعام 2024 لمعالجة الخلل الحالي في الميزان التجاري بارتفاع حجم الواردات مقابل الصادرات، في الوقت الذي رأى فيه خبراء أن الموازنة رغم أهميتها إلا أن إعدادها يتطلب إجراءات تعالج الخلل والفساد الذي اعترى بعضها من قبل.
وقال المحلل الاقتصادي حسين البوعيشي إن "الموازنة الاستيرادية حققت نجاحات خلال السنوات الماضية وذلك من أجل الحد من الطلب المتزايد على النقد الأجنبي". وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هناك تجارب عملت بها ليبيا في الموازنة الاستيرادية سنة 1991 وكذلك 1999 وآخرها في سنتي 2017 و2018 وساهمت بشكل كبير في توفير السلع في الأسواق"، مؤكدا أن "لها تأثيرات إيجابية".
من جانبه، أبدى الأكاديمي عادل المقرحي تخوفه من "شبهات الفساد التي صاحبت الموازنة الاستيرادية سنة 2017 والتي ذكرها ديوان المحاسبة في تقرير سابق له". وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الموازنة الاستيرادية تحتاج برنامج روشتة إصلاح اقتصادي مع إلغاء الضريبة على مبيعات النقد الأجنبي".
ويذهب المحلل المالي محمود سالم إلى أن "الموازنة الاستيرادية تعتبر حلا لمعالجة توقف منظومة الاعتمادات المستندية بين الفينة والأخرى". وقفزت الاعتمادات المستندية خلال عام 2023 بقيمة 12.5 مليار دولار، بزيادة قدرها 30.5% بالمقارنة مع عام 2022، وتعتمد ليبيا على استيراد معظم احتياجاتها من الخارج بنسبة 85% للسلع، بينما تعتمد بشكل رئيس في الصادرات على النفط.
وقال سالم لـ"العربي الجديد"، إن "الموازنة الاستيرادية في ليبيا تشير إلى فارق بين قيمة السلع والخدمات التي تستوردها البلاد من الخارج وبين السلع والخدمات التي تصدرها، فإذا كانت قيمة الواردات تفوق قيمة الصادرات، فإن البلد يواجه عجزا في الميزان التجاري".
إعداد الموازنة الاستيرادية
وتسعى حكومة الوحدة الوطنية لمعالجة الخلل في الميزان التجاري وذلك بعد تفاقم العجز في ميزان المدفوعات، الذي بلغ حتى نهاية شهر إبريل/نيسان الماضي نحو 7.4 مليارات دولار. ودعا رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، الأسبوع الماضي، إلى "ضرورة تنظيم أوضاع الجهات التابعة لوزارة الاقتصاد، وإعداد مقترح للموازنة الاستيرادية وفق الاحتياجات الضرورية من أغذية وأدوية وغيرها، وضرورة ممارسة الوزارة اختصاصاتها في هذا الشأن بالتنسيق مع المصرف المركزي".
وقالت وزارة الاقتصاد في بيان، إن الوزير محمد الحويج بحث مع الدبيبة "الإجراءات التنظيمية المقترحة لديوان الوزارة والجهات التابعة لها، والمقترح المعد للميزانية الاستيرادية للعام الجاري، والتنسيق مع مصرف ليبيا المركزي بشأن التنفيذ، باعتبار الوزارة صاحبة الاختصاص الأصيل في إعداد وتنظيم الميزانية الاستيرادية وفق الإيرادات المقدرة من العملة الصعبة، وتحديد الاحتياجات من المواد الأساسية والاستهلاكية والبنود الأخرى".
وتعتمد الموازنة الاستيرادية في ليبيا بشكل كبير على صادرات النفط التي تعد مصدرا رئيسيا للإيرادات في ليبيا. ودعا صندوق النقد الدولي، في تقرير حديث له، إلى "ضرورة إصلاح الحوكمة في القطاع العام بأكمله"، مشيرًا إلى أن الفساد مصدر قلق مهم في ليبيا على الرغْم من التقدم الأخير في بعض مؤشرات الحكم، مؤكدًا ضرورة "إجراء المزيد من الإصلاحات لتحسين الحكم وسيادة القانون ومؤسسات مكافحة الفساد والإطار القانوني".
وبلغت إيرادات ليبيا من النقد الأجنبي خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2024 نحو 6.4 مليارات دولار، بينما بلغ إجمالي الاستخدامات والالتزامات القائمة بالنقد الأجنبي نحو 13.8 مليار دولار، حيث توزعت الاستخدامات من النقد على 7.5 مليارات دولار لاستخدامات الدولة، منها 1.18 مليار دولار للمؤسسة الوطنية للنفط، والشركة العامة للكهرباء بنحو 313 مليون دولار، و27 مليون دولار مرتبات العاملين في الخارج، وحوالات لجهات أخرى بالإضافة إلى الالتزامات أخرى بـ5.5 مليارات دولار.
كما بلغ إجمالي استخدامات المصارف التجارية 6.28 مليارات دولار، منها الاعتمادات المستندية بـ3.62 مليارات دولار وحوالات بـ99 مليون دولار، والأغراض الشخصية 2.46 مليار دولار، وفق آخر بيان لمصرف ليبيا المركزي.