استمع إلى الملخص
- **تأثير رؤية 2030 على البطالة**: ساهمت مشروعات رؤية 2030 في خفض معدل البطالة من 12.3% إلى 7.4% حالياً، مع استهداف الوصول إلى 7% قريباً، مما أدى إلى زيادة منصات التوظيف الإلكترونية.
- **دور السياسات الحكومية والتكنولوجيا**: لعبت السياسات الحكومية، مثل برامج التوطين وجذب الاستثمارات الأجنبية، دوراً محورياً في خلق فرص عمل جديدة، وساهمت منصات التوظيف مثل "جدارات" في تحقيق التوافق بين الوظائف المتاحة والمرشحين المناسبين.
"هذه الخطوة فرصة حقيقية للشباب السعوديين"...هكذا عبر الشاب، عبدالله الغامدي، عن سعادته لـ "العربي الجديد"، بعدما تلقى هاتفه إشعارا من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية يخبره بقبوله عرض توظيف على "المنصة الوطنية الموحدة للتوظيف" (جدارات).
المنصة التي أطلقتها الوزارة في 18 أغسطس/آب الماضي، تهدف إلى تحسين آلية التوظيف في المملكة من خلال توفير وسيلة مركزية للجهات الحكومية وشبه الحكومية لنشر إعلانات الوظائف والتقديم عليها. وفي بداية إطلاقها، أعلنت عن توفر 70 ألف فرصة وظيفية.
وقال الغامدي: "بصفتي خريجاً حديثاً أبحث عن عمل، شعرت بالحماس لاستكشاف الـ 70 ألف فرصة وظيفية المعلن عنها عبر المنصة. أرى أن هذه الخطوة تمثل فرصة للمساهمة في تحقيق رؤية 2030".
وتأتي هذه المبادرة في إطار مساعي المملكة لخفض معدل البطالة من 12.3% عند إطلاق الرؤية إلى 7% في المستقبل القريب، وفقًا لإحصاءات رسمية نشرتها الهيئة العامة للإحصاء السعودية في تقريرها لعام 2023.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر خاصة لـ "العربي الجديد" أن منصات التوظيف السعودية، بما فيها "جدارات"، تشهد نموًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، تواكبا مع سياق أوسع من الجهود الحكومية لتعزيز التوظيف، وهي الجهود التي أشار تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي في 3 سبتمبر/أيلول 2023 إلى دورها "المحوري" في تحفيز الاقتصاد السعودي وخلق فرص عمل جديدة.
خفض البطالة في السعودية
في هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي، حسام عايش، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن منصات التوظيف السعودية تشهد تكاثراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، وذلك على خلفية الأداء الاقتصادي المتميز المنبثق عن رؤية 2030، والذي أوجد نشاطاً اقتصادياً هائلاً يتطلب زيادة في عدد العاملين، نظراً للفرص الوظيفية والمهنية التي أوجدتها المشاريع المختلفة.
وتعد هذه المنصات من الوسائل الأكثر فعالية للبحث عن الوظائف، نظراً للإمكانيات التي تتيحها لطالبي العمل للتعرف على الوظائف المتاحة ومواءمة سيرهم الذاتية مع متطلبات الوظائف، مما يسهل عملية الحصول على الوظيفة المناسبة، بحسب عايش.
وفي ما يتعلق بمعدلات البطالة، يوضح الخبير الاقتصادي أن مشروعات رؤية 2030 ساهمت في خفض معدل البطالة من 12.3% عند بدء تدشين الرؤية إلى 7.4% حالياً، مع استهداف الوصول إلى 7%، وهو ما يتوقع عايش تحققه في السنة القادمة أو التي تليها على أبعد تقدير.
ويؤكد عايش أن البحث عن وظيفة يجب أن يكون دقيقاً، نظراً لكبر حجم العرض من طالبي العمل والطلب على الوظائف، خاصة في القطاع الخاص، مشيرا إلى تكاثر المنصات الإلكترونية ومواقع التوظيف أخيرا على وقع التحول الرقمي والأتمتة والذكاء الاصطناعي وتوجيه التركيز الحكومي نحو المهارات التقنية والرقمية والقدرات الشخصية والتفكير الإبداعي والمهارات الاستراتيجية ومهارات التواصل وإدارة الوقت.
وعن أسباب زيادة التوظيف والإقبال على العمل في السعودية، يعدد عايش أسبابا منها برامج التوطين التي حققت نتائج مهمة على مستوى تخفيض البطالة وتنويع الوظائف والاقتصاد، إضافة إلى تنوع الاقتصاد غير النفطي الذي بلغ حجمه 1.7 تريليون ريال بالأسعار الثابتة في عام 2023، مما يزيد الطلب على الأيدي العاملة.
ويضيف الخبير الاقتصادي أن جذب الاستثمارات الأجنبية والتحول الرقمي وتعزيز الابتكار واعتماد التكنولوجيا والتركيز على القطاعات كثيفة العمالة، كلها عوامل ساهمت في زيادة الطلب على الوظائف، مشيرا إلى دور تطوير التعليم والتدريب والتأهيل المهني في فتح آفاق جديدة لعمل الرجال والنساء في السعودية.
وفي الإطار ذاته، يلفت عايش إلى دور الحكومة السعودية في مجال التوظيف من خلال إطلاق منصة وطنية للتوظيف تسمى "جدارات"، والتي أوجدها صندوق تنمية الموارد البشرية لاستكشاف الفرص الوظيفية في القطاعين العام والخاص.
أداة داعمة
في السياق، يشير الخبير الاقتصادي، جاسم عجاقة، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن سياسات جذب الاستثمارات كانت من بين أهم العوامل التي ساهمت في تحفيز الاقتصاد السعودي وخلق فرص عمل جديدة، مشيرا إلى أن هذه السياسات، إلى جانب برامج التوطين أو "سعودة الوظائف"، زادت من نسبة توظيف المواطنين السعوديين بشكل ملحوظ.
كما أن الجهود الحكومية في دعم التعليم والتدريب المهني لعبت دورًا كبيرًا في تجهيز الشباب السعوديين للدخول إلى سوق العمل والمساهمة في دفع عجلة التوظيف، بحسب عجاقة، لافتا إلى أن الحوافز المقدمة للشركات الصغيرة والمتوسطة، أسهمت بشكل كبير في تحقيق الهدف الرئيسي لخفض البطالة في إطار رؤية 2030.
وفي السياق، يلفت عجاقة إلى أن منصات التوظيف كانت بمثابة أداة فعالة لتنفيذ هذه السياسات، فمن خلال هذه المنصات، تمكن الباحثون عن العمل من تقديم سيرهم الذاتية والبحث عن وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم وتفضيلاتهم، سواء من حيث الموقع أو طبيعة العمل.
كما قدمت هذه المنصات وسيلة لتقريب العرض والطلب، حيث ساعدت في تحقيق التوافق بين الوظائف المتاحة والمرشحين المناسبين، ما أدى إلى زيادة فعالية عمليات التوظيف، حسب عجاقة.
لكن منصات التوظيف، رغم أهميتها، لم تكن سوى أداة تنفيذية لسياسات حكومية، وليست العامل الأساسي في تحقيق خفض البطالة، حسب عجاقة، مؤكدا أن السياسات الحكومية هي التي خلقت الأساس لتحقيق هذا النجاح، بينما لعبت المنصات دورًا في تسهيل وتسريع عملية البحث عن الوظائف.
كما يشير عجاقة إلى أن استخدام التكنولوجيا في عمليات التوظيف، مقارنة بالبحث التقليدي، ساهم في تحسين كفاءة التوظيف وسرعة الاستجابة لاحتياجات سوق العمل، لافتا إلى أن الأرقام تثبت فعالية هذه السياسات، حيث انخفضت نسبة البطالة بين السعوديين بشكل ملحوظ منذ عام 2016.