تنامت بالأوساط الشعبية التركية، دعوات مقاطعة السلع الإسرائيلية والشركات العالمية التي تدعم الاحتلال، مع الإشارة، إلى أسماء الشركات والعلامات التجارية، ليكون رمي فرع "ماكدونالدز" القريب من القنصلية الإسرائيلية بإسطنبول بالحجارة في "منطقة ليفنت" واستمرار إغلاق فروع للعلامة نفسها، المثال الأبرز حتى الآن.
لكن على الصعيد الرسمي، يرجح المستشار الاقتصادي التركي، علاء الدين شنكولر، أن تبقي بلاده على علاقاتها الاقتصادية مع إسرائيل ولن تعلن أي قرار أو موقف رسمي يتعلق بمقاطعة بضائعها، معتبراً أن قرار وقف خطوط الطيران التركية رحلاتها إلى تل أبيب "حتى إشعار آخر" يعود لأسباب أمنية، لا لأسباب اقتصادية أو موقف تركي.
وفي حين يشير المستشار التركي إلى تطور الموقف الشعبي وخروج المظاهرات المؤيدة للحق الفلسطيني "خاصة بعد جريمة قصف مشفى المعمداني بغزة" يؤكد لـ"العربي الجديد" حرص بلاده على العلاقات الاقتصادية التي تنامت خلال الفترة الأخيرة رسميا مع إسرائيل، بعد تطور العلاقات السياسية والدبلوماسية وتعيين السفراء.
وبالتوازي مع تطور الموقف الشعبي في تركيا والمظاهرات أمام السفارة الإسرائيلية بأنقرة والقنصلية بإسطنبول، يؤكد سنكولر ظهور دعوات شعبية لمقاطعة السلع الإسرائيلية "القليلة جدا بتركيا"، أو الشركات الداعمة التي وقعت على بيان دعم إسرائيل "220 شركة عالمية".
ويؤكد الاقتصادي التركي أوزجان أويصال، عدم صدور أي قرار رسمي حكومي أو من قطاع الأعمال وغرف التجارة، يتعلق بمقاطعة البضائع والمنتجات الإسرائيلية، كتلك التي شهدتها الولايات التركية عام 2014 احتجاجاً على مجازر إسرائيل لسكان قطاع غزة وقتل أكثر من 500 مدني فلسطيني.
ويبرر المحلل التركي أن بلاده تحاول، حتى الآن، فصل الملفين، السياسي في غزة، والعلاقات الاقتصادية والدبلوماسية والسياسية مع إسرائيل.
ويضيف أويصال أنه لا يمكن البت بما ستؤول إليه العلاقات، "لأن إسرائيل منزعجة من تصريحات الرئيس لتركي رجب طيب اردوغان، وربما يتم إرجاء الزيارات المتبادلة المجدولة سابقاً، كزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إلى أنقرة، أو زيارة وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان اللتين كانتا مقررتين الشهر المقبل، لمناقشة خطط التعاون بقطاع الطاقة ونقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، عبر تركيا".
اقتصادي تركي: عدم صدور أي قرار رسمي حكومي أو من قطاع الأعمال وغرف التجارة، يتعلق بمقاطعة البضائع والمنتجات الإسرائيلية
من جهته، يرى المحلل التركي سمير صالحة أن بلاده تحرص على دور الوساطة لحل الدولتين، من دون أن تعلن موقفاً اقتصادياً صارماً "الآن على الأقل"، معتبراً أن الفترة الراهنة غير مناسبة لبلاده لاتخاذ موقف يؤثر على الاقتصاد والليرة المتهاوية. ويشير صالحة لـ"العربي الجديد" إلى أن المواقف الشعبية تتطور بالتوازي مع زيادة القتل وانتهاك الحقوق بغزة.
وأضاف: "شهدنا شباناً رموا محلا لماكدونالدز بالحجارة وتزايد الدعوات الشخصية والخاصة، عبر وسائل التواصل، لمقاطعة السلع الإسرائيلية أو الشركات الداعمة لها"، مبيناً أن فروعا عدة من "ماكدونالدز" مغلقة الآن خاصة القريب من القنصلية الإسرائيلية بمنطقة ليفنت بإسطنبول.
ومرت العلاقات بين البلدين بأطوار متباينة، تخللتها قطيعة بعد تأزّم إثر الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2008، لتتدهور وتصل إلى حد القطيعة، بعد اعتراض البحرية الإسرائيلية "أسطول الحرية" في 31 مايو/ آيار 2010، وقتل الكوماندوز الإسرائيلي عشرة ناشطين أتراك، ما دفع أنقرة وقتذاك، لطرد السفير الإسرائيلي.
وبعد ملامح عودة العلاقات واستئناف التبادل الدبلوماسي عام 2016، وتصريح أردوغان وقتها بأن "العلاقات الاقتصادية ستبدأ في التحسن" عاد التوتر عام 2018 من جديد في العلاقات بين البلدين، بسبب الموقف التركي من العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، قبل أن تنتعش خلال العام الأخير ويتم استعادة السفراء وتبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين.
وقال وزير الخارجية التركي السابق، مولود جاووش أوغلو، خلال زيارته إسرائيل في مايو العام الماضي، إن التجارة مع إسرائيل في تزايد، موضحا أن حجم التبادل التجاري بين البلدين قد تجاوز 10 مليارات دولار العام الماضي.