كشفت المفوضية الأوروبية، اليوم الأربعاء، عن مشروعها المنتظر حول ترسانة تشريعية لتحقيق أهداف الاتحاد في مجال المناخ، تشمل وقف استخدام محركات السيارات التي تعمل على البنزين إلى فرض رسوم على الكيروسين للملاحة الجوية وأخرى على الاستيراد وإصلاح سوق الكربون.
وقدمت المفوضية الأوروبية 12 اقتراحاً لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في القارة بنسبة 55 بالمائة بحلول 2030 مقارنة بعام 1990. لكن العواقب الاجتماعية لهذه التدابير تثير قلقاً بعد حركة "السترات الصفراء" في فرنسا.
وحذر نائب رئيس المفوضية فرانز تيمرمانس، الأربعاء، من أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون مقنعاً بأن حزمته لتدابير المناخ التي يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع فواتير الوقود والتدفئة للأسر "عادلة وموحدة"، وإلا سيواجه "مقاومة هائلة".
وقال للصحافيين "على المفوضية أن تثبت أن خطتها تؤدي إلى انتقال عادل وشامل (...) إذا فشلنا في الإقناع، فستكون مقاومة هائلة".
وبين أن مجموعة التدابير التقنية التي ستكون موضوع مفاوضات شاقة بين أعضاء البرلمان الأوروبي وسلطات الدول الأعضاء، تتناول وقف المفوضية الأوروبية تسويق السيارات التي تعمل على البنزين والديزل اعتباراً من 2035.
وتعد الركيزة الأساسية لهذا المشروع هي التوسيع الكبير لسوق الكربون الأوروبي الذي تأسس في 2005 حيث يتم تبادل "تصاريح للتلوث" مطلوبة لبعض القطاعات (الكهرباء وصناعة الفولاذ والأسمنت والطيران داخل الاتحاد الأوروبي). وتمثل هذه القطاعات أربعين بالمائة من انبعاثات الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد.
وحتى الآن تمنح لمعظم الشركات المستهدفة حصص انبعاثات مجانية يمكن إعادة بيعها إذا كان حجم التلوث أقل. لكن المفوضية تريد الحد منها بشكل كبير.
وقف استخدام محركات السيارات التي تعمل على البنزين وفرض رسوم على الكيروسين للملاحة الجوية وأخرى على الاستيراد وإصلاح سوق الكربون
من جهة أخرى، اقترحت المفوضية الأوروبية إخضاع واردات الاتحاد الأوروبي في خمسة قطاعات شديدة التلويث للقواعد نفسها المطبقة على الإنتاج الأوروبي من خلال مطالبتها تدريجياً بشراء "شهادات انبعاثات الكربون". وفي هذه القطاعات (الفولاذ والألمنيوم والأسمنت والأسمدة والكهرباء).
وستطبق آلية هذا التعديل تدريجياً بين 2026 و2036، أي سيتعين على المستوردين في النهاية دفع تعويض الكربون المفروض على السلع المنتجة في الاتحاد الأوروبي، بحسب مشروع السلطة التنفيذية الأوروبية.
المحروقات مستهدفة
تقوم استراتيجية الاتحاد على القضاء على كل منافسة أجنبية "غير عادلة" وردع عمليات نقل الوظائف إلى الخارج. وفي مواجهة اتهامات بالحمائية، تؤكد المفوضية أن هذه المقترحات هي "تعديل حدودي" وليس ضريبياً.
ومن أجل تحقيق توازن، سيتم تخفيض الحصص المجانية التي توزع على الصناعيين والشركات الجوية للاتحاد الأوروبي لمواجهة المنافسة الأجنبية تدريجياً بين 2026 و2036 حتى زوالها.
وقال الليبرالي باسكال كانفين العضو في لجنة البيئة في البرلمان الأوروبي "هذه حزمة مناخية تاريخية... سيرتفع سعر ثاني أكسيد الكربون تلقائياً إلى مستوى له تأثير كبير على النماذج الاقتصادية للصناعات" والتي سيكون من مصلحتها اعتماد تقنيات نظيفة.
وتريد بروكسل أيضاً توسيع سوق الكربون الأوروبي ليشمل النقل البحري والنقل البري وتدفئة المباني اعتباراً من 2026.
وعملياً قد يعني ذلك إجبار مصادر التزويد بالوقود أو محروقات التدفئة على شراء حصص للانبعاثات بسعر ثاني أكسيد الكربون، ما ينعكس بشكل مباشر على نفقات الأسرة.
وتعارض المنظمات البيئية غير الحكومية وأعضاء البرلمان الأوروبي من مختلف التيارات ذلك بشدة، محذرين من حركات اجتماعية. وأشار كانفين إلى هذا "الخطر (...) لتحقيق مكاسب مناخية منخفضة جداً".
توسيع سوق الكربون الأوروبي ليشمل النقل البحري والنقل البري وتدفئة المباني اعتباراً من 2026
من جانبها، قالت النائبة اليمينية أنييس إيفرين "يبدو أن المفوضية تنسى أن الطبقات الوسطى هي التي ستدفع الثمن".
وردت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لايين قائلة إن "المباني تحتكر أربعين بالمائة من استهلاك الطاقة وانبعاثات النقل البري تواصل ارتفاعها"، مؤكدة أنه "يجب عكس هذا الاتجاه بأي ثمن بطريقة عادلة واجتماعية".
ووعدت المفوضية بـ "آلية للعمل الاجتماعي" وهو صندوق يتم توفيره من عائدات حصص التلوث قدر مصدر أوروبي قيمته بنحو سبعين مليار يورو على مدى عشر سنوات.
لكن دومين فانغينشتن من المنظمة غير الحكومية "اي3جي" انتقد خطة تمديد حصص الانبعاثات المجانية للمصنعين لسنوات.
إلى ذلك اقترحت المفوضية الأوروبية، اليوم الأربعاء، فرض ضريبة تدريجية على الكيروسين للرحلات الجوية داخل الاتحاد الأوروبي بهدف تقليل انبعاثات هذا القطاع الذي كان يستفيد من إعفاء كامل لوقود الطائرات.
وهذا الرسم الذي سيعفى منه طيران الأعمال والشحن، سيفرض على مراحل على مدى عشر سنوات، بينما سيتم رفع الحد الأدنى المستهدف لاستخدام الوقود الحيوي في الطائرات وستختفي "تصاريح التلوث" المجانية التي يتمتع بها القطاع اعتباراً من 2026، حسب هذه الخطة.
ويتكون وقود الطائرات النفاثة من خليط من الكيروسين بالإضافة إلى "جيت ألف" و"جيت ألف-1". ويستخرج هذا الوقود من النفط الخفيف جداً الذي يطلق عليه "النافثا"، وهو نوع من سوائل الغاز الطبيعي.
(فرانس برس)