ينتظر أن يواصل المغرب الاستدانة من السوقين الداخلي والخارجي في العام المقبل، من أجل مواجهة الإنفاق في سياق متسم بصعوبة تعبئة إيرادات داخلية عبر الجباية بسبب تداعيات الأزمة الصحية.
وتتوقع الحكومة الجديدة أن يصل عجز الميزانية إلى 5.9 في المائة من الناتج الداخلي الخام، أي حوالي 8 مليارات دولار.
وإذا كانت الحكومة تترقب ارتفاع الإيرادات العادية المتأتية من الضرائب المباشرة وغير المباشرة والرسوم الجمركية، إلا أنها تتوقع ارتفاع الإنفاق خاصة بالنسبة لأجور الموظفين والترقيات والدعم، ناهيك عن نفقات خدمة فوائد الدين. وتتوقع الحكومة في مشروع قانون مالية العام المقبل، الذي كشفت عنه مساء أول من أمس، أن تصل موارد القروض المتوسطة والطويلة الأجل برسم 2022، إلى 11.6 مليار دولار، مقابل 11.8 مليار دولار في العام الحالي.
ويرتقب أن تنتقل الموارد المتأتية من الاقتراض الداخلي من 7.3 مليارات دولار إلى 7.24 مليارات دولار، بانخفاض بنسبة 1.23 في المائة، بينما ينتظر أن تنتقل الموارد المتأتية من الاقتراض الخارجي من 4.54 مليارات دولار إلى 4.43 مليارات دولار، بانخفاض بنسبة 2.44 في المائة.
ويتصور الخبير في المالية العمومية محمد الرهج، أن الاستدانة من قبل الخزانة العامة للمملكة التي وصلت إلى مستوى مرتفع منذ الأزمة الصحية، تستدعي الانخراط في إصلاح ضريبي يحقق العدالة الجبائية التي نودي بها في مؤتمر الصخيرات حول الجباية قبل عامين، بما يحقق التوازن بين تدريب الرأسمال والدخل.
ويؤكد أن الدولة يمكن أن تعمد على مستوى الاستدانة إلى تفعيل القرار الذي اتخذته في العام الحالي باللجوء إلى الاقتراض الوطني الذي يروم تعبئة ادخار المغاربة، كما في الثمانينيات من القرن الماضي، بهدف تمويل نفقات الاستثمار.
وكانت الدولة قد عبرت عن نيتها حث الأشخاص الذاتيين من المقيمين وغير المقيمين على الاكتتاب في سندات، وهو التوجه الذي تفرضه الصعوبات المالية الناجمة عن ارتفاع الإنفاق وصعوبة تعبئة موارد إضافية عبر الجباية مع تأخر الإصلاح على هذا المستوى.
ويرى البنك المركزي أن مديونية الخزانة التي وصلت في العام الماضي إلى 76.4 في المائة من الناتج الداخلي الخام، ستصل في العام الحالي إلى 77.3 في المائة، وتقفز في العام المقبل إلى 79.6 في المائة.
وينتظر أن يبقى الدين الداخلي الذي يوجد في ذمة الخزانة مهيمنا ضمن بنية مجمل الدين، بينما سيبقى الدين الخارجي في حدود دون 20 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.
يتصور الخبير في المالية العمومية محمد الرهج، أن الاستدانة من قبل الخزانة العامة للمملكة التي وصلت إلى مستوى مرتفع منذ الأزمة الصحية، تستدعي الانخراط في إصلاح ضريبي يحقق العدالة الجبائية
ويرتقب أن تصل المديونية الداخلية، ضمن مجموعة مديونية الخزانة في العام المقبل إلى 60.3 في المائة، بعدما وصلت في العام الماضي إلى 58.1 في المائة، مع توقع أن تبلغ 58.6 في المائة في العام الحالي، علما أنها كانت في حدود 50.8 في المائة في 2019.
ويتجلى أنه بعدما كانت المديونية الخارجية في حدود 14 في المائة في 2019، ارتفعت تحت تأثير الحاجة للتمويلات في ظل الأزمة الصحية، إلى 18.3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي في العام الماضي، حيث تواصل ذلك الارتفاع في العام الحالي لتبلغ 18.7 في المائة و19.3 في المائة في العام المقبل.
ويتجلى أن المديونية ستشكل أحد الروافد التي ستلجأ إليها الحكومة الجديدة من أجل تمويل الإنفاق العمومي، خاصة في ظل صعوبة زيادة الضغط على الفاعلين الاقتصاديين في سياق الإنعاش الاقتصادي. ويشير محافظ البنك المركزي عبد اللطيف الجواهري إلى أن اللجوء إلى الاستدانة في السياق الحالي المتسم بالتوجه نحو الإنعاش الاقتصادي، محبذ من قبل المؤسسات المالية الدولية، خاصة إذا كان ذلك سيوجه للاستثمار.