لن يقل الدعم المالي المباشر الذي ستستفيد منه الأسر في المغرب في العام المقبل عن 50 دولاراً، حيث سيتم تمويل ذلك، بشكل خاص، عبر خفض نفقات الدعم التي تخصص عبر الموازنة للسكر والدقيق وغاز الطهو.
ويأتي التوجه نحو تفعيل الدعم المباشر للأسر المعوزة، بعد أشهر من تحديث السلطات العمومية السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد في الجهات والأقاليم، والذي من المتوقع أن يساعد على تحديد الأسر المستحقة للدعم المباشر.
وتجلّى من عرض مشروع موازنة العام المقبل على البرلمان، من قبل وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، الجمعة، أن مبلغ الدعم المباشر للأسر المعوزة سيصل في العام المقبل إلى 2.5 مليار دولار.
وتشير بيانات تضمنها تقرير صادر عن وزارة الاقتصاد والمالية بمناسبة الكشف عن مضامين مشروع الموازنة، أمس الجمعة، إلى أن عدد المسجلين في السجل الاجتماعي الموحد، الذي سيتعمد بهدف تحديد المستحقين للدعم المباشر، وصل إلى 9.7 ملايين شخص، أي ما يمثل 2.8 ملايين أسرة.
وكشفت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، عند تقديم التوجهات العامة لمشروع موازنة قانون مالية العام المقبل في المجلس الوزاري الخميس الماضي، أن برنامج الدعم المباشر يستهدف 60 % من الأسر المغربية غير المشمولة حالياً بأنظمة الضمان الاجتماعي.
وأكدت الوزيرة أنه تقرّر ألا تقل قيمة الدعم الاجتماعي المباشر لأول مرة في تاريخ المغرب عن 500 درهم، (حوالي 50 دولاراً) في الشهر الواحد، لكل أسرة مستهدفة، كيفما كانت تركيبتها.
ويستفاد من تفاصيل مشروع قانون مالية العام المقبل أن الإيرادات التي ستتيح تمويل برنامج الدعم المالي المباشر للأسر المعوزة، سيأتي عبر المساهمة التضامنية على الأرباح والدخول الخاصة بالشركات إلى جانب عقلنة برامج الدعم الاجتماعي الموجودة حالياً.
وتوضح وزيرة الاقتصاد والمالية أنه سيتم إصلاح نظام المقاصة الذي يوفر الدعم للسكر والدقيق وغاز الطهو بهدف استخلاص إيرادات لتمويل الدعم المباشر، هذا ما يبرر التوجه نحو خفض نفقات دعم تلك السلع بحوالي مليار دولار مقارنة بالعام الحالي كي تصل إلى 1.64 مليار درهم في العام المقبل.
وتبقى نفقات الدعم عبر صندوق المقاصة خاضعة لتقلبات الأسعار في السوق الدولية، فقد توقّعت الحكومة في الموازنة للعام الحالي أن تصل نفقات الدعم إلى 2.65 مليار دولار عبر صندوق المقاصة الذي يدعم السكر وغاز الطهو والدقيق، بعدما قفزت في العام الماضي إلى 4.5 مليارات دولار، وهو مبلغ كان في حدود 1.34 مليار دولار على مدى 2021.
ويأتي التوجه الجديد للحكومة ضمن مسعى الحكومة لتقليص الدعم الذي توفره لغاز البوتان والسكر والدقيق عبر صندوق المقاصة، حيث دأبت على التأكيد أن هذا الدعم تستفيد منه الأسر الفقيرة والغنية على حد سواء، ما يقتضي اللجوء للدعم المباشر من أجل استهداف الأسر المستحقة.
وتعبر أغلبية الأسر في البحوث حول مؤشر الثقة عن تضرر مستوى معيشتها وعدم قدرتها على الادخار ولجوئها للاقتراض لتلبية حاجيات، علماً أن ذلك يأتي في ظل ارتفاع معدل التضخم منذ العام الماضي، حيثإذ وصل في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي إلى 4.9 %، بعدما كان في نهاية العام الماضي في حدود 6.6 %.
ويرى الاقتصادي المغربي، رضوان الطويل، أن الدعم الذي تستفيد منه بعض السلع يسمح بالتحكم في التضخم، خاصة المستورد منه، ما يساعد على التحكم في القدرة الشرائية والتضخم، الذي يمكن أن ينفلت في حال التوقف عن دعم بعض السلع الأساسية.
ويتصور أنه يفترض التوجه نحو تعبئة موارد جبائية جديدة بتفعيل مبدأ العدالة الجبائية، بما يتيح تمويل الإنفاق على البرامج الاجتماعية، بالموازاة مع التصدي للممارسة التي تفي إلى الغش الجبائي.
وتدافع الحكومة عن المقاربة القائمة على الدعم المباشر للأسر الفقيرة، سواء تعلق الأمر بتلك السلع التي يدعمها صندوق المقاصة أو السكن الذي أعلن قبل أيام عن دعم السكن الذي ترنو الأسر منخفضة الدخل أو المعتبرة ضمن الطبقة المتوسطة شراءه.
وتعبر الحكومة عن خشيتها من ارتفاع نفقات الدعم عبر صندوق المقاصة، إذ تتخوّف من أن يفضي ذلك إلى التضحية ببعض البرامج الاجتماعية التي يراد منها توفير التغطية الصحية والاجتماعية بالنسبة لبعض الفئات المعوزة.
غير أن استهداف أسر بالدعم المباشر سيفضي إلى منعه عن أسر أخرى خاصة تلك التي تصنف ضمن الطبقة المتوسطة، حيث سيحملها ذلك تكاليف إضافة بسبب الزيادات التي قد تعرفها أسعار سلع مثل السكر والدقيق وغاز البوتان.