تراهن الحكومة المغربية على تحصيل نحو 1.1 مليار دولار في العام المقبل، عبر عمليات بيع مساهمات في شركات عمومية، بعدما أجلتها العام الحالي بسبب الظرفية الحالية الناجمة عن الجائحة.
لم تكشف الحكومة عن لائحة الشركات التي ستكون موضوع خصخصة في العام المقبل، غير أن مصدراً مطلعاً يؤكد لـ"العربي الجديد" أن ذلك قد يهمّ شركات سبق للدولة أن فوتت (باعت) حصصاً فيها أو شركات ما زالت تملك كامل حصصها.
ولم تنجز الحكومة عمليات الخصخصة التي برمجتها في العام الحالي، والتي توقعت منها 600 مليون دولار، نصفها كان سيوجه للموازنة والنصف الآخر لصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقررت الحكومة تأجيل عمليات الخصخصة المقررة في العام الحالي إلى 2021 و2022، حيث اعتبرت أن الظرفية المرتبطة بالأزمة الصحية وشروط السوق والآجال القانونية والتنظيمية لإنجاز عمليات الخصصة غير متوافرة في العام الحالي.
وكانت آخر عملية خصخصة قد أنجزت في العام الماضي، حيث بيعَ 8 في المائة من حصص شركة اتصالات المغرب التي درّت نحو 900 مليون دولار، بينما جُني نحو 90 مليون دولار من تفويت مساهمة الدولة في شركة تهيئة الرياض.
غير أن الحكومة لم تحول للموازنة سوى نصف إيرادات الخصخصة في العام الماضي، حيث ساهم ذلك في تخفيف العجز في الموازنة، بينما رصد الباقي لصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الذي يدعم مشاريع استثمارية.
وأكد وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، في تصريحات صحافية، أخيراً، أن الحكومة تعوّل من أجل المساهمة في تقليص عجز الخزانة في العام المقبل، على آليات التمويل المبتكرة عبر الشراكة المؤسساتية التي ستتيح تحصيل 1.4 مليار دولار، بالإضافة إلى التدبير النشيط لمحفظة المؤسسات والشركات العمومية من خلال تفويت الأصول ومواصلة عملية الخصخصة.
وتتوقع الحكومة انفلات عجز الموازنة الذي ينتظر أن يصل في العام المقبل إلى 6.5 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، مقابل 7.5 في المائة في العام الحالي، وذلك في ظل تراجع الإيرادات الجبائىة وارتفاع الإنفاق رغم السعى للتحكم في نفقات التسيير. ومن جهة أخرى، تسعى الحكومة إلى إعادة هيكلة المؤسسات والشركات المملوكة للدولة، حيث تتطلع إلى تحويل المؤسسات ذات الطابع التجاري إلى شركات مساهمة، وحلّ وتصفية الشركات التي استنفدت الغرض من وجودها أو تراجعت فعاليتها مع إحداث أقطاب قطاعية متجانسة.
ويتصور الاقتصادي إدريس الفينا، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن عملية إصلاح المؤسسات والشركات العمومية، يجب أن تُبنى على تصور استراتيجي لا يستند إلى الجوانب الفنية، بما يساعد على تجاوز الوضعية التي وصلت إليها تلك المؤسسات والشركات في الوقت الحالي. ويرى الفينا أن خطة الإصلاح يجب أن تقوم على تحليل علمي للبيانات المتعلقة بها، خاصة أن المجلس الأعلى للحسابات سبق له أن كشف عن العديد من الاختلالات التي عانت منها تلك المؤسسات والشركات المملوكة للدولة. وأكد وزير الاقتصاد والمالية محمد بنشعبون، أن تحويل الشركات المملوكة للدولة إلى شركات مساهمة، لا يعني خصخصتها، بل يراد منه تحسين حوكمتها وتمكينها من آليات التدبير الخاصة بشركات المساهمة ومساعدتها في الحصول على التمويلات. وأوضح أن هناك شركات مملوكة للدولة حولت إلى شركات مساهمة مثل المجمع الشريف للفوسفات، وبريد المغرب، والشركة الوطنية للنقل واللوجستيك، غير أنها لم تجرِ خصخصتها. ويعتبر وزير الاقتصاد والمالية أن "الخصخصة تظل خياراً أمام الدولة، يمكن اللجوء إليه حين تتوافر الشروط الضرورية مع احترام الالتزامات القانونية التي تؤطرها".